غزة - فلسطين اليوم
تهشمت عظام قدم المصور الصحافي محمد البابا، بعد أن أصابتها رصاصة متفجرة انطلقت من بندقية قناص اسرائيلي متمركز خلف تلة رملية شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة.
وتعمَّد القناص الإسرائيلي تجاوز السترة الواقية والخوذة المضادة للرصاص، اللتين كان يرتديهما مصور وكالة الأنباء الفرنسية الصحافي البابا، وأصابه في قدمه، متسببًا له بكسور مضاعفة وخطيرة، خضع إثرها إلى عملية جراحية، لتثبيت العظام، قدر الأطباء حاجته لأشهر طويلة كي يتعافى.
ولم يكن البابا وحده الصحافي المستهدف منذ انطلاق مسيرات العودة قبل أكثر من شهرين، فقد اختار قناص إسرائيلي منطقة لا تغطيها السترة الواقية في بطن كل من الصحافي الشهيد ياسر مرتجى، والصحافي أحمد أبو حسين، وكذلك الصحافي المصاب ياسر قديح، ووضع لهم الرصاصة المتفجرة في مكان قاتل، أودت بحياة الأول والثاني، فيما نجا الأخير بأعجوبة بعد أن نقل إلى مستشفى في القدس المحتلة لاستكمال العلاج.
تعمد الإصابة
ويعمل المصور الصحافي محمود الهمص مع الوكالة الفرنسية، وكان أصيب هو الآخر برصاص الاحتلال، أكد أن استهداف زميله البابا كان متعمدًا، فهو كان يرتدي بزة مرسومًا عليها شارات الصحافة، ويقف ممسكًا كاميراته بجانب المتظاهرين، وفق ما يجب أن يفعله الصحافي في مثل هذه المواقف، لكن رغم ذلك تم استهدافه.
وأوضح الهمص أن السترات الواقعة ورغم أهميتها في توفير الحماية للمصابين، إلا أنها لم تعد كذلك في مسيرات العودة، فجميع الصحافيين ممن أصيبوا أو استشهدوا وهم يرتدونها كانت مناطق الإصابة تتجاوز هذه السترات، وكأن القناص يعرف جيدًا أين يصوب رصاصته.
وأعرب الهمص عن اعتقاده بأن قناصة الاحتلال يجلسون في أماكن مريحة، ويشاهدون كل شيء في ميدان المواجهات، ومسألة إصابة الصحافي من عدمه تخضع لمزاج القناص، وهذا ما حدث بالفعل من خلال تعمد إصابة بعض الزملاء حتى وان كانوا بعيدين عن الميدان، أو يمارسون عملهم، المكفول بموجب القانون.
فيما لا زال المصور الصحافي خليل أبو عاذرة يعاني من آثار إصابته برصاصة متفجرة في القدم، بعد أن استهدفه قناص إسرائيلي بينما كان يحمل الكاميرا ويؤدي عمله شرق مدينة رفح.
ووثقت عدسات الكاميرات مشهد إصابة الصحافي أبو عاذرة الذي كان يرتدي سترة، وتم تجاوزها، وإصابته في منطقة مفصلية خطيرة بالقدم.
خلع السترات
وأكد الصحافي علاء النملة، أن معظم الصحافيين أصبحوا يأتون إلى الميدان من دون ستراتهم الواقية، بعد أن أصبح لديهم قناعة بأنها لا تحميهم بل على العكس قد تكون سببا لإصابتهم بشكل قاتل، بعض قناصة الاحتلال لا يصوبون رصاصهم إلا على أصحاب السترات والبزات الطبية، بهدف إصابتهم أو قتلهم.
وقال النملة الجميع استمع إلى تصريحات إسرائيلية من المستوى الرسمي أو من الدوائر الإعلامية بخسران الاحتلال معركته الإعلامية ضد غزة، ومنذ ذلك الوقت أصبح الصحافيون والمصورون هدفًا مفضلًا لقناصة الاحتلال، فإسرائيل تحاول إخراس أصواتهم، وتمنع وصول الحقيقة للعالم، لكن هذا لن يحدث.
وأكد أن ما حدث مع عشرات الصحافيين هو تعمد واضح، يرتقي لجريمة حرب، يجب أن يحاسب قادة الاحتلال عليها، ففي كل يوم يحدث فيه مواجهات لدينا صحافي أو أكثر إما شهيد أو مصاب، وهناك تغول إسرائيلي واضح ضد الصحافيين.
وأكدت الصحافية آلاء الهمص، أنه لم يعد من الممكن القبول بالصمت الدولي على هذا القتل وتعمد الاستهداف من قبل الاحتلال للصحافيين، خاصة المتواجدين في الميدان باستمرار، ففي كل أسبوع يفقد الوسط الصحافي زميلًا إما باستشهاده أو نتيجة إصابته وحاجته لأشهر من أجل العلاج.
وأوضحت الهمص أنه تم تنظيم أكثر من وقفة، وفعالية، ورفع الصحافيون صوتهم عاليًا مطالبين بحقهم في الحماية، وفق ما أقرته القوانين الدولية، لكن كان رد الاحتلال بزيادة الاستهداف.
وشددت الهمص على أن رسالة الصحافيين في نقل الحقيقة للعالم ستتواصل دون توقف، مهما بلغت التضحيات والتحديات.
وأكد الناطق باسم وزارة الصحة الدكتور أشرف القدرة أن اثنين من الصحافيين استشهدا فيما أصيب أكثر من 144 صحافيًا منذ انطلاق مسيرات العودة، فيما استشهد مسعفان وأصيب 233 من الأطقم الطبية، وتضررت 40 سيارة إسعاف بسبب استهدافها من قبل قوات الاحتلال.