غزة – منيب سعادة -
مازالت أزمة الكهرباء في قطاع غزة، تراوح مكانها مع اشتداد حرارة الصيف، لتلقي بظلالها على مناحي الحياة كافة، فقرابة مليوني غزي يفتقدون الحد الأدنى من مقومات الحياة، فيما تعاني المؤسسات والمستشفيات من شلل كبير في عملها، مع غياب التيار الكهربائي لأكثر من عشرين ساعة يوميًا.
التعايش مع الأزمات !!
"تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي" بهذه الكلمات بدأ محمد أبو دقة كلامه معقباً على أزمة الكهرباء، ما بنقدر نعمل شيء كل شيء مرتبط في الكهرباء، وللأسف الكهرب ما بتيجي إلا ساعتين ما بنقدر نعمل ولا أي شيء، فقط نشحن الكشافات، بتيجي وبتروح الكهرب وما عملنا شيء، لكن بدنا ندبر حالنا ونعيش في ظل الأزمات".
وأما المواطنة أم محمد النجار، قالت "أصبحت أوضاعنا صعبة، لم نرى الكهرباء إلا ساعتين يومياً وأحيانا تأتي ليلاً ونحن نائمين، لقد سئمنا العيش في هذه الظروف القاسية وتحولت حياتنا إلى جحيم، وأصبح الشغل الشاغل لنا متى وكيف ستأتي الكهرباء، أنا بقول للمسؤولين حسوا فينا وفي أطفالنا إلى ما بيناموا بسبب الحر الشديد وما في مراوح شغالة عليهم !!.
وقال أحمد سعادة صاحب محل تجاري، "أصبحنا مثل الروبرتات، لما تشحنها بتشتغل، ولما ما تشحنها بتتوقف عن العمل ، كل يوم نخسر في البيع، فثلاجات المحل تخسر العديد بسبب فساد البضائع داخلها بسبب انقطاع لتيار الكهربائي "كالألبان والأجبان واللحوم المجمدة"، ناهيك عن شراء البنزين لتشغيل ماتور الكهرباء لعدة ساعات !!. ولكن يجب ان يستمر عمل المحل كي لا يفقد سمعته، حيث قمت بشبك خط للتيار الكهربائي عن طريق مولد كهربائي كبير كي لا تفسد البضائع في الثلاجات.
في انتظار الكهرباء !!
وأضاف المواطنة "أم أحمد قديح"، أن انقطاع الكهرباء أثر على عدم توفر المياه في بيتها لأيام طويلة بسبب عدم تشغيل ماتور الخاص بالمياه الضخ لمليء خزانات المياه لديهم، وتسبب لها بمتاعب كبيرة لعدم قدرتها على غسيل المنزل وجلي الأواني، وغسيل الملابس، وقالت ان "حياتهم أصبحت جحيم لا يطاق".
وتسارع النساء في قطاع غزة لاستغلال وصول الكهرباء بالغسيل والخبيز على الأفران الكهربائية لاستغلال ساعتين إلى أربعة فقط، ولقضاء حاجيات منازلهن مع استمرار انقطاعها لساعات طويلة جدا ودون جدول واضح مع تفاقم، فأصوات الغسالات وروائح الخبز تعبق من كل مكان.
اللدات البديل الناقص !!
وشكل ارتفاع سعر المحروقات "البنزين" وشُحها في الأسواق، عائقاً دون قدرة المواطنين لتغطية نفقات تشغيل مولدات الكهرباء المنزلية، التي اعتادوا عليها رغم تكلفة تشغيلها الباهظة بسبب الوقود التي تعمل بها، وأيضاً بسبب كبر الفترة الزمنية لانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من عشرين ساعة يومياً مما يعيق قدرة تحمل المولد الكهربائي للعمل لهذه الفترة.
وفي هذا السياق، قال المواطن أحمد ريدة، إن ارتفاع سعر البنزين يمنع المواطنين من تشغيل المولدات الكهربائية والأوضاع الاقتصادية تزداد سوءاً يوما تلو الآخر، وأضاف، "استغنيت عن المولد الكهربائي وقمت بتركيب "اللدات" مبيناً أن اللدات تعطي الإنارة فقط بعد شحن بطاريتها ، حيث قمت بشراء بطارية ولا يمكن استخدامها للأسف في تشغيل الثلاجة، أو الغسالة أو التلفزيون أو الأفران الكهربائية، بل في إضاءة اللدات، مضيفاً أن الكهرباء ساعات قليلة يومياً لا تكفي لشحناه، وبالتالي لا يمكن تشغيل اللدات أكثر من ساعتين ليلا للإنارة فقط لأنها ستضعف حتى تفصل.
أزمات متفاقمة !!
فتفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة أرست بظلالها على كافة مناحي الحياة، وتأثرت كل خدمات القطاع الصناعي والصحي والبيئي. فالأوضاع بغزة تسردها ألف حكاية وحكاية ، فغزة لا تشبه نظيراتها من المدن الأخرى بشيء، ففي كل يوم حكاية مختلفة تروي تفاصيل المعاناة والحكاية تتجدد بمسلل استمرار الاحتلال والحصار والانقسام.
ويقف المواطن الغزي عاجزاً أمام أزمات متفاقمة، في ظل حصار جائر، أنهك حياته اليومية، وانقسام سياسي أثر على كل مناحي الحياة في قطاع غزة المحاصر الذي يعيش فيه نحو أكثر من 2 مليون نسمة، فلم تجد هذه الأزمات طريقها إلى الحل منذ سنوات بل تتزايد وتشتد مخلفة وراءها العديد من الضحايا.