القدس المحتلة - ناصر الاسعد
حذَّر الشيخ عكرمة سعيد صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك من "صفقة القرن" الأميركية، مشددًا على أنها "إسرائيلية" بثوب أميركي وقال الشيخ صبري، في خطبة الجمعة بالمسجد الأقصى، إنّ بعض الدول العربية والإسلامية تلهث وراء الدول الكبرى التي تفرض وصايتها علينا، وتطرح مبادرات منها "صفقة القرن" التي في حقيقتها تمثل خطة الاحتلال بثوب أمريكي، داعيا المسلمين الذين يزيد عددهم على مليار وثمانمائة مليون أن يصحوا مِن غفلتهم وأن يحتكموا لكتاب الله وسنّة رسوله، وحينئذٍ يتمكن المسلمون من استعادة وحدتهم وكرامتهم وعزتهم وقوتهم واستقلالهم.
وأدى 250 ألف مصلٍّ في المسجد الأقصى، رغم عراقيل الاحتلال وإجراءاته التي منعت عشرات الآلاف من الوصول واستعرض الشيخ صبري في خطبة صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان في المسجد الأقصى، ما يتعرض إليه المسجد من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين، ومحاولات التزييف والتزوير والخداع بحقه.
وأشار إلى وضع صورة مجسم لما يُدعى بهيكل سليمان المزعوم، مكان صورة مسجد الصخرة المشرفة، وتوزيعُ هذه الصورة على وسائل الإعلام لجذب اليهود في العالم ليأتوا إلى فلسطين من خلال الخداع والإيهام وشدد على أن هذه الوسائل الخداعية والتزويرية لن تغير من الواقع شيئا؛ وقال إن "مسجد الصخرة المشرفة هو جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك، وإن الأقصى قائم إلى يوم الدين، وسيبقى المسلمون متمسكين بكل ذرة تراب من ذراته فلا تفريط بأي ذرة تراب منه".
وأضاف: "الأقصى جزء من عقيدة المسلمين جميع المسلمين بقرار من رب العالمين ولا علاقة لغير المسلمين به، وإن الاقتحامات للأقصى هي اعتداءات عليه لن تكسب اليهود أي حق فيه" من ناحية ثانية، حذّر خطيب الأقصى من ما يسمى "قانون التسوية" أي تسوية الأراضي والبيوت والعقارات والذي أقره الكنيست الصهيوني مؤخرا ويقضي بمسح أحياء مدينة القدس بهدف الكشف عن المالكين المقيمين خارج فلسطين، مؤكدا أن القانون يعدّ هؤلاء المالكين غائبين، فيأتي ما يسمى حارس أملاك الغائبين بوضع يده على حصص المالكين لهذه الأراضي والبيوت والعقارات.
وتابع أن "هذا القانون العنصري الجائر يلاحق المقدسيين لتفريغ مدينة القدس من أصحابها، فالاحتلال يحارب القدس حجرا وبشرا لتهويد المدينة، فعلى المواطنين أن يكونوا حذرين من هذا القانون، وأن لا يتعاطوا معه لأنه غير قانوني وغير إنساني" وخلال خطبته، رحّب خطيب الأقصى بالمصلين الذين تخطوا الحواجز العسكرية الظالمة وقال: "أيها المحتشدون في رحاب المسجد الأقصى المبارك.. إن زحفكم إلى الأقصى المبارك لصلوات الفجر والعشاء والتراويح، وصلوات الجمَع والجماعة.. كل ذلك يمثل ردا عمليا إيمانيا، ورسالة واضحة موجّهة للطامعين في الأقصى وللمعتدين عليه، ورسالةً أخرى للعالم أجمع بأن أهل بيت المقدس وأكنافه يحبون الأقصى حبا إيمانيا لا يتزعزع، فقلوبهم ومشاعرهم معلقة بالأقصى، وأنهم على الوعد والعهد لحمايته والدفاع عنه". مؤكدا أن الأقصى يمثل جزءاً من إيمانهم وعقيدتهم بقرار رباني إلهي من سبع سماوات، وقال إنه لا مجال للمساومة ولا للتفاوض عليه، ولا تنازل عن ذرة تراب منه.
وأشار إلى أن هذه هي الجمعةُ الثالثةُ من شهر رمضان المبارك لعام 1439هـ، وهنيئاً لمن صلى الجمعة في المسجد الأقصى المبارك في هذا الشهر المبارك، فيكون المسلم قد نال ثلاث فضائل مجتمعة، وهي: الجمعة لها فضيلة، والأقصى له فضيلة، والصوم له فضيلة، داعيا المسلمين، إلى الصلاة في الأقصى المبارك في رمضان، وفي غير رمضان أيضا.
وتابع خطيب الأقصى أنه "ينبغي على كل مسلم في فلسطين أن يشدّ الرحال إلى الأقصى، وأن يتوجه إلى القدس بنية الصلاة، فإن مُنع من الوصول إلى الأقصى بسبب الحواجز العسكرية الاحتلالية الظالمة وغير الإنسانية، فإن المسلم يصلي حيث يُمنع، وله ثوابٌ موازٍ ومساوٍ لمن يصلي في الأقصى".
وذكر أنه كان أصدر فتوى شرعية بذلك، ولا تزال هذه الفتوى قائمة، معربا عن أمله أن تكون قلوب المحتشدين في رحاب الأقصى على قلب رجل واحد، وأن تكون صفوفُهم موحدة ومتراصّة، وأن يحافظوا على حرمة صيامهم، وعلى حرمة ونظافة مسجدهم.