غزة – محمد حبيب
شهدت تجارة المخدرات والمنشطات الجنسية بمختلف أنواعها نشاطا غير مسبوق في قطاع غزة خلال الآونة الأخيرة عبر شبكات منظمة مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي؛ فقد أغرقت غزة بمئات الكيلوات من أنواع المخدرات، فضلًا عن آلاف حبات الحبوب التي تذهب العقل في محاولة جديدة لإغراق المجتمع الفلسطيني بالانحلال والتفكك.
في المقابل نشطت المؤسسة الأمنية في غزة وباتت عيونها تتسمع أكثر لكل وارد من الخارج سواء عبر الأنفاق أو من خلال المعابر الخمسة التي تتحكم بها " إسرائيل ".
ولم تعد ظاهرة الإتجار في المخدرات اجتماعية أو اقتصادية فحسب، بل باتت كما يعتقد الغزيون لها علاقة بالصراع الفلسطيني الصهيوني ، ويبدو أن ثمة إرادتان تلعبان دورا مهما في وجود هذه الظاهرة ، إحداها "إسرائيل" تريد أن تكرسها ، وأخرى "حكومة غزة" تسعى جاهدة وبكل قوتها لمقاومتها ومنعها . فتسعى المخابرات الإسرائيلية بشكل محموم إلى إغراق قطاع غزة بالمخدرات خصوصا مخدر الأترامال بشكل متواصل، وتسعى لإدخاله لقطاع غزة بطرق شتى، آخرها عبر عملاء هاربين خارج القطاع. وتستخدم المخابرات العملاء الهاربين من قطاع غزة إلى داخل "إسرائيل" في التنسيق مع بعض تجار المخدرات لإدخال المخدرات والمسكرات إلى قطاع غزة، بهدف إشاعة الجرائم والمشاكل الاجتماعية في القطاع.
وكشفت التحقيقات التي حصل عليها موقع "المجد الأمني" التابع لوزارة الداخلية في غزة أن عددا من مروجي المخدرات الذين قبض عليهم اعترفوا بأنهم كانوا يهدفون لإغراق قطاع غزة بالمخدرات بالتنسيق مع عدد من العملاء الهاربين إلى "إسرائيل". ونوه بوجود خطة إسرائيلية مدروسة يتم من خلالها ضخ كميات كبيرة من المخدرات عبر العملاء الهاربين، فستصل للقطاع عبر المعابر والحدود، كاشفًا النقاب عن القبض على عميل كان يتلقى المخدرات عبر الحدود.
ويتواصل تجار المخدرات مع عدد من عملاء المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" الموجودين في المناطق المحاذية لقطاع غزة لا سيما في منطقة "سيديروت" وبئر السبع التي يوجد بها عدد من العملاء الهاربين، ويتم إدخال المخدرات إما عبر البحر أو عبر الحدود أو عبر الأنفاق الحدودية مع مصر. وأكد مصدر أمني أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إحباط عدد من عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وعبر المعابر التي تصل غزة بالاحتلال، مشيرًا إلى ضبط كمية من المخدرات مخبأة في إحدى الشاحنات التي تدخل القطاع. ولفت المصدر إلى أن المخدرات يتم إرسالها عبر عدد من العملاء الموجودين في الأراضي المحتلة سيما في مدينة بئر السبع المحتلة، موضحًا أن رجال الأمن تمكنوا من إحباط عدد من عمليات تهريب المخدرات من "إسرائيل" لغزة عبر الأنفاق مع مصر. وتنشط شبكة من العملاء الهاربين الذي يتقاضون رواتب من المخابرات الإسرائيلية مهمتهم إغراق غزة بالمخدرات وإسقاط الشباب الفلسطيني، وتعمل هذه الشبكة ضمن أحد أفرع الشاباك بما يسهل عمليات النيل من قطاع غزة.
وأكد النقيب صابر خليفة من مكافحة المخدرات في غزة أن الحرب بين الفلسطينيين وإسرائيل "تدخل في ميادين عدة، منها محاولة المخابرات الإسرائيلية هدم أخلاق الشباب والفتيات في الضفة الغربية وقطاع غزة"، مشيرًا إلى أن كميات كبيرة من أنواع متعددة من المخدرات تم ضبطها داخل السلع التي تسمح إسرائيل بإدخالها.
وقال "من خلال التحقيق مع تجار المخدرات، أكدوا أن المخابرات الإسرائيلية تتساهل في تحصيل أموال بيع المخدرات داخل غزة"؛ في إشارة لنيتهم إغراق مدن غزة بالمخدرات. وأكد أن وحدة مكافحة المخدرات نجحت في أعقاب الحرب في ضبط 471 قضية تجارة مخدرات ما بين تعاط وترويج ، مشيرا إلى أن وحدة المكافحة أنجزت 2050 حالة تعاط منذ عام 2006 .
وأشارت مصادر إلى أن حجم هذه التجارة بلغ ملايين الدولارات شهريًا. وأضافت "تجاوزت تجارة المخدرات 400 مليون دولار فقط خلال 3 أسابيع من تفجير الجدار الفاصل بين الأراضي الفلسطينية والمصرية أوائل عام 2007". وكشف خليفة عن القبض على تجار بحوزتهم كميات كبيرة من منشطات جنسية خاصة للفتيات. وقال "رغم أن الأنفاق عملت توازنًا بين حصار إسرائيل لغزة وبين استمرار حياة الفلسطينيين، لكننا في شرطة غزة نضبط معظم السلع والمواد التي تدخل من خلاله، عن طريق الأجهزة المختلفة التي تعمل لأجل حفظ الأمن والمجتمع". ونوه بأن مكافحة المخدرات اكتشفت عملية معقدة من مادة الكوك السائل. وقال "اشتبهت الشرطة بكمية سائلة قال صاحبها إنها منظفات، لكن بعد الفحص المخبري تبين أنها مادة كوك سائلة من أخطر المواد المخدرة على جسم الإنسان".
و جدد "الشاباك" الإسرائيلي في الآونة الأخيرة وسائله لاختراق المجتمع الفلسطيني مستغلًا كل الوسائل المتاحة أمامه؛ فحاول بشبكات المخدرات لكن المؤسسة الأمنية في غزة كانت لها بالمرصاد ونجحت في تفكيك العشرات منها واعتقال كبار مروجيها . وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن ارتفاع نسبة متعاطي الحبوب والمخدرات في قطاع غزة سيؤدي إلى اتفاع الجريمة لاحقًا، لا سيما أن سعرها مرتفع في وقت تزداد فيه البطالة والفقر؛ مما يؤدي إلى ارتفاع العنف والجرائم المختلفة. وأكد المركز أن المخدرات بالإضافة لإتلاف العديد من أجهزة الإنسان الداخلية، فهي أيضًا تتلف خلايا المخ؛ الأمر الذي يؤدي إلى سلوك غريب وتصرفات غير مسؤولة لمتعاطي المخدرات.