الدكتور صائب عريقات

أكّد الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن اعتراف الرئيس الأميركي وإدارته بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة إلى القدس ودمج القنصلية التي تأسست سنة 1844 في السفارة الأميركية ,عبارة عن بؤرة استيطانية، من أجل تيسير قانون القومية العنصرية

وأضاف عريقات خلال ندوة سياسية بعنوان "عنصرية القوانين الإسرائيلية" في مدينة رام الله ,بتنظيم الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" ومكتب تمثيل منظمة التعاون الإسلامي في فلسطين,

وبيّن عريقات أن القوانين الأميركية التي تتخذ في الكونجرس تتوافق مع القوانين العنصرية التي تقر في الكنيست الإسرائيلي، وأن إسرائيل وأميركا تعتقدان أن القوانين هي حجر الأساس في استراتيجيتهما، وأنه لا مجال لحل الدولتين في هذه الاستراتيجية العنصرية.

وأضاف عريقات أن هذا القانون العنصري يأتي امتدادا لوعد بلفور الذي مضى على قطعه 101 سنوات، وان هذا القانون العنصري يعطي حق تقرير المصير لليهود فقط ويتجاوز اللغة العربية، لغة القران الكريم كلغة رسمية في دولة الاحتلال ، ويمهد لطرد غير اليهود من حدود ارض إسرائيل المزعومة، وان هناك توجهات لدى إدارة ترامب ونتنياهو نحو عقد تحالفات مع الاحزاب العنصرية حول العالم ، والسعي لتفكيك الاتحاد الأوروبي، ومخطط ترامب نتنياهو لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وإسقاط ملفات القدس واللاجئين والاستيطان من طاولة المفاوضات ، لأن المطلوب إسرائيليًا وأميركيًا يتمثل باستمرار الأوضاع كما هي عليه.

و قال عريقات، إن الاتفاق الموقع بتاريخ 12/10/2017 ينص على إتاحة المجال لحكومة الوفاق للعمل في قطاع غزة أسوة بالضفة الغربية، وإنهاء أسباب الانقسام، وان يكون هناك وحدة وطنية وحكومية وقضائية وجغرافية فلسطينية،وجدد التأكيد على أنه لا دولة في قطاع غزة ولا دولة دون غزة، وأن قطاع غزة هو منبع الوطنية الفلسطينية. وعرج عريقات على الموقف المشهود للشقيقة مصر بإنجاز المصالحة مبينا ان لا احد يحاول عزل حركة حماس، بل المطلوب هو موافقة حماس على تنفيذ اتفاقية 12/10/2017 بشكل شمولي، ففلسطين أهم من جميع الحركات والفصائل، والقدس أهم من جميع العواصم حول العالم ، ويجب أن نكون الوجه الحضاري للعالم ، وجسرا للحضارات والشعوب ، وان الصراع هو سياسي بامتياز وهو ليس ديني او عقائدي ولكن هناك أطراف تحاول تحويل الصراع ، ودفعنا إلى تحويل الرواية الفلسطينية ، وفرض حل الدولة بنظامين "الابرتهايد" وفصل غزة عن الضفة الغربية، وان تكون السلطة بلا سلطة والاحتلال بدون كلفة.

وتحدث في هذه الندوة التي جاءت في ضوء استمرار إصدار القوانين العنصرية الإسرائيلية وما يُسمى بقانون القومية وأثرها على مجمل القضية الوطنية، الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والدكتور عمار الدويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والسفير أحمد رويضي ممثل منظمة التعاون الإسلامي في فلسطين، والأستاذة عايدة توما عضو كنيست عن القائمة المشتركة، والأستاذ برهوم جرايسي باحث في الشؤون الإسرائيلية بمركز مدار، وأدار الندوة الأستاذ عصام عاروري عضو مجلس مفوضي الهيئة.

 وحضر الندوة سفير المملكة المغربية لدى دولة فلسطين محمد حمزاوي، وممثلون عن البعثات الدبلوماسية المعتمدة في فلسطين، وحقوقيون وإعلاميون.

وأوضح عريقات، أنه لن يكون هناك تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، إلا بعد تنفيذ المبادرة العربية للسلام، وأكد عريقات أن الرئيس أبو مازن وبرغم وقف المساعدات وفرض عقوبات ، مؤكّدًا على دفع مخصصات الأسرى والشهداء والجرحى، وانه سيتم تحديد العلاقة مع أميركا وإسرائيل وكذلك تنفيذ متطلبات إنهاء الانقسام والعلاقة مع حركة حماس ، وفق قرارات المجلس المركزي.

و بيّن الدكتور الدويك أن الهيئة المستقلة تتابع كهيئة وطنية ما يتم طرحه من مشاريع قوانين وما يتم التصويت عليه من قوانين في الكنيست الإسرائيلي، وما يصدر أيضا من أوامر عسكرية عن إدارة الاحتلال في الضفة الغربية، باعتبار هذه التشريعات أداة أساسية من أدوات الاستعمار وفرض السيطرة على الفلسطينيين، وأيضا لما لهذه التشريعات من آثار مباشره على حالة حقوق الإنسان الفلسطيني وحرياته.

وأوضح الدويك أن التشريعات العنصرية طالت الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، والأطفال الفلسطينيين والحراك الفلسطيني الشعبي المقاوم سلمياً للاحتلال، وحرية الرأي والتعبير من خلال التوسع الكبير في مفهوم التحريض، بالإضافة إلى أن هذه القوانين تسهل ضم أجزاء من الضفة الغربية وتشرعن الاستيطان، وتسعى بالتالي، إلى إدامة الاحتلال وإنكار حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ونيله حقوقه المكفولة في القانون الدولي.

وكشفت مدير عام الهيئة أن مواجهة هذه التشريعات العنصرية وما يترتب عليها ليس واجب الفلسطينيين وحدهم، وإنما هو واجب قانوني وأخلاقي على جميع دول العالم، ونحن نرى أن على دول منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء فيها، واجبًا خاصًا في هذا المجال. فمن غير المعقول أو المقبول أنه في الوقت الذي تحقق فيه حركة المقاطعة للاحتلال نجاحات واختراقات على الصعيد الدولي، تستضيف بعض الدول العربية والإسلامية رياضيين إسرائيليين أو وفود سياسية على أعلى مستوى.

وألقى السفير رويضي كلمة الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي والذي أكد أن هذه الندوة تأتي من أجل إبراز الأبعاد السياسية والقانونية لمجمل القوانين العنصرية الإسرائيلية وبشكل خاص "قانون القومية الإسرائيلي" وتداعياتها على قضايا القدس واللاجئين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران العام 1967، بالإضافة إلى أثرها على ابناء الشعب الفلسطيني.

ووجه بن العثيمين تحية إجلال وإكبار لأبناء الشعب الصامد المرابط والمتمسك بحقوقه وهويته ومقدساته، "مؤكدين التزامنا في منظمة التعاون الاسلامي المبدئي والثابت بدعم توجهات القيادة الفلسطينية ومساعيها لتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها بكل الوسائل الممكنة".

وشدد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مواصلة المنظمة جهودها من خلال المشاركة في رعاية أنشطة دولية لتعرية هذه القوانين العنصرية الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي، والدفع باتجاه ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته على جرائمه وسياساته وقوانينه العنصرية التي ما يزال يمارسها من دون رادع سياسي أو قانوني أو أخلاقي. كما تؤكد المنظمة على ضرورة قيام الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها التي تعتبرها ركيزة الحق والعدالة، لوضع حد لثقافة الإفلات من العقاب، ومباشرة التحقيق في مثل هذه القوانين العنصرية الإسرائيلية، وتفعيل دور لجنة القضاء على التمييز العنصري.

واستعرض جرايسي السياق التاريخي للسياسات العنصرية الإسرائيلية منذ بلورة الكيان الإسرائيلي في العام 1948، والتي سبقت بكثير القوانين العنصرية الإقصائية، وتركزت في البدايات على السيطرة على الأرض بقرارات الحكم العسكري، كمناطق عسكرية مغلقة، وبموازاة ذلك أنظمة تقييد الحركة، ولاحقا بدأ الكنيست في سن القوانين تباعا، كي ينظم السياسات العنصرية. فمثلا حسب احصائيات، هناك حوالي ما بين 30 إلى 40 قانونا ونظاما إداريا، لغرض مصادرة الأراضي.

وبيّن أن سنوات الألفين الأولى، وبالذات في فترة حكومة إيهود أولمرت الضعيفة سياسيًا، التي نوابها خرجوا للتو من صفوف الليكود، إذ بدأت عملية سن قوانين للملاحقة السياسية، وتقييد الحريات، تم سن 6 قوانين وثارت ضجة عليها، وفي الدورة البرلمانية التالية، الكنيست الـ 18، التي استمرت 43 شهرًا، تم سن ثمانية قوانين.

وأشار الباحث جرايسي أن ولاية الكنيست الحالية الـ 20 قد كسرت كافة المعايير. فقد سبق بدء هذه الولاية، أن دائرة دعم المفاوضات في منظمة التحرير، تبنت المشروع الذي بادرت له، من خلال مركز "مدار"، لرصد العمل في الكنيست، وتابع "أقول كمن يتابع عمل الكنيست منذ العام 1991، منها 11 عامًا في قلب الكنيست إلى جانب النائب محمد بركة، لم أكن أتخيل هذا الحجم من العمل ، وبين أن هناك 209 قانون ومشروع قانون، حتى الأسبوع الماضي.

وقال "نحن اليوم نتحدث عن 31 قانونًا تم إقررها بالقراءة النهائية، في غضون ثلاثة ونصف السنة، ويضاف لها 6 قوانين، دخلت كبنود في 5 قوانين. و4 قوانين هي في مرحلة القراءة الأولى والاعداد للقراءة النهائية. و19 قانونا بالقراءة التمهيدية، منها 3 مجمدة. و149 مشروع قانونا مدرجا، حتى يوم الاثنين الماضي".

وأوضح أن هذه القوانين منوعة، ومتداخلة من حيث التصنيفات، ولكن الخطين المركزيين لهما هما قوانين الضم الزاحف، وقوانين القمع والاستبداد على مختلف تشكيلاتها، وفي فلسطين التاريخية، وهي تستهدف أولا الشعب الفلسطيني، ولكن أيضا القوى والمراكز الحقوقية الإسرائيلية والعالمية الداعمة لكفاح الشعب الفلسطيني وقضيته. فمن أصل القوانين الـ 37 التي أقرت بالقراءة النهائية، هناك 29 قانونا، 23 ومعها 6 قوانين مدمجة، هي قوانين قمع وملاحقات سياسية، وتقليص الحريات السياسية.

بيّنت عايدة توما أن ما يسمى بقانون القومية جاء تتويجاً لقوانين مماثلة سبقته، و الهدف منها التأسيس لنظام عنصري، مؤكدة أن هذا القانون ليس خروجاً عن المألوف، بل هو تحصيل حاصل للسياسات الإسرائيلية، فجميع القوانين التي تم سنها ما هي إلا عملية تمهيدية للوصول لقانون القومية.

وشددت توما على أن قانون القومية الإسرائيلي قد أسس بشكل رسمي وشرعي وقانوني إسرائيلي لنظام الأبرتهايد والكولونيالية، وأن هدف هذا القانون هو تعريف دولة إسرائيل، ثم إن هذا القانون يبدأ بكلمتين، "أرض إسرائيل" يعني أرض فلسطين التاريخية وما أبعد من ذلك تماشياً ومقولة " أرض إسرائيل من البحر للنهر". كما أن هذا القانون يتحدث عن القدس عاصمة لدولة إسرائيل، التي بعدها بشهرين فقط تم نقل سفارة الولايات المتحدة إليها.

وأضافت توما بأن هذا القانون يدخل في مواجهة مع القوانين الدولية، كون السياسة الإسرائيلية على أرض الواقع تسير بموازاة تطبيق هذا القانون بهدف القضاء على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.