هراري ـ عادل سلامه
كشف مسؤول مخابراتي الخميس، أن رئيس زيمبابوي روبرت موغابي يصرّ على أنه لا يزال الحاكم الشرعي الوحيد للبلاد، ويقاوم وساطة قس كاثوليكي لترك السلطة بهدوء بعد الانقلاب العسكري، وقال مسؤول سياسي بارز في تصريحات صحافية، إن القس فيديليس موكونوري يتوسط بين موغابي والقادة العسكريين الذين استولوا على السلطة أمس الأربعاء في عملية تستهدف من وصفوهم "بالمجرمين" حول الرئيس.
ولم يقدم المصدر تفاصيل بشأن المحادثات، التي تستهدف فيما يبدو انتقال السلطة بسلاسة دون إراقة دماء بعد أن يرحل موغابي (93 عامًا)، الذي يحكم زيمبابوي منذ استقلالها عام 1980.
من جانبها، دعت الولايات المتحدة المسؤولين في زيمبابوي، إلى "ضبط النفس" لتسريع عودة الوضع إلى طبيعته، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس، إن "الحكومة الأميركية قلقة من التحركات الأخيرة للقوات العسكرية في زيمبابوي"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تنحاز لأي طرف في السياسة الداخلية في زيمبابوي، لكن كمبدأ عام "نحن لا نوافق على تدخل العسكر في الحياة السياسية، وندعو كل القادة في زيمبابوي، إلى ضبط النفس واحترام دولة القانون وحقوق كل المواطنين التي كفلها الدستور، وإلى حل الخلافات سريعاً في سبيل عودة الوضع سريعاً إلى طبيعته".
وذكّر المسؤول الأميركي، بأن سفارة الولايات المتحدة في هراري نصحت منذ فجر (الأربعاء)، الرعايا الأميركيين في زيمبابوي بملازمة أماكن وجودهم بسبب الأوضاع الراهنة وأحكم الجيش في زيمبابوي سيطرته على البلاد، فيما قال الرئيس روبرت موغابي الممسك بزمام السلطة منذ نحو 40 عامًا إنه "قيد الإقامة الجبرية"، رغم نفي جنرالات الجيش القيام بانقلاب عسكري، وتراجعت سلطة موغابي بعد أن انتشر الجيش فجر الأربعاء في الطرق المؤدية إلى البرلمان في هراري، وتلا ضباط كبار على التلفزيون الحكومي بياناً إلى الأمة.
والعلاقات بين الولايات المتحدة وزيمبابوي متوترة للغاية، لا سيما أن البلد الأفريقي الفقير يخضع لعقوبات اقتصادية أميركية وفي حين ينظر الكثير من الأفارقة إلى موغابي على أنه من أبطال التحرير يعتبره الغرب طاغية تسبب أسلوبه الكارثي، في إدارة الاقتصاد واستعداده للجوء إلى العنف من أجل البقاء في السلطة إلى تدمير واحدة، من أكثر الدول الواعدة في أفريقيا.
وتشير تقارير مخابرات اطلعت عليها "رويترز" إلى أن إيمرسون منانجاجوا الذي أقاله موغابي هذا الشهر من منصب نائب الرئيس، يضع رؤية لما بعد حقبة موغابي مع الجيش والمعارضة منذ أكثر من عام.
ومما زاد التكهنات بتنفيذ تلك الخطة عودة زعيم المعارضة مورغان تسفانجيراي إلى هراري، الأربعاء بعدما تلقى علاجا من السرطان في بريطانيا وجنوب أفريقيا حسبما قال المتحدث باسمه وقالت جنوب أفريقيا إن موغابي أبلغ الرئيس جاكوب زوما عبر الهاتف (الأربعاء) أنه رهن الإقامة الجبرية في المنزل في حين قال الجيش، إنه يحافظ على سلامته هو وأفراد عائلته بمن فيهم زوجته غريس، ورغم شعبية موغابي لا تلقى زوجته غريس (52 عاما) قبولا يذكر لدى الجماهير وهي كاتبة حكومية سابقة بدأت علاقتها مع موغابي في أوائل التسعينيات عندما كانت زوجته سالي تحتضر نتيجة إصابتها بمرض في الكلى.
برزت سيدة زيمبابوي الأولى، غريس موغابي، خلال الأعوام الأخيرة، بمثابة خلف محتمل لزوجها روبرت موغابي، فالمرأة الحديدية كانت على وشك الإمساك بزمام الأمور مكان روبرت موغابي الذي تجاوز عقده التاسع، لكن تدخل الجيش في البلاد وضع نهاية لـ"طموح المرأة". وشهدت زيمبابوي، الثلاثاء، ليلة مضطربة بعد تحرك للجيش إثر مواجهة بين زوجة رئيس البلاد ونائبه انتهت بإقالة الأخير من منصبه.
وقائد الجيش الجنرال كونستانتينو شيوينغا وجه تحذيرًا إلى الرئيس موغابي بسبب إقالته ايميرسون منانغاغوا من منصب نائب رئيس الجمهورية، بعدما دخل الأخير في مواجهة مع غرايس موغابي (52 عاما) زوجة الرئيس التي تناصب العداء للكثير من المسؤولين في الحزب الحاكم وتزوجت غريس بموغابي (52 عامًا)، بالرئيس موغابي، عام 1996، أي أنها قضت حتى اليوم 21 عاما إلى جانبه، واستطاعت أن تجعل نفسها نافذة في دواليب البلاد التي تخضع لحكم الزعيم الواحد منذ 37 سنة، وسط انتقادات حقوقية وسياسية. ولم تكتف السيدة الأولى لزيمبابوي بالمهام الإنسانية التي تشرف عليها نظيراتها في بعض الدول، فغريس تترأس القسم النسائي في حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الحاكم في زيمبابوي (الجبهة الوطنية). ودخلت غريس في مناكفات وحرب تصريحات مع عدد من المسؤولين في زيمبابوي، ويرى متابعون أن إقالة نائب زوجها، كان إفساحا للطريق أمامها صوب الرئاسة.
وعملت غريس كاتبة لدى موغابي، قبل الزواج منه، وكانت وقتئذ زوجة لقائد طائرة يعمل ملحقا عسكريا في سفارة زيمبابوي لدى العاصمة الصينية، وبعد وفاة زوجة موغابي زفت إلى الرئيس في حفلة أسطورية. وتعرضت غريس لعقوبات من الاتحاد الأوروبي باعتبارها أحد قادة الحزب الحاكم في زيمبابوي، وذلك عقب منع زيمبابوي وفدا أوروبيا من مراقبة انتخابات 2002.
وبموجب العقوبات، باتت غريس وأعضاء آخرون من الحزب الحاكم، ممنوعين من السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي كما جمدت أصولهم فيها، واتخذت الولايات المتحدة إجراءات عقابية مماثلة. وتعشق سيدة زيمبابوي الأولى، البذخ بشكل كبير، إذ أشرفت على بناء قصرين فخمين، على الرغم من الوضع المتردي لاقتصاد بلادها، لكن زوجها قال في إحدى المناسبات إن شريكة حياته أنفقت على بناء أحد القصرين من مالها الخاص.
وفي 2010، كشفت تسريبات ويكيليكس، أن مسؤولين كبارا في زيمبابوي بينهم السيدة الأولى، يجنون ملايين الدولارات من الإتجار في منجم وطني للألماس. وذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، أن غريس فرت إلى ناميبيا، فيما ظل زوجها داخل زيمبابوي، وهو ما قد يكون إيذانا، بنهاية حلم رئاسي للسيدة الأولى، وخاتمة حكم طويل بموغابي.