متظاهرون


بعد أن أيقن المتظاهرون الأهمية الكبرى للإطارات المشتعلة، ودورها المزدوج في التشويش على قناصة الاحتلال، ومضايقة الجنود بدخانها الكريه، توافقوا على تسمية الجمعة المقبلة "جمعة الكوشوك"، ووضعوا مخططًا لنقل آلاف الإطارات المطاطية لنقاط المواجهة الخمس وسط أمنيات بإيصال عددها إلى 10 آلاف إطار حتى اليوم الموعود. وجنّد المتظاهرون في سبيل ذلك العشرات من عربات الكارو ودراجات "توك توك"، وحتى المركبات لنقل الإطارات لمناطق التماس، ووضعها في الأماكن المخصصة لها تمهيدًا لإشعالها في اليوم المحدد. وتحول بعض المناطق إلى نقاط لتجميع الإطارات، التي حصل المتظاهرون عليها من محال إصلاح وبيع إطارات السيارات، فيما شوهدت عشرات الإطارات مكدسة وسط بلدة بني سهيلا شرق محافظة خان يونس، تمهيدًا لنقلها لمخيم العودة شرق المحافظة.

ولم يأبه أصحاب التكاتك بالمخاطر الكبيرة التي تواجههم جراء وصولهم بالتكاتك إلى نقاط متقدمة وقريبة من الحدود ورغم تعرضهم لإطلاق نار مباشر من قناصة الاحتلال الذين يعتلون تلالًا رملية يزيد ارتفاعها على عشرة أمتار، كما هي الحال مع الشاب باسم الحداد الذي تمكن من نقل مئات الإطارات منذ ساعات صباح أمس. وأضاف ويساعده ثلاثة متطوعين: إنه قرر المشاركة في جمع الكوشوك كمتطوع لإنجاح ما بات يعرف بجمعة الكوشوك و"مسيرة العودة". وأوضح إلى صحيفة "الأيام"، إنه لن يقبل أن يأخذ من أي جهة كانت مقابل عمله هذا رغم ما يكلفه من أموال يدفعها بدل محروقات.

واعتبر المتطوع إيهاب أبو نصر جمع الكوشوك ونقله إلى نقاط الحدود بالعمل المضني، لاسيما بعد نفاد الإطارات البالية من المحال المتخصصة ومن مكبات النفايات.
وأضاف الحداد: رغم ذلك سأواصل العمل لجمع أكبر عدد من الإطارات كي تكون جمعة احتجاجية بامتياز. فيما قال الشاب أسعد داوود: إنه خصص عربة الكارو التي يعمل عليها لنقل الإطارات في ساعات ما بعد الظهر، بعد انتهاء عمله في السوق، موضحًا أنه يجول برفقة صديقه على محال بيع وتصليح الإطارات، ويحصل منها على البالية منها، ليقوم بنقلها لنقطة تجميع، ومن هناك تنقل إلى مخيمات العودة. وأشار ضاحكًا إلى أنهم ساهموا بتنظيف الشوارع والأحياء من الإطارات التي كانت ملقاة هنا وهناك، ليوجهوا دخانها الخانق للاحتلال.

أما الشاب خليل عامر فأكد أن ما شاهده المتظاهرون من اثر كبير لدخان الإطارات جعلهم يعملون على مضاعفة إشعالها على طول خطوط التماس مع الاحتلال، لذلك يجري الأعداد حاليًا على جمع الآلاف منها. وأكد أنه لو حدث إشعال كبير ومتزامن لآلاف الإطارات في الوقت نفسه، فستشكل سحابة كبيرة وغير مسبوقة من الدخان الأسود الكثيف على طول الحدود الشرقية للقطاع، ولن يتوقف الأمر على إيذاء الجنود المنتشرين في المواقع وقبالة مناطق التماس، فالدخان سيصل إلى المستوطنات الواقعة في غلاف غزة، ويسبب مشاكل صحية، وهذا كله سيزيد الضغط على قادة الاحتلال، ويجعلهم أكثر ارتباكًا. وأوضح أن الأهم في هذه الخطوة وضع الإطارات في المكان المناسب، واستغلال الرياح الغربية بشكل أمثل، لتحمل الدخان للمكان المقصود، لذلك يعتقد أن إشعال الإطارات يجب ألا يكون عشوائيًا، وإنما منظم ومخطط بالتزامن في كل المخيمات.

وخصص القائمون على مخيم العودة ونقاط التظاهر والالتحام المقابلة له شرق مدينة جباليا طريقًا ترابية وسط الحقول الزراعية لمرور عشرات التكاتك التي تطوع أصحابها لجمع "الإطارات المطاطية" وإيصالها إلى الحدود استعدادًا لحرقها يوم الجمعة المقبل، وأكد الناشط حسام معروف لـ"الأيام" "أنهم يأخذون بعين الاعتبار اتجاهات الريح بما يضمن عدم تأثر أي من المتظاهرين بذرة غبار واحدة ودفع كل كميات الدخان عبر الحدود". وقال" وضعنا خطة لاستمرار عمليات إحراق الكوتشوك طيلة يوم الجمعة وان لا يتم حرقها في ان واحد من اجل التنغيص على قوات الاحتلال لأطول وقت ممكن".

وبالتزامن مع تكديس الإطارات في المنطقة الحدودية، أقدم متظاهرون على حرق العشرات منها في أماكن متباعدة نسبيا وعلى طول نحو 200 متر من الحدود كتجربة "بروفة" ليوم الجمعة القادم مستغلين الرياح الغربية النشطة، حيث نجحت التجربة في حجب الرؤية عن قناصة الاحتلال الذين اضطروا الى اطلاق النار بشكل عشوائي تحسبًا من تمكن العديد من الشباب من الوصول الى السلك واقتحامه. ولاقى مشهد الدخان المتصاعد تصفيق الجماهير التي نزلت من المخيم الذي يبعد عن منطقة التظاهر نحو 300 متر لمساعدة المتظاهرين والانضمام اليهم.

ويقول الشاب إبراهيم عبد الله الذي قاد حملة اضرام النار في الإطارات لـ"الأيام" انها تجربة مشجعة وناجحة وسيكون لها صدى كبير يوم الجمعة المقبل. فيما انشغل آخرون في توزيع وترتيب الإطارات التي تكدست بالآلاف في المنطقة استعدادًا ليوم الجمعة. ولن يقتصر الحرق يوم الجمعة على "الكوشوك" فقد جمع متطوعون آخرون اسفنجًا ومواد بلاستيكية اسرع اشتعالا، حيث شوهدت كميات كبيرة من هذه المواد بجانب "الكوشوك"، ويعتزم المتظاهرون والنشطاء جعل ساعة الذروة لحرق الإطارات يوم الجمعة المقبل  بعد الساعة الحادية عشرة صباحًا والتي تشهد تغيير اتجاه حركة الرياح من الاتجاه الشرقي إلى الاتجاه الغربي الذي يحمل الدخان الأسود إلى مواقع جنود الاحتلال المنتشرة على طول الحدود.
ويتوقع النشطاء أن يصل الدخان إلى التجمعات الاستيطانية التي تتواجد على بعد مئات الأمتار من الحدود ككفر عزة وسعد واشكول وغيرها.