رام الله - منيب سعادة
استعرض مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمدالله رئيس الوزراء نتائج الجولة التي قامت بها الحكومة إلى قطاع غزة، موجها تحية إكبار واعتزاز إلى أهلنا في قطاع غزة، وأكد أن الحكومة تدرس وتتابع باهتمام جميع القضايا التي طرحها ممثلو الفصائل والشخصيات والقوى الوطنية، وجمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، والشابات والشبان وغيرها من الجهات خلال لقائها برئيس الوزراء وأعضاء الحكومة في غزة، وجدد التزام الحكومة ببذل أقصى الجهود لإيجاد الحلول لهذه القضايا، والتزامها بتعليمات سيادة الرئيس بتسخير الإمكانيات كافة لتلبية احتياجات أبناء شعبنا في قطاع غزة.
وأعرب المجلس عن تمنياته بنجاح جولة الحوار الوطني في القاهرة ضمن الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة، وإعادة الوحدة للوطن. وأكد جاهزيته لاستلام كافة المهام في قطاع غزة حال اتفاق الفصائل، وأن الحكومة لديها الخطط والبرامج بالخطوات الواجب القيام بها وتطبيقها على الأرض، والاستعداد لتحمّل مهامها كاملة إلى جانب المسؤوليات التي تحملتها منذ تشكيلها تجاه أهلنا في قطاع غزة
ومجدداً شكره العميق للدور المصري الهام والتاريخي لضمان إتمام المصالحة وإنجازها بشكل شامل وكامل. وثمّن المجلس عالياً تفهم الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجهنا، والمخططات الإسرائيلية التي تهدد مشروعنا الوطني، ووجوب ارتقاء الجميع إلى أعلى درجات التلاحم والتكاتف، وتضافر الجهود لإنهاء الانقسام البغيض ومعالجة الندوب والجروح العميقة التي تسبب بها، وتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية الصادقة كشرط لا يسبقه شرط آخر، واستنهاض كافة الطاقات للعمل المكثف والتعاون المشترك واعتماد لغة الحوار كأساس لمواصلة بناء الوطن ومؤسساته، ورعاية مصالح شعبنا وضمان الحياة الكريمة للجميع. كما ثمّن المجلس استعداد جميع الأطراف السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لدعم حكومة الوفاق في جهودها لمعالجة جميع تداعيات الانقسام وتبعاته على الحياة الفلسطينية لتجاوز الصعاب الجمة، والإشكالات المعقدة التي خلفتها سنوات الانقسام، بالإضافة إلى الحروب الثلاثة المدمرة التي شنتها إسرائيل على شعبنا، وأسفرت عن دمار واسع وخراب لم يستثن أي قطاع من القطاعات الحيوية التي تمس جوهر حياة الناس.
وشدد المجلس على أن عملية إنهاء الانقسام تستدعي من كافة القوى والفصائل، ومكونات المجتمع الفلسطيني وأطيافه وأطره ومؤسساته الاصطفاف خلف قيادتها لبلورة الرؤية ورسم خارطة طريق فلسطينية وطنية واحدة نعيد بها وضع قضيتنا الفلسطينية على رأس سلم اهتمامات المجتمع الدولي، وتلزمه بوضع خارطة طريق لإنهاء الاحتلال عن الأرض الفلسطينية، وتمكننا من إنجاز حقوق شعبنا في التخلص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال. وشدد المجلس على أن شعبنا الذي سطّر على أرض فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات ملحمة الكفاح المتواصل وأعظم حكايات الصمود والتضحية، ونهض من حُطام النكبة والنكسة ومن بين الركام والدمار الوحشي الذي لحق بقطاع غزة، قادر بتكاتفه وتضامنه على النهوض وهو أكثر تصميماً على استعادة وحدته وحمايتها، وتجسيد دولته المستقلة وصون هويته الوطنية وقراره الوطني المستقل، وتكريس حقه الطبيعي في الحياة على أرضِ وطنه ونيل حقوقه كاملة غير منقوصة، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره وتجسيد سيادة دولة فلسطين المُستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، والتي لا يمكن أن تكون في غزة، ولا يمكن أن تكون دون غزة، ودون وحدة جغرافية وسياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وبعاصمتها الأبدية القدس الشرقية.
وحذّر المجلس من عزم رئيس الوزراء الإسرائيلي السماح للإدارة المدنية بالمصادقة على بناء 3800 وحدة استيطانية جديدة، موزعة على الكتل الاستيطانية الكبرى والمستوطنات المعزولة بالإضافة للحي اليهودي في مدينة الخليل، وأكد المجلس أن على المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية إلزام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بقرارات الأمم المتحدة وآخرها القرار (2334) المتعلق بالاستيطان، ووقف تحديها للمجتمع الدولي باستمرار استعمارها، وسياساتها الاستيطانية، وتشريع قوانين عنصرية، وتلويحها بالمزيد من الخطوات التي ترمي إلى ترسيخ احتلالها واستعمارها، بهدف إفشال أي جهد يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى الالتزام بالإجماع الدولي على حل الدولتين وبقرارات الشرعية الدولية نحو إنهاء احتلالها الