غزة – علياء بدر
انطلقت في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، الإثنين، أعمال المؤتمر القانوني "حقوق الأحداث وسبل تمكينهم من الوصول للعدالة"، المنظم من العيادة القانونية في كلية الشريعة والقانون في الجامعة، ضمن مشروع طلبة من أجل العدالة، بالشراكة مع برنامج "سواسية"، البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، "برنامج تعزيز سيادة القانون العدالة والأمن للشعب الفلسطيني 2014-2017".
وأقيم المؤتمر في قاعة المؤتمرات الكبرىفي بمركز المؤتمرات في الجامعة، بحضور كل من عميد كلية الشريعة والقانون، الدكتور ماهر السوسي، رئيس المؤتمر، وعميد شؤون الطلبة، ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، الدكتور ماهر الحولي، ومدير العيادة القانونية، ورئيس اللجنة التحضيرية، الدكتور محمد النحال، وممثلة عن برنامج "سواسية"، آية أبو بشير فيما حضر أعمال الجلسة الافتتاحية، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة، الدكتور أحمد بحر، وعددًا من القضاة، ووكلاء النيابة، والمحامين، ورجال الإصلاح والدعوة، وجمع من أعضاء هيئة التدريس والطلبة في كلية الشريعة والقانون.
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، لفت السوسي، إلى أن كلية الشريعة والقانون منذ تأسيسها في العام 1978، دأبت على معالجة القضايا الأكثر أهمية، ومساسًا بواقع المجتمع الفلسطيني، ومعالجة مواضيع الحقوق على سبيل الشرع أو القوانين وأكّد السوسي، على دور الكلية الفاعل والواضح في حدوث تغييرات في الجانب القانوني، كونها عقدت أربعة مؤتمرات سابقة ذات علاقة وطيدة بحقوق المجتمع الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الكلية تحاول من خلال المؤتمر، أن تتحدث عن حقوق فئة ضعيفة وهشة، لا تستطيع أن تطالب بحقوقها، وأن تصل للقضاء.
ومن ناحيته، شدد الحولي أن وصول الأحداث للعدالة حق أساسي، وشرط جوهري لتعزيز حقوق الأحداث، وتمكينهم من الوصول للمعلومات، وسبل العدالة الفعالة للمطالبة بحقوقهم عن طريق المؤسسات الحقوقية، وتزويدهم بالإرشادات اللازمة لهم، ذاكرًا أن وصولهم للعدالة لا يزال يشكّل عائقًا كبيرًا لعدة أسباب، منها جهلهم بحقوقهم، وعدم فهمهم للنصوص القانونية، وعدم معرفتهم بالمؤسسات الحقوقية، أو تعرضهم للقمع من ذويهم، واعتقادهم بأنه لا يتم التعامل بجدية مع شكواهم.
كما طالب الحولي، بضرورة انتزاع التشريعات صفة الجرم عن الأفعال التي تصدر عن الأحداث، وأن تعمل على حماية الحدث من العنف، وتضمن وصوله للعدالة، وتحفظ حقوقه المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، والقوانين الدولية وعلى سياق متصل، نوّه النحال إلى أن الأحداث هم الشريحة الأكثر أهمية وحساسية في المجتمع، وأن هناك أعداد كبيرة لا تزال محرومة من الحاجيات الأساسية، موضحًا أن المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على واقع الأحداث في فلسطين، والتشريعات المهتمة بهم، ومدة توافقها مع المعايير الدولية، ودور المؤسسات الحكومية والحقوقية تجاههم، بالإضافة إلى الحديث عن قضاء الأحداث.
بدورها، عبّرت آية أبو بشير، عن اعتزاز برنامج سواسية بالشراكة مع الجامعة الإسلامية، الممثلة النموذج المميز بشركاتها مع الجامعات المحلية والدولية، والمجتمع المدني، للوصول لمجتمع واعِ يحترم حقوق الانسان، وسيادة القانون، لافتة إلى أن تحقيق التنمية ينطلق من التمكين القانوني، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي. كما بينت آية، أن المؤتمر جاء ليسلط الضوء على الأحداث، وتوفير الحياة الكريمة لهم، مشيرة إلى ضرورة التركيز على الفئات الأكثر ضعفًا، وأن الطفل سواء كان جاني أم مجني عليه بحاجة لحماية فعالة تضمن وصوله للعدالة، منوهة إلى وجود حاجة ماسة لتوحيد الجهود لتقديم الحماية القانونية للأحداث، واستخدام آليات الضغط كافة، لتغيير المواد القانونية المجحفة بحق الأطفال.
وفيما يتعلق بالجلسات العلمية للمؤتمر، فقد تناول ثلاث جلسات علمية، إذ ترأس الجلسة الأولى، أستاذ الفقه وأصوله في الجامعة، الدكتور زياد مقداد، وكانت الجلسة تحت عنوان "واقع الأحداث في المجتمع الفلسطيني، وموقف التشريعات المحلية والدولية من حقوق الأحداث" فيما استعرض الباحث من وزارة الشؤون الاجتماعية، بدر الأغا، واقع وآفاق مؤسسة الربيع لرعاية وحماية الأطفال الأحداث في قطاع غزة، مطالبًا بضرورة تعديل قانون الأحداث الخاص بعام 1938، مع الإبقاء على القوانين التي تصب في مصلحة الأطفال على خلاف مع القانون.
وتناول كلًا من أستاذ الفقه المقارن في الجامعة، الدكتور سالم أبو مخدة، والمحاضر في كلية الشريعة والقانون، الدكتور خليل قنن، التدابير الشرعية الوقائية لحماية الأحداث من التكنولوجيا، مطالبًا الجهات المختصة بالعمل على تقنين استخدام التكنولوجيا بما يتوافق مع القانون، ومراعاة العادات والتقاليد، بما يضمن حفظ المصالح، ودرء المفاسد ومن جانبه، قدم عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والقانون، عاطف برهوم، ورقة عمل تحت عنوان "تدرج الأهلية الجزائية للأحداث، والعقوبات المقررة عند الجنوح" وفق ما ورد في القرار بقانون رقم 4 لعام 2016 بشأن حماية الأحداث، داعيًا إلى ضرورة الفصل بين الجنايات والجنح من حيث المحكمة بمحاكمة الأحداث الجانحين، واستحداث غرفة في محكمة النقض تختص بقضاياهم، من أجل توحيد العمل القضائي في حقوق الأحداث.
بينما شارك عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والقانون، الدكتور ياسر فوجو، بورقة عمل تحت عنوان "حماية الأحداث في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية"، مؤكدًا على ضرورة صياغة الحماية الشرعية للأحداث في لوائح قانونية يسهل الوصول إليها وتطبيقها، وتوعية المجتمع بوسائل حمايتهم من حيث الجواز والخطر.
كما تحدث كلًا من عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والقانون، الدكتور خالد الصليبي، ومعيد في كلية الشريعة والقانون، عبد الله صالحة، موانع عقاب الأحداث بين الشريعة والقانون، موصيان بضرورة مراعاة القضاة لأحوالهم، وتجنيبهم ويلات العقوبات بما يتلاءم مع أوضاعهم النفسية والاجتماعية، وعمل دورات دورية متخصصة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لرعايتهم وتأمينهم في المراحل القضائية كافة.
ومن جهتهم، وقف كلًا من عميد كلية الشريعة والقانون، الدكتور ماهر السوسي، والناشط الحقوقي من مركز حماية الطفل، الأستاذ وسيم الشنطي، على التدابير التأديبية لرعاية الأحداث بين الشريعة الإسلامية والقانون، مطالبين بمتابعة المؤسسات الخاصة برعاية الأحداث وتأديبهم، والعمل على تطويرها بما يتناسب مع الهدف الذي أنشأت من أجله، وخفض عمر الحدث إلى 15 عامًا، ومعاملة من هم فوق 15 عامًا على أنهم بالغين.
وبشأن الجلسة الثانية للمؤتمر، فقد ترأسها أستاذ الفقه المقارن في الجامعة، الدكتور رفيق رضوان، تحت عنوان "واقع الأحداث في المجتمع الفلسطيني، وموقف التشريعات المحلية والدولية من حقوق الأحداث"، إذ تطرق القاضي جمال عبدالعال قاضي، إلى أسباب جنوح الأحداث في المجتمع الفلسطيني "قطاع غزة"، مطالبًا بضرورة إشراك الأسرة والمدرسة، والمؤسسات الاجتماعية والوزارات ذات العلاقة في إعادة تأهيل الجانحين، والعمل على تأسيس برامج تعليمية تربوية، ومهنية تسهم في تثقيف وتعليم الأحداث الجانحين.
فيما لفت مدير الشؤون القانونية في المجلس التشريعي، أمجد الأغا، إلى تطور السياسة التشريعية الفلسطينية في مجال عدالة الأحداث، موصيًا بضرورة إصدار تشريعات موحّدة تتناسب مع مبدأ الوحدة الإقليمية في الضفة وقطاع غزة، لا سيما في قضاء الأحداث، وأن يكون التشريع الخاص بهم متسعًا، ليشمل التدابير الوقائية والعلاجية ضمن السياسة الجنائية العامة بينما عرج أستاذ القانون المدني في الجامعة، الدكتور حسام الدين الدّن، على عقوبة جلد الأحداث الجانحين في التشريعات الفلسطينية "دراسة تحليلية نقدية"، مؤكدًا على ضرورة إلغاء عقوبة الجلد المقرة في بعض التشريعات القانونية الخاصة بالأحداث، عند عمر أي تشريعات جزائية جديدة.
وتطرق رئيس مجلس القضاء الشرعي، الدكتور حسن الجوجو، إلى حقوق الأحداث في قانون الأحوال الشخصية، منوّهًا إلى ضرورة رفع عمر الحضانة للنساء، لا سيما المطلقات أسوة بالأرامل اللواتي حبسن أنفسهن لتربية أبنائهن فيما استعرض أستاذ القانون المدني في الجامعة، الدكتور عفيف أبو كلوب، حدود سلطات الولي على أموال القاصر في القانون الفلسطيني "دراسة تحليلية"، داعيًا إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المجالات كافة، وإنشاء إدارة خاصة مهمتها رعاية شؤون القاصرين، والرقابة على أعمال الأوصياء.
وأشار كلًا من الباحث القانوني، الدكتور شريف بعلوشة، والباحث والمحامي القانوني، الدكتور عمر التركماني، إلى الضمانات الخاصة بالأحداث الجانحين أثناء مرحلة الاستجواب، وأوصيا بسرعة تطبيق القواعد والأحكام والضمانات الخاصة بهم، والمنصوص عليها في القرار بقانون رقم 4 لعام 2016 بشأن الأحداث كما شارك كلًا من عميد شؤون الطلبة، الدكتور ماهر الحولي، والمحاضرة في جامعة فلسطين، ياسمين الحولي، بورقة عمل تحت عنوان "ضوابط تأديب الأحداث في الشريعة الإسلامية والآثار المترتبة عليها"، منوهين إلى أنه يشترط في تأديب الصغير تعزيرًا، وأن يكون مميزًا لا أن يبلغ عمر معين.
أما الجلسة العلمية الثالثة، فكانت تحت عنوان "آليات حماية الأحداث، وسبل تمكينهم من الوصول إلى العدالة"، وترأسها الدكتور حسام الدين الدن، وتحدثت فيها الباحثة القانونية، خلود إمام، بشأن سلطة القاضي التقديرية في تفريد العقوبة المتعلقة بالأحداث، مؤكدة على أهمية تكاتف الجهود مع بعضها البعض لتحقيق العدالة المنشودة للحدث.
بينما شارك كلًا من الأستاذ بالقانون الجنائي في الجامعة، الدكتور نزار قشطة، والمحاضر في كلية الشريعة والقانون، الدكتور تامر القاضي، بورقة علمية بشأن الحماية الإجرائية للأحداث في مرحلة التحقيق الابتدائي في التشريع الفلسطيني، مطالبا بضبط الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بتحديد مدة معينة لمدة الحبس الاحتياطي في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، بحيث لا يتجاوز الحبس الاحتياطي ستة أشهر في الجنح، وثمانية عشر شهرًا في الجنايات.
وناقش كلًا من القاضي في محكمة الصلح، محمد أبو مصبح، والقاضي في المحكمة العليا، أنعام انشاصي، الحماية القضائية للأحداث في فلسطين، مشددين على ضرورة تأهيل الأجهزة الإدارية المساندة لعمل القاضي، والنص على شرطة متخصصة ونيابة متخصصة للأحداث وقدم رئيس قسم الشريعة والقانون، الدكتور أنور الشاعر، ومنسق مشروع الانتخابات في العيادة القانونية، أحمد طوطح، ورقة عمل تحت عنوان "حقوق الأحداث المعتقلين في ضوء الانتهاكات "الإسرائيلية" للاتفاقيات الدولية"، مونوّهين إلى ضرورة تشكيل لجنة قانونية دولية لمراقبة الانتهاكات الممارسة ضد الأسرى الأطفال في السجون "الإسرائيلية".
فيما عرج رئيس نيابة غزة الجزئية، الأستاذ يحيى الفرا، على آليات تفعيل نيابة متخصصة بالأحداث، موصيًا بإنشاء مؤسسات إصلاحية ذات طابع تهذيبي وتعليمي وتدريبي، وليست ذات حجز عقابي، وتطوير العلاقة ما بين مراقب السلوك والنيابة والشرطة بينما تناول المحاضر في كلية الشريعة والقانون، الدكتور هاني غانم، والمعيد في كلية الشريعة والقانون، أحمد صالحة، حماية الأطفال من التجنيد في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني "دراسة تحليلية"، مطالبين بإنشاء وحدات لحماية الأطفال في إطار الجيش، وعقد اتفاقية دولية خاصة بحمايتهم من التجنيد في زمن النزاعات المسلحة.