تنظيم القاعدة

كشف ارتفاع وتيرة الخلافات بين زعيم تنظيم القاعدة" أيمن الظواهري، وأبو محمد الجولاني "أسامة عبسي الواحدي"، زعيم هيئة تحرير الشام، على خلفية فك جبهة "فتح الشام"، ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، مفاجأة جديدة تتصل بعلاقة تنظيم القاعدة" وزعيمه الظواهري في إيران، وهذه المرة على الساحة السورية، ورفع شرعي هيئة تحرير الشام، عبد الرحيم عطون، الملقب بـ"أبو عبد الله الشامي"، الغطاء عن تلك المفاجأة عبر حسابه الخاص على "التليغرام"، وذلك في معرض رده، على خطاب الظواهري الأخير، الذي جاء بعنوان "سنقاتلكم حتى لا تكون فتنة".

وأمر الظواهري بعد إعلان خلافته في إدارة تنظيم القاعدة"، جبهة النصرة في سورية، بإعداد لجنة ثلاثية ملزمة، يترأسها أبو الخير المصري، الذي كان قد خرج من إيران إلى سورية في 2015، إلى جانب قياديين اثنين لم يسمهما، متواجدين حتى اليوم في إيران، ووفقاً لما تبين من إفادة أبي عبدالله الشامي، وهو صديق الجولاني، فقد تبادل "أبو الخير المصري"، مع رفاقه المتواجدين في إيران، سلسلة من المراسلات عبر شبكة الإنترنت استمرت 7 أشهر، وانتهت بتحديد "صلاحيات اللجنة الثلاثية" ومجلس الشورى المنبثق عنها، إلا أنها قوبلت باعتراض الجولاني، على بعض ما ورد فيها من تفاصيل، كان أبرزها احتكار القرار من قبل اللجنة الثلاثية المستخلفة من إيران.

وقال الشامي إنّه "بموجب الصفقة خرج من المعتقل إلى خارج إيران كل من الشيخ أبي الخير (النائب المستخلف الأول)، وصاحبه، والأخ قسام وصاحبه، وخرج أيضاً كل من الشيخين (المستخلف الثاني)، و(المستخلف الثالث)، لكنهم منعوا من مغادرة إيران، ووصل الشيخ النائب أبو الخير وصاحبه، والأخوان قسام وصاحبه إلى الشام، وأبرز لنا الشيخ عند أول قدومه، كتاباً يبيّن أن الشيخ أبا الخير هو المستخلف عن الشيخ الظواهري"
وأضاف الشامي "كان الشيخ أبو الخير في تلك الفترة يتواصل مع الشيخين المستخلفين(الثاني، والثالث)، بخصوص تشكيل لجنة للقيادة في ظل غياب الشيخ الدكتور، وانقطاع التواصل معه، وبعد مداولات استمرت 7 أشهر بينهم، اتفق الثلاثة على تشكيل "لجنة قيادة" أو مجلس قيادة و"مجلس استشاري""، وجاءت مكاشفات أبو عبد الله الشامي، بتفاصيل عن تأسيس اللجنة الثلاثية، وعن ارتباطها بالظواهري، الذي سجن، وقبل سجنه أوكل أبو بصير (ناصر الوحيشي)، زعيم القاعدة" في اليمن، بإدارة التنظيم حتى خروج أبو الخير المصري، وأرادت هيئة تحرير الشام من هذه المكاشفات أن تحرج القاعدة" عقب الاتهامات المتبادلة عن علاقاتها الخارجية بتركيا.

