شرطي تونسي بعد تظاهرات في العاصمة التونسية

أوقفت السلطات التونسية نحو 780 شخصا، منذ بدء المظاهرات التي تشهدها البلاد الاثنين، احتجاجا على الإجراءات التقشفية، وأوضح الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية، خليفة الشيباني، لإذاعة "موزاييك إف إم"، أنه لم تسجل أعمال عنف أو نهب مساء الخميس في البلاد، مؤكدا أن الصدامات بين الشبان ورجال الشرطة كانت "محدودة" و"غير خطيرة"، لكنه أضاف أن 151 شخصا "متورطين في أعمال عنف" أوقفوا الخميس في البلاد، مما يرفع عدد المعتقلين حتى الآن إلى 778 شخصا منذ الاثنين

واحتجز عدد من الناشطين اليساريين في الأيام الأخيرة، بينما تتهم الحكومة المتظاهرين بأن المعارضة تحركهم، وتظاهر العشرات من أعضاء الجبهة الشعبية صباح الجمعة أمام محكمة قفصة (جنوب)، بعد توقيف اثنين من المسؤولين المحليين للحزب ومسؤول نقابي، إزاء اتهامات لهم بالتحريض على الاضطرابات، ورشق عشرات الشباب في سليانة المدينة الواقعة شمال غربي البلاد، عناصر قوات الأمن بالحجارة لثلاث ساعات مساء الخميس ليل الجمعة، لترد قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع.

وبقي الوضع هادئا في القصرين وتالة وسيدي بوزيد في وسط البلاد، وكذلك في طبربة، المدينة التي تبعد نحو 30 كيلومترا غربي العاصمة وشهدت تظاهرات وصدامات في الأيام الماضية، كما بقيت ضاحية تونس هادئة ليل الخميس الجمعة، وطلبت منظمة العفو الدولية، الجمعة، من قوات الأمن ضبط النفس، بينما دعت حركة "فاش نستناو؟" (ماذا ننتظر؟) التي بدأت في مطلع العام حملة احتجاجية على غلاء الأسعار، إلى تحرك جديد الجمعة، وطلبت من قوات الأمن "عدم استخدام القوة المفرطة والكف عن اللجوء إلى مناورات ترهيبية ضد المتظاهرين السلميين"، وأضافت أنه "على السلطات التونسية ضمان أمن المتظاهرين غير العنيفين والعمل على ألا تلجأ قوات الأمن إلى القوة، إلا عند الضرورة القصوى وبشكل متكافئ".

وتراجعت في تونس حدة الاحتجاجات الليلية العنيفة ضد ارتفاع الأسعار، فيما يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة، بعد مواجهات لثلاثة أيام على التوالي، فيما دعت «الجبهة الشعبية» المعارِضة إلى تظاهرة كبرى، الأحد المقبل، تزامنًا مع الذكرى السابعة لسقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، واتهم رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، الجبهة بالتحريض على الفوضى والعنف واعتبر أنها «غير مسؤولة»، وتواصلت الأزمة الاجتماعية والسياسية بسبب الاحتجاجات ضد التقشف في الموازنة، واعتقلت قوات الشرطة مئات المشبوهين بتنفيذ سرقات ونهب، ما استدعى انتشار وحدات الجيش التونسي في مدينة تالة قرب الحدود مع الجزائر عقب إحراق مركز للشرطة هناك.

وفي مدينة تالة التابعة لمحافظة القصرين "وسط غرب"، انسحبت وحدات الأمن بعد إحراق محتجين مركز الشرطة في المدينة، وانتشر الجيش مكانها لتأمين المنشآت العامة والمحلات التجارية، مع تأكيد الداخلية أن حدة الصدامات تراجعت مقارنة بأول أيام الاحتجاجات مع اقتراب الذكرى السابعة لثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وأرجأ اتحاد كرة القدم التونسي كل المباريات التي كان مقررًا أن تقام في نهاية الأسبوع إلى وقت لاحق بسبب الأوضاع الأمنية، وسجلت احتجاجات بوتيرة أقل من الأيام السابقة ليل الأربعاء- الخميس، وشملت مدن باجة وسليانة "وسط غرب" ونابل وسوسة والمهدية "شمال شرق" والقصرين "غرب" إضافة إلى بعض المناطق قرب العاصمة حيث قامت مجموعات بتخريب بعض المحلات والمنشآت وسرقتها.

ولم يستبعد الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد خليفة الشيباني، في تصريح صحافي، وقوف «أطراف متشددة» وراء أعمال العنف والنهب، حيث أكد وجود عناصر وصفها بـ «المتطرفة» ضمن الموقوفين، بسبب تورطها في أعمال الشغب واعتزامها حرق مقرات أمنية في محافظة القصرين، وتحوّل تشييع الشاب الذي توفي اختناقًا منذ يومين خلال الاحتجاجات في بلدة طبرية "غرب" تظاهرةً وصدامات بين مئات المشاركين وقوات الأمن، بينما رشق متظاهرون في سليانة والقصرين وتالة بالحجارة عناصر الشرطة التي استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وحمّل رئيس الحكومة مسؤولية تدهور الوضع الأمني إلى «الجبهة الشعبية» المعارضة، واعتبر أن «خطابها غير مسؤول ويحرض على الفوضى»، وزاد: «أنا أسمي الأمور باسمائها... الجبهة الشعبية غير مسؤولة». لكن الجبهة رفضت هذه الاتهامات، الخميس، ورأت إن «الشاهد يسعى إلى إلقاء تبعات فشله على غيره»، مضيفةً أنها ستواصل دعم الاحتجاج السلمي ودعت إلى تظاهرة كبرى يوم الأحد المقبل تزامناً مع الذكرى السابعة لإطاحة بن علي، ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة عمالية في البلاد، إلى «الإعلان فورًا عن رفع الحد الأدنى للأجور ومِنَح العائلات المعوزة وحراسات التقاعد المتدنية إضافة إلى قرارات لمصلحة الشباب العاطلين من العمل"، وشدد الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، على ضرورة عقد مؤتمر حوار اقتصادي واجتماعي في أقرب وقت واتخاذ «قرارات جريئة»، ويُنتظر أن تعقد الحكومة اجتماعًا تشاوريًا مع الأحزاب والمنظمات في الأيام المقبلة لدرس الوضع الاجتماعي المتفجر، مع استبعادها أن تتخذ قرارًا بالتراجع عن فصول قانون الموازنة للعام الجاري على رغم ضغط المعارضة والمحتجين.