رامي الحمد الله

استنكر مجلس الوزراء الفلسطيني، سياسة التضليل والخداع والمراوغة وحملة التحريض التي يمارسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني وقيادته.

وقال في بيان أصدره عقب جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله، برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله: إن "صلف رئيس الوزراء الإسرائيلي وغروره مفتونًا بقوته العسكرية لن يغير من حقيقة تحمّل إسرائيل المسؤولية عن نكبة الشعب الفلسطيني، وقامت على أنقاضه قبل ثمانية وستين عاما فاقتلعته من أرضه وممتلكاته، ومزقته وشردته في مخيمات اللجوء في الوطن والشتات، بل أمعنت في نكبته باحتلال ما تبقى من الأرض الفلسطينية التي تواصل احتلالها منذ تسعة وأربعين عاما، بكل ما رافقه من قتل واعتقال وتدمير، ومن انتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهي تواصل هذه الجرائم بما تقترفه قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين ضد أرضنا ومقدساتنا وشعبنا الأعزل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما يتعرض له أهلنا في الداخل من سياسة تمييز عنصرية، وما تعرض له قطاع غزة من قتل وتدمير وحشي، وهي تواصل حصارها الظالم على قطاع غزة، وتضع المعيقات والقيود دون إعماره".

وشدَّد مجلس الوزراء على أن "دولة الاحتلال لم تتوقف يوما رغم ادعاءاتها الكاذبة برغبتها بالسلام، عن ترسيخ احتلالها، وإحكام مشروعها الاستيطاني الاستعماري في الضفة الغربية، واستكمال تهويد وضم مدينة القدس، ومواصلة السيطرة على اقتصادنا ونهب مقدراتنا ومواردنا الطبيعية، والتحكم في كل مجريات حياتنا، وترفض بل وتعمل على إفشال أي جهد دولي يهدف إلى الإقرار بحقوق شعبنا، وتمكين شعبنا من تجسيد سيادته واستقلاله، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما ترفض تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من أرضهم وديارهم بالقوة والإرهاب، وتستمر في احتجاز الآلاف من أسرانا البواسل الذين يتعرضون لأبشع أشكال الظلم والقهر والتعذيب والتنكيل في المعتقلات الإسرائيلية".

وأكد المجلس أن المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية عن محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي لقلب الحقائق وتزوير التاريخ نتيجة صمته على السلوك الإسرائيلي العدواني، ورفضه الإدانة الصريحة للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بتعليمات رسمية من حكومتها، وإدانة الإجراءات والقوانين العنصرية التي تفرضها بقوة الاحتلال، وباستخدام لغة المحاباة لإرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه إسرائيل، ولرفضه رفع الحصانة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية عنها، ومحاسبتها عن جرائمها البشعة بحق شعبنا.

وأكد المجلس أن الخير الذي يتطلع إليه شعبنا ليس هبة ينتظرها من رئيس الوزراء الإسرائيلي، إنما سيحققه بصمود شعبنا الأسطوري الذي سطره أمام كل المحن والنكبات، وهي معجزة تبعث على الفخر والاعتزاز، وتزيدنا إصرارا وتصميما، مع تعاقب الأجيال بكل ما تنطوي عليه الروح الفلسطينية من إرادة وعزم وتصميم، على التخلص من الاحتلال ونيل حريتنا واستقلالنا، ونيل كامل حقوقنا الوطنية المشروعة وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها الأبدية القدس.

ووجه المجلس تحية إجلال وإكبار إلى "أسرانا الأبطال القابعين في سجون الاحتلال ومعتقلاته، تجاه ما يتعرضون له من حملة مسعورة وإجراءات تعسفية بحقهم تهدف إلى النيل من كرامتهم وصمودهم".

وحذر من تردي الوضع الصحي للأسرى المضربين عن الطعام، الذين يرفضون كافة أشكال الاعتقال وفي مقدمتها الاعتقال الإداري، وسياسة العزل الانفرادي التي تتبعها مصلحة السجون الإسرائيلية بحقهم.

وحمّل المجلس حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى المضربين عن الطعام، مطالبا كافة المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية والصحية، بالوقوف عند مسؤولياتها والضغط على حكومة الاحتلال لإلزامها بإقفال ملف الاعتقال الإداري غير الشرعي، والإفراج عن المعتقلين الإداريين، وبالاستجابة للمطالب العادلة للأسرى، في ظل ما يمارس بحقهم من أساليب قمعية مخالفة لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية وتهدد حياتهم بالخطر.

وندَّد المجلس بقيام عصابات المستوطنين واليهود المتطرفين بتنفيذ اقتحام واسع للمسجد الأقصى المبارك بحماية قوات الاحتلال، وفرض حصار عسكري على البلدة القديمة في مدينة القدس، وفرض قيود على دخول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى. وحذر المجلس من مخاطر وتداعيات سماح قوات الاحتلال الإسرائيلي للمتطرفين اليهود باستباحة المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء على المصلين وعلى حراس المسجد الأقصى وسدنته.

وطالب المجلس الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي باستشعار الخطر الحقيقي على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، ما يستدعي التحرك بشكل جدي والوقوف في وجه الأخطار المحدقة بالمدينة المقدسة، والوقوف عند مسؤولياتها لوقف اعتداءات حكومة الاحتلال وإجراءاتها العنصرية وانتهاكاتها التهويدية وحربها الدينية التي تفجرها بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.

وثمَّن المجلس "المواقف البطولية لأهلنا من المصلين والمرابطين والمعتكفين من النساء والرجال، الذين يصدون اعتداءات عصابات الاحتلال الإسرائيلي، ويحبطون مخططاتهم العدوانية العنصرية التي تستهدف أولى القبلتين.

ودعا أهلنا في الداخل وكل من يستطيع الوصول إلى القدس إلى شد الرحال، وضرورة التواجد المستمر والمرابطة في المسجد الأقصى وفي ساحاته، لرد أي اعتداء يستهدفه، وموجها الدعوة للعالمين العربي والإسلامي لتقديم الدعم العاجل لمؤازرة المدينة المقدسة ومساندة أهلنا".

وأدان المجلس بشدة قيام قوات الاحتلال بمحاصرة واقتحام مخيم الفوار جنوب الخليل منذ صباح اليوم، ومداهمة منازل المواطنين ما أدى إلى إصابة واعتقال العشرات من المواطنين. وأكد أن سلطات الاحتلال تعلن حربا على الشعب الفلسطيني باقتحامها اليومي للمناطق الفلسطينية بالتزامن مع الحملة الاستيطانية المسعورة في مختلف مناطق الضفة الغربية.

كما أدان المجلس مصادقة ما يسمى بـ"لجنة التخطيط والبناء" على مخطط لبناء 4200 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "موديعين" غرب مدينة رام الله، ومخطط سلطات الاحتلال لمصادرة 11700 دونم من أراضي بيت لحم تمهيداً لتوسيع مستوطنة "إفرات" لتصل إلى مشارف مدينة بيت لحم، إضافة إلى المخطط الاسرائيلي واسع النطاق لتعزيز الاستيطان في جنوب جبل الخليل، والمخططات لبناء 56 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "راموت" في القدس المحتلة.

واستنكر إصدار سلطات الاحتلال إخطارات بهدم جميع مساكن قرية "سوسيا" في "مسافر يطا" جنوب الخليل تنفيذا لقرار محكمة الاحتلال القاضي بترحيل سكان القرية تمهيدا للاستيلاء على أراضيها وتوسيع مستوطنة "سوسيا" المقامة على أراضي القرية، وتهديد حكومة الاحتلال بهدم مدرسة الخان الأحمر الممولة من الحكومة الايطالية، شرق القدس، وهدم الاحتلال 8 منازل وعدد من المنشآت الممولة من الاتحاد الأوروبي في جورة الخيل ببلدة سعير شرق الخليل، في انتهاك صارخ للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، واستكمالا لمخططاتها الهادفة إلى مصادرة المزيد من الأراضي وتوسيع مشروعها الاستيطاني، مطالبا المجتمع الدولي بتوفير الحماية لشعبنا في هذه المناطق وتكريس مكانتها السياسية والقانونية في الوعي الدولي، وتوفير الدعم لتنفيذ المزيد من المشاريع لتعزيز التواصل بين المناطق المسماة (ج) وباقي الأرض الفلسطينية المحتلة، وترسيخ سيادتنا الوطنية عليها، كجزء لا يتجزأ من أراضي دولة فلسطين.

وأدان المجلس المخطط الإسرائيلي لنقل البؤرة الاستيطانية "عموناه" التي كانت قد أقيمت على أراضٍ خاصة بالسرقة والتزوير لتقام على أراض يتم مصادرتها من أصحابها الفلسطينيين، في محاولة لشرعنة البؤر الاستيطانية.

وأكد المجلس أن إسرائيل ماضية في ترسيخ مشروعها الاستيطاني العنصري، وإحكام سيطرتها على الضفة الغربية، وإدامة احتلالها والحيلولة دون إقامة دولتنا الفلسطينية، وتحدي قرارات الشرعية الدولية وتجاهلها، وهي تشاهد المجتمع الدولي يقف عاجزا عن تطبيق قراراته، ويواصل معاملتها كدولة فوق القانون ويكتفي بعبارات الشجب والإدانة الخجولة، الأمر الذي يستوجب من مجلس الأمن الدولي ممارسة صلاحياته، بإصدار قرار يلزم إسرائيل بوقف كافة مشاريعها ومخططاته الاستيطانية التي تتصاعد يوميا بشكل مكثف، وضد المشروع الاستيطاني الاستعماري منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، وما رافقه من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي والإنساني، ولقرارات الشرعية الدولية.