أطفال مدرسة في شرق القاهرة

سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الضوء على حملة  "اثنين كفاية" التي أطلقتها الحكومة المصرية؛ لمواجهة الزيادة السكانية في البلاد، وقالت بأنها حل غير مجدٍ أو عملي لتحجيم الانفجار السكاني. ووصفت الصحيفة المشهد في مكتب عيادة تنظيم الأسرة في مستشفى القاهرة الجديدة، حيث تضع الدكتورة صفاء حسني، صندوقًا مكتظًا بوسائل منع الحمل بجوار دفتر الزوار على مكتب صغير.

هناك ثمانية واقيات ذكرية تباع مقابل جنيه مصري واحد، وحوالي 4 أمبولات من وسائل منع الحمل عن طريق الحقن، تتكلف أقل بقليل من 9 جنيهات، بالإضافة إلى غرسات منع الحمل التي تحقن تحت الجلد لمدة ثلاث سنوات تكلف 22 جنيها، في حين أن اللولب النحاسي - وهو الشكل الأكثر شعبية  لوسائل تحديد النسل حسب العرض المقدم من قبل الدكتور حسني - يكلف 17 جنيها.

الأسعار المنخفضة، أقل بكثير من أي صيدلية مصرية، وذلك بسبب الدعم الذي تقدمه وزارة الصحة المصرية ، حيث أن أطباء مثل الدكتورة حسني ضمن حملة مصر ضد الكثافة السكانية.

وتم إطلاق برنامج حكومي يسمى "اثنين كفايا" هذا الشهر ، لتشجيع المواطنين على الحد من زيادة حجم الأسرة بالاكتفاء بطفلين فقط، وقد أعلن رئيس الوزراء ، مصطفى مدبولي مؤخرا ، أن الحكومة سوف تتوقف عن تقديم الدعم المالي للأسرة بعد طفلهما الثاني.

يشتمل البرنامج الذي تبلغ تكلفته 19 مليون دولار (15 مليون جنيه إسترليني) على ملصقات توعية بالإضافة إلى تطوير شبكة من عيادات تنظيم الأسرة المتنقلة والثابتة في جميع أنحاء مصر.

تُظهر الملصقات على جدران مترو الأنفاق، ورقة بقيمة 50 جنيهاً مصرياً، قيمتها يتم تمزيقها إلى خمسة أجزاء مع عبارة تحتها "هل تفضل تقسيم هذا إلى خمسة، أم إلى اثنين؟".

وأشارت الصحيفة إلى انه بالرغم من سعر وتوافر وسائل منع الحمل في عيادات مثل مستشفى القاهرة الجديدة إلا أن مصر أمامها طريق طويل لإقناع شعبها.وفي سياق متصل، يعتقد الخبراء المختصين أن تحديد عدد أفراد الأسر ليس هو الحل بالنسبة لبلد يولد فيه طفل كل 15 ثانية.

تقول حسني: "في بعض الأحيان يأتي المرضى إلى هنا وهم لا يعرفون شيئاً عن طرق تحديد النسل، لذا علي أن أشرح كل الطرق المختلفة.. ثم تختار المرأة، بعد إذن زوجها المناسب لهما، وعادة ما يكون زوجها هنا في أول زيارة لها، ويشهد عليها بالتوقيع على استمارة موافقة تبين أنها تفهمها، ولكنها بعد ذلك تأتي وحدها لمتابعة المواعيد".

وتعتبر الحكومة المصرية الآن مكافحة الزيادة السكانية أحد أهدافها الرئيسية، والتي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر عام 2017، بقوله "لدينا تحديين حقيقيين يواجهان بلدنا: الإرهاب والزيادة السكانية".

وأشارت الصحيفة إلى أن عدد سكان مصر الآن أكثر من 104 ملايين شخص ، بما في ذلك 94.8 مليون داخل البلاد، ويولد طفل كل 15 ثانية، مما يجعل مصر تحتل المرتبة الثالثة عشرة من حيث عدد سكان العالم.

وقد أدى هذا إلى الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل مثل المياه ، وقد يؤدي إلى تضخيم المشاكل القائمة للأسر التي تكافح في تكاليف المعيشة عقب الأزمة المالية التي بدأت عام 2016 والتي دفعت مصر إلى خفض قيمة عملتها وإثارة ارتفاع التضخم. وبحسب وكالة الإحصاءات الرسمية المصرية ، فإن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، كشف أن 27.8٪ من المصريين يعيشون تحت خط الفقر.

ونوهت الصحيفة بأن حملة "اثنتين كافية" تخفق في استهداف الأشياء التي يمكن أن تحدث فرقًا حقيقيًا عندما تقرر الأسر، لاسيما تلك التي تنتمي إلى الطبقة العاملة في مصر، إنجاب الأطفال، وبرغم من أن الحملة ستزيد من التثقيف الجنسي بالنسبة لبعض المهنيين الطبيين، ولكنها لن تبدأ برنامجاً للتثقيف الجنسي في المدارس، وهو أمر هام يتم التغافل عنه في مصر، كما يتجاهل الخيارات المتاحة للنساء اللواتي يعانين من الحمل غير المرغوب فيه ، مع اعتبار الإجهاض منطقة حساسة قانونيا في مصر. 

ومن جانبه،قال الدكتور حسين جوهر، طبيب التوليد وأمراض النساء في مستشفى يسري جوهر في القاهرة: "أعتقد أنه يجب أن يكون الأمر متعدد الاختصاصات، كأن تبدأ في المدارس تعليم الأطفال الصغار عن التربية الجنسية وأهمية موانع الحمل، بالإضافة إلى مخاطر الانفجار السكاني في المستقبل، ثم استهداف المقبلين على الزواج وتوعيتهم". 

وتابع: "لكن إذا كنت ستضع تشريعًا يعاقبهم على طفل ثالث، فعليك توفير طريق آخر لهم، إما عن طريق السماح بإنهاء الحمل عن طريق الأدوية أو حتى العيادات الإجهاضية بشكل رسمي". 

إن لب المشكلة ، حسب جوهر ، هو التفكير فيما يحفز الناس على تكوين عائلات كبيرة في مصر. وأوضح: "أننا بحاجة إلى تغيير عقلية الناس وكيف يرون الأشياء بدلاً من مجرد إخبارهم بما يجب عليهم فعله". "لا يمكنك الذهاب إلى الناس مرة واحدة كل بضعة أشهر ، وتقول أن عدد السكان كبير للغاية ولا يوجد ما يكفي من المياه ، لذلك نحتاج إلى أسر أصغر." 

ومن جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى أنه قد تفشل الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية للوصول إلى المزيد من الأطباء المحافظين في المناطق الريفية، الذين يميلون أكثر لنقل الرسالة إلى المرضى بأن كل طفل نعمة، أو للحد من المعلومات حول وسائل منع الحمل. 

وبدورها، تقول الدكتورة ناتاليا كانم، رئيسة صندوق الأمم المتحدة للسكان، التي اشتركت في شراكة مع الوزارات المصرية من أجل حملة "اثنين كفاية": "الحقيقة هي أنه في كل بلد، لا تستطيع الحكومة تغطية كامل الأطياف"، "يمكن لمقدمي الخدمات من القطاع الخاص التضليل، أو حتى إجراء ما يسمى بختان الإناث،لذا مهمتنا هي نشر المعلومات الحقيقية هنا لمواجهة الأساطير". وأكدت "كايم" أنه إذا أخذت الأمهات قرار تأجيل الإنجاب، فإن نصف عدد السكان سينخفض.

وقد يهمك ايضا : السيسي يبحث مع "أبو مازن" دور العرب في دعم القضية الفلسطينية
                  السيسي يُؤكّد على مواصلة الجهود مع الأطراف الفلسطينية لتحقيق المُصالحة