الاحتلال الإسرائيلي رفض 46% من طلبات سفر مرضى غزة منذ مطلع 2017

رصد تقرير حقوقي، الثلاثاء، رفض الاحتلال الإسرائيلي 46% من عدد طلبات السفر بغرض العلاج لمرضى من قطاع غزة منذ مطلع العام الجاري من إجمالي أكثر من 10 ألاف طلب تم تقديمه بهذا الخصوص وأكد التقرير الصادر عن مركز "الميزان لحقوق الإنسان"، أن رفض تلك الطلبات يتم دون الاكتراث بحق المرضى في الحياة كحق إنساني أصيل تُبنى عليه منظومة حقوق الإنسان، ووثق المركز منذ مطلع العام الجاري وفاة طفلين و3 سيدات ومسن أثناء انتظارهم الحصول على تصاريح المرور لتلقي العلاج جراء استمرار سياسة المماطلة والابتزاز الإسرائيلي.

ونبّه المركز إلى أن ذلك يتم في وقت تتضاعف فيه أوضاع المرضى تعقيداً بخاصة في ظل استمرار إغلاق معبر رفح البري وعدم فتحه بانتظام وتصاعد أزمة انقطاع التيار الكهربائي مما فاقم من تدهور الأوضاع الصحية.

وأكد التقرير الحقوقي انتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل منظم لحقوق المرضى في قطاع غزة بما يشكل انتهاكاً واضحاً لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

واستعرض التقرير أوضاع المرضى في غزة "التي تشهد تدهوراً خطيراً جراء القيود المشددة للاحتلال على حريتهم وحرمانهم من الحصول على التصاريح التي تمكنهم من اجتياز حاجز بيت حانون "إيرز" للسفر وتلقي العلاج الضروري واللازم في الخارج".

وتناول التقرير الإغلاق وانعكاسه على القطاع الصحي حيثُ شكلت القيود المشددة المفروضة على حرية حركة وتنقل الأفراد والبضائع جراء الحصار المفروض أحد الانتهاكات الخطيرة "التي قوضت خدمات الرعاية الصحية في كثير من الأحيان، وقيدت من فرص تطوير وتنمية القطاع الصحي"، ونبه إلى أنه بموازاة ذلك يتم منع دخول الأجهزة والمعدات الطبية المتطورة والحديثة، إلى جانب استهداف الاحتلال للمرافق الطبية وقصفتها بالصواريخ والقذائف خلال عدوانه العسكري المتكرر على قطاع غزة، كما تناول التحويلات الطبية التي تجريها وزارة الصحة الفلسطينية للمرضى الذين يتعذر - في ظل محدودية الإمكانيات الصحية - علاجهم في قطاع غزة ومنهم مرضى السرطان، ومرضى القلب المفتوح، ومرضى العيون ومرضى العظام ومرضى جراحة المخ والأعصاب، ومرضى الغدة النخامية وخزاعة الكلى.

وأشار التقرير إلى معايير ومتطلبات تحويل المريض وسلسلة الإجراءات الطبية والإدارية التي يخضع لها الملف الطبي للمريض، وعمليات المراجعة والتدقيق من اللجان المختصة في دائرة العلاج بالخارج، والفحوصات التي تجريها اللجنة الطبية، وإرسال الملف إلى دائرة التنسيق والارتباط في وزارة الصحة، وبين أنه بعد استيفاء الوثائق اللازمة يرسل الملف إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي عبر قسم التنسيق والارتباط في وزارة الصحة الفلسطينية للحصول على تصريح يسمح للمريض من غزة باجتياز حاجز بيت حانون (إيرز).

وأظهر التقرير البيانات والأرقام التي تشير إلى ارتفاع عدد المرضى والحالات المحولة خلال السنوات الماضية مدفوعة بالزيادة السكانية، والتأثير السلبي والعميق للحصار المفروض على قطاع غزة الذي أفضى إلى تدهور أوضاع الخدمات الصحية، ونقل التقرير عن مصادر وزارة الصحة أنه بلغ عدد التحويلات (13.764) تحويلة عام (2012م)، وارتفعت النسبة إلى (53.6%) وسُجلت (21.152) تحويلة عام (2016م).

وأوضح المركز نتائج طلبات المرضى، حيث تقف القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال عقبة كؤود أمام قدرة المريض على الوصول إلى المستشفى، كما أن استيفاء المريض للإجراءات كافة وحصوله على التحويلة لا يعني على الإطلاق أن المريض سيحصل على الموافقة بالسفر لتلقى العلاج.

وذكر التقرير أن سلطات الاحتلال تتذرع بحجج أمنية واهية "حيث تؤكّد ظروف المرضى وأوضاعهم الصحية مدى زيف هذه الذرائع، كون المريض لا يمكن أن يشكل خطراً أمنياً في أي حال من الأحوال، فحالة المرضى الصحية لا تؤهلهم القيام بأبسط الأنشطة الفسيولوجية، حيث إن العديد منهم يرقد في أقسام العناية الفائقة في المستشفيات".

وأورد التقرير سياسة الرفض والمماطلة التي تتبعها سلطات الاحتلال في منح كثير من المرضى تصاريح المرور، ودون إبداء سبب واضح يُمَكّن المريض من متابعة حالته أو الدفاع عن حقه في حرية الحركة والتنقل وحقه في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

ولفت التقرير إلى أن المرضى وفي ظل هذه الإجراءات أصبحوا لا يفكرون كثيراً بنتائج العلاجات التي سيخضعون لها بقدر قلقهم على قدرتهم على الوصول إلى المستشفى وتلقي العلاج، مما يسبب مضاعفات صحية شديدة الخطورة لهم تتجاوز كونها عقوبات جماعية لتتحول إلى عمليات ابتزاز وقتل منظم وإن كانت بطريقة غير مباشرة، كما أن منح التصريح مرات ورفضه أخرى يشير إلى نية واضحة بتعطيل رحلة العلاج والإسهام بتدهور الحالات الصحية خاصة عندما يتعلق الأمر بمرضى السرطان بحسب التقرير ذاته.

وعرض التقرير عددًا من الروايات الإنسانية المؤلمة، والأرقام المفزعة جراء معاناة المرضى وذويهم في ظل الرفض والفحص الأمني، ومنعهم غير المبرر من الوصول إلى المستشفى، وتعريض حياتهم للخطر لرفضهم الرضوخ لابتزاز سلطات الاحتلال ومساومتها لهم لإجبارهم على العمل لصالح أجهزتها الأمنية.

وخلص التقرير إلى أن سلطات الاحتلال ترتكب انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال جملة من الإجراءات والممارسات التي تنتهجها، والتي تظهر تحلل سلطات الاحتلال الواضح من أبسط التزاماتها التي تقع على عاتق سلطات الاحتلال الناشئة عن كونها طرفاً في اتفاقية جنيف الرابعة، وتعلق تلك الالتزامات في اتفاقية جنيف الرابعة بخدمات الرعاية الصحية وإمداداتها التي تصل إلى حد الالتزام بتقديم الخدمة لسكان الأراضي المحتلة مثلما تقدم لمواطني دولة الاحتلال نفسها.

وطالب التقرير باتخاذ المجتمع الدولي خطوات ملموسة وعاجلة لإنقاذ المرضى المصابين بأمراض خطيرة وممن هم بحاجة ماسة للعلاج خارج قطاع غزة، ووقف حالة العذاب والألم الذي يتجرعونه هم وذووهم في قطاع غزة، كما طالب المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال لاحترام وتنفيذ الالتزامات الناشئة عن القانون الدولي الإنساني، ولا سيما المادة الأولى المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، التي تفرض على الدول الأطراف كافة ليس فقط احترام التزاماتها بموجب الاتفاقية بل ومنع الأطراف الأخرى من ارتكاب انتهاكات لها، وملاحقة ومسائلة كل من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أو بالمسؤولية عن ارتكابها.

وجدد التقرير الحقوقي مطالبة المجتمع الدولي بإنهاء حصار غزة "الذي يشكل جريمة حرب واضحة ومستمرة ويؤثر على جملة حقوق الإنسان في القطاع"، مشددا على ضرورة تفعيل مبدأ المحاسبة وأن استمرار تمتع دولة الاحتلال ومسئوليها بالحصانة يحرم الفلسطيني من الوصول إلى العدالة.