وفي معرض دفاعه، قال "إن أبو الخير المصري (قتل في فبراير الماضي)، إنه وبعد قدومه إلى سورية عقب خروجه من السجون الإيرانية، بصفقة مع القاعدة" ، دعا الجولاني إلى بناء علاقات مع تركيا، والاتجاه نحو تعزيز العمل السياسي معها"، وفي تفاصيل تأسيس لجنة القيادة، وفقاً لما أورده عبد الرحيم عطون (أبو عبدالله الشامي)، شرعي هيئة تحرير الشام، تألفت لجنة القيادة من "أبو الخير" رئيسا لها، إلى جانب النائبين والمتواجدين في إيران، دون الإشارة إلى اسميهما، وانبثق عن اللجنة مجلس استشاري يضم كلاً من أبي الخير، وأبي الفرج المصري، إلى جانب أمير كل فرع، ونائب أمير كل فرع، ومن يرى أبو الخير استشارته، مع اتفاق القياديين الثلاث (المستخلفين) في اللجنة الخاصة، على انتهاء دور لجنتهم، بمجرد عودة التواصل مع زعيم تنظيم القاعدة" الظواهري، فيما لم تلق مداولات أبو الخير مع القياديين المتواجدين في إيران، قبولاً لدى الجولاني، ورفاقه، وشرح الشرعي عبد الرحيم عطون (الشامي) أسباب عدم الرضا إلى اعتبار أن رأي الأغلبية في اللجنة الثلاثية رأي ملزم إلا أنه غير ملزم في المجلس، إضافة إلى كون اثنين من أعضاء اللجنة الملزمة في قراراتها موجودين، "في دول عدو" قاصدا إيران، بحسب تعبيره، وتابع بأنهما "معذوران في كونهما محتجزين عندها أي عن "إيران"، أما أن يملكا الأغلبية في القرارات الملزمة فهذا أمر غير صحيح".

وتابع عطون أو الشامي، سرد حيثيات اعتراض الجولاني، قائلا: "فمثلا، إذا رأى فرع الشام رأيا ما، فلا يحق له ذلك ما لم يوافق عليه اثنان على الأقل من المشايخ الثلاثة، علما أن اثنين منهما غير موجودين في أي ساحة بل محتجزان في دولة عدو "إيران"، رغم كون اللوائح التنظيمية للقاعدة نفسها تنص على أن الشخص لا يتمتع بالصلاحيات ما لم يكن في أحد الأفرع"، وأعادت هذه الخلافات بين قيادات القاعدة"، إلى الواجهة من جديد دور "قاعدة خراسان"، وفي قياداتها، الأردني أبو مصعب الزرقاوي، والذي اتخذ من إيران ملاذا آمنا عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول، مما أورده عبد الرحيم طعون (الشامي)، بشأن الصفقة المبرمة ما بين الحرس الثوري الإيراني، وورثة الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، كانت قد شملت التابعين لمعسكر الزرقاوي، في بهيرات على الحدود الأفغانية – الإيرانية، وممن غادروا الإقامة الجبرية في إيران إلى سورية مباشرة، ضمن آخر دفعة معلنة شملت 5 قياديين تم الإفراج عنهم، على خلفية صفقة أبرمت عام 2015، بين إيران وتنظيم القاعدة للإفراج عن الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نكبخت الذي اختطفه التنظيم من صنعاء في يوليو/تموز 2013.

القياديون الخمسة أولهم: أبو الخير المصري (أحمد حسن أبو الخير المصري)، وهو نفسه، عبد الله محمد رجب مسؤول العلاقات الخارجية في تنظيم القاعدة، أدرج على قائمة الإرهاب الصادرة عن الخزانة الأميركية 2005، لكونه مسؤولا عن التنقل والمؤون اللوجستية والتمويل، وكان قد اعتقل في شيراز بإيران عام 2003م، واحتجز في مبنى تابع للمخابرات الإيرانية، وانتقل إلى سكن داخل مجمع عسكري في طهران إلى جانب أفراد من أسرة ابن لادن، والثاني كان أبو محمد المصري يعرف كذلك بـ"أبو محمد الزيات"، ضابط سابق بالجيش المصري، ارتبط اسمه بهجمات الرياض 2003م، والتي جاءت أوامر التنفيذ بها، من جنوب "إيران" من قبل قيادات القاعدة الهاربة من أفغانستان إليها، وعلى رأسهم سيف العدل المسؤول العسكري للقاعدة والقيادي أبو محمد المصري، ومن بين المفرج عنهم سيف العدل القيادي العسكري، والمخطط الاستراتيجي لتنظيم القاعدة، ونائب الظواهري حاليا، والأردنيان خالد العاروري (صهر الزرقاوي)، الملقب أبو القسام، وساري شهاب، وكلاهما من قيادات تنظيم القاعدة، حيث كان العاروري نائب زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، حتى مقتل زعيم التنظيم أبو مصعب الزرقاوي في يونيو 2006م.

وكانت "هيئة تحرير الشام"، قد شنت مؤخرا، حملة اعتقالات واسعة، طالت عدداً من الشخصيات التابعة لتنظيم القاعدة في إدلب، ضمت عشرات العناصر والقيادات و"المهاجرين"، وتمكن جهازها الأمني من إلقاء القبض على الشخصيتين الأهم في قائمة المطلوبين، وهم المسؤول الشرعي العام السابق في "جبهة النصرة"، سامي العريدي، والقيادي السابق في "جبهة فتح الشام"، إياد الطوباسي (أبو جليبيب الأردني)، وتم اعتقالهما، ومرافقيهم الشخصيين على حاجز مدينة دارة عزة قرب الحدود السورية - التركية، ويُشار الى أن العريدي والطوباسي المعتقلين لدى هيئة تحرير الشام، هما أمير جماعة أنصار الفرقان ونائبه، وهي فرع تنظيم القاعدة في سورية، الذي أُعلِن عن تشكيله بعد الانتشار العسكري التركي المباشر في الشمال السوري.

وداهم الجهاز الأمني لـ"الهيئة"، مقار ومنازل قياديين آخرين في "القاعدة"، من قادة الصف الأول في تنظيم ما يُسمّى أنصار الفرقان، وبينهم النائب السابق لأبو مصعب الزرقاوي، وهو أبو القسام الأردني، وكذلك أبو همام العسكري أو المعروف بأبو الهمام الشامي، القائد العسكري العام لجبهة النصرة سابقاً، والمرشح لتسلم منصب القائد العسكري لـ "أنصار الفرقان"، وكذلك بلال خريسات، ولقبه "أبو خديجة الأردني" المسؤول الشرعي في "أنصار الفرقان"، وأيضاً أبو هاجر الأردني الذي التحق بجبهة النصرة مطلع عام 2012م، وعمل عسكرياً في الغوطة الشرقية قبل أن ينتقل أوائل 2015م، إلى ريف إدلب ليصبح أميراً على قطاع البادية، إلى أن انشق عن النصرة رفضاً لفك ارتباطها بـ"القاعدة"، ومن بين المعتقلين لدى "هيئة تحرير الشام"، القيادي أبو سليمان السوري، الذي كان مقيماً في الأردن، والمحسوب على التيار الجهادي الأردني الذي يتصدر قيادة أنصار الفرقان، وكان قائداً عسكرياً في جبهة النصرة.

ويعود تشكل جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سورية)، إلى أواخر عام 2011م، في حلب ودمشق، بقيادة أبو محمد الجولاني، بعد الإفراج عنه من قبل النظام السوري مع بدء الأحداث السورية في 2011، وفي 28 يوليو 2016م، أعلن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، من خلال تسجيل بثته قناة الجزيرة، عن إلغاء العمل باسم "جبهة النصرة"، وإعادة تشكيل جماعة جديدة باسم "جبهة فتح الشام"، بعد ساعات من كلمة لنائب زعيم تنظيم القاعدة محمد حسن أبو الخير يعطي الحرية لجبهة النصرة بفك ارتباطها مع القاعدة.

أبو فرج المصري والشامي وتحرير الشام، وكان قد ظهر إلى جانب الجولاني في إعلان فك الارتباط، أحمد سلامة مبروك، ولقبه، "أبو فرج المصري"، وقد اعتقل بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات 1981م، وحكم عليه بالسجن 7 سنوات في قضية "الجهاد الكبرى"، ثم سافر عام 1988 إلى أفغانستان والتقى بصديقه ورفيقه أيمن الظواهري، وبدا العمل معه في جماعة الجهاد المصرية، وكان ضمن مجموعة كبيرة من القيادات الجهادية، المفرج عنهم بعفو رئاسي مصري بعد ثورة 25 يناير، وكان قد حكم عليه بالسجن المؤبد في قضية العائدين من ألبانيا، قبل أن يساهم في تأسيس جماعة أنصار بيت المقدس، بتوجيه من الظواهري، الذي أمرره لاحقا، بالانتقال إلى سورية، للانضمام إلى جبهة النصرة، وكان أيضاً إلى جانب الجولاني "عبد الرحيم عطون"، المعروف بـ"أبو عبد الله الشامي"، عضو مجلس الشورى في جبهة النصرة، وفي 2017 أعلن عدد من الفصائل المقاتلة في الشمال السوري، عن اندماجها في مكون عسكري جديد باسم "هيئة تحرير الشام"، يضم كلا من جبهة فتح الشام، وحركة نور الدين زنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة.