الاحتلال الإسرائيلي

بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ الأربعاء، إجراءات متسارعة لهدم تجمع "الخان الأحمر" البدوي شرقي القدس المحتلة، إذ مارست أساليب "انتقامية وقمعية" بحقّ كل ناشط وصحافي ومتضامن يوجد بالقرب من المكان.
وقالت الصحفية هبة أصلان، التي تعمل لدى موقع "الجزيرة.نت": "إنها كانت تُحاول الوصول إلى تجمع الخان الأحمر مع عدد من الصحافيين، قبل أن تمنعهم عناصر الشرطة "الإسرائيلية" من الدخول".
وأضافت أصلان في حديث لـ"قدس برس"، أنها ولدى تمكنها من دخول التجمع، لحق بها أحد عناصر شرطة الاحتلال، وخالفها بقيمة 250 شيكلا (ما يُقارب الـ70 دولارًا)، بحجة أنها قطعت الشارع، ووصلت إلى منطقة عسكرية مغلقة.
وتعرّضت "أصلان" للتهديد بالاعتقال في حال لم تقم بالتوقيع على المخالفة، مؤكدة أنها حاولت الوصول مرة أخرى، فمُنعت وهُدّدت بالاعتقال للمرة الثانية، إلّا أن الصحافيين الفلسطينيين لم يرضخوا لتلك الإجراءات، ولم تُرهبهم المخالفات، بل اتخذوا طرقًا بديلة حتى وصلوا إلى تجمع "الخان الأحمر" للإسناد والتغطية الإعلامية، وإيصال رسالتهم للعالم أجمع.
وأفاد الناشط المقدسي فخري أبودياب، بأنه خولف بقيمة 500 شيكل (140 دولارًا أمريكيًّا)؛ لكونه كان يقل معه بسيارته متضامنين إلى منطقة "الخان الأحمر".
وصرّح أبودياب لـ"قدس برس"، بأنها "مخالفة كيدية وانتقامية" من كل حاضر أو متضامن في منطقة الخان الأحمر، مشيرًا إلى أن كل فلسطيني يمر بالمكان توقفه الشرطة الإسرائيلية وتخالفه لأسباب وحجج مختلفة.
وتابع: "ركنت مركبتي في مكان قانوني، وبعيد عن المنطقة العسكرية المغلقة، ولم أخالف القانون كما ادّعت الشرطة، التي سرعان ما غيّرت أقوالها، وقالت: إنه نقل محرّضين للخان الأحمر -على حد وصفها- وخالفتني بسبب ذلك".
وأكّد أنه لم يخالَف وحسب، وإنما طردته من المكان الشرطة الإسرائيلية، وتعرّض للاعتداء والدّفع من عناصر الاحتلال.
وخالف الاحتلال عشرات الصحافيين والنشطاء سواء من كانوا في التجمع أو محيطه، بحجج عديدة منها الوجود في منطقة عسكرية مغلقة، أو ركن مركباتهم في مكان يُعيق حركة السير وأسباب أخرى، عدّها الصحفيون "كيدية وانتقامية".
ولم تسلم سيارات الإسعاف التابعة لـ"جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" من هذه المخالفات، فقالت الجمعية في بيان لها إن "إحدى سيارات الإسعاف التابعة لها تعرّضت للمخالفة".
وبيّنت أن الشرطة الإسرائيلية حرّرت مخالفة لسيارة إسعاف أثناء محاولتها الوصول لمنطقة "الخان الأحمر" تحسبًا لوقوع إصابات.
وتجرّف جرافات الاحتلال طرقًا لتمكين آليات الاحتلال الثقيلة وجرافات أخرى من اقتحام تجمع الخان الأحمر البدوي، تمهيدًا لهدمه.
وقال الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، خلال وجوده في تجمع الخان الأحمر، إن الجرافات تجرف الأراضي حول الخان الأحمر من الساعة الثامنة صباحا، بينما اعتقل جيش الاحتلال 3 متضامنين (كندية وبريطاني وأميركي)، ويحاول اعتقال آخرين.
وذكر شهود عيان لمراسلنا أن جيش الاحتلال يطوق الدكتور مصطفى البرغوثي ومجموعة من أهالي الخان الأحمر داخل القرية وممثلي تسع دول منهم القنصل البلجيكي والدنماركي والسويسري والقنصل الفرنسي والسويدي والإيطالي والفنلندي والأيرلندي، ويمنعهم من التنقل بعد أن أدخل بلدوزر إلى داخل القرية لتجريف شوارعها.
وأكد البرغوثي أن أهالي الخان الأحمر والمتضامنين معهم تصدوا ببطولة لقوات الاحتلال ومحاولات ترحيلهم، وأنهم والتجمعات البدوية كافة يحمون بأجسادهم عروبة القدس، ويصدون محاولات تطويقها بالكامل.
ووصف ما قام به جيش الاحتلال من اعتداءات أمس بالوحشية والشراسة التي طالت النساء والأطفال، وأدت إلى إصابة خمسة وثلاثين مواطنا، وبعضهم بإصابات خطيرة.
وأضاف في بيان صحافي أن استهداف أهالي منطقة الخان الأحمر هو تطهير عرقي وتصعيد خطير لسياسة تهويد الضفة الغربية، يتوازى مع محاولات تمرير صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية.
وقال البرغوثي إن "إسرائيل" تسعى إلى ضم وتهويد أكثر من٦٠٪ من الضفة الغربية من خلال الاستمرار في الاستيطان والاستيلاء على أراضي الشعب الفلسطيني.
وأكد أنها ليست صدفة أن الإجراءات "الإسرائيلية" ضد تجمعات الخان الأحمر وأبونوار تتوازى مع الاقتطاعات "الإسرائيلية" غير الشرعية، الأموال، الضرائب  الفلسطينية، والهجمة على الأسرى وعائلات الشهداء.
ودعا البرغوثي جماهير شعبنا إلى أوسع حملة إسناد للتجمعات البدوية في مواجهة الإجراءات العنصرية "الإسرائيلية".
من جهة أخرى، كتبت صحيفة "هآرتس" العبرية، الخميس، أن مجموعة من الدول الأوروبية انضمت إلى النضال ضد قرار "إسرائيل" هدم تجمع "الخان الأحمر" البدوي، شرق مدينة القدس.
وذكرت أن دول بريطانيا وفرنسا وإيرلندا أدانت هذه الخطوة، كما أن من المتوقع أن تنضم إليها دول أخرى. 
وقال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، إن بلاده احتجت لدى "إسرائيل" حول هذه الخطوة، وطالبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية "إسرائيل" بالامتناع عن "أي خطوة تهدف إلى توسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة أو ترسيخها".
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي انضم أيضا إلى إدانة القرار، حيث جاء في بيان الاتحاد الأوروبي "أن عمليات الهدم هذه، إلى جانب مخطط إقامة مستوطنة إسرائيلية جديدة على نفس الأرض، تزيد من التهديدات التي تواجه إمكانية حل الدولتين، وتقوض احتمالات تحقيق سلام دائم". وانضم مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادنوف إلى الإدانة.
وقال الوزير البريطاني أليستر بيرت، خلال نقاش برلماني، إن مندوبة بريطانية كانت موجودة في القرية عندما بدأت الجرافات بالعمل تمهيدا لإخلاء القرية، وقال "إننا نتأسف وندين هذه الخطوة التي تقوض احتمالات حل الدولتين في المستقبل".
وأكد نواب آخرون تحدثوا في الاجتماع أنهم ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها شريك مهم وأنهم يدعمون حقها في الدفاع عن النفس، لكنهم قلقون من التحركات الأخيرة في غياب عملية سلام مع الفلسطينيين، وقال آخرون إن على بريطانيا أن تعترف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد ردا على إخلاء القرية وعدم رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفقا لهم، في الاعتراف بالقانون الدولي.
وقالت المتحدثة الفرنسية إن باريس تدين بدء العمل استعدادا للهدم وتعرب عن قلقها العميق إزاء هذا الوضع.
واندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال الأربعاء، أسفرت عن إصابة 35 متضامناً نُقل أربعة منهم للمشافي، في حين اعتُقل 11 آخرون من بينهم شابة من التجمع ذاته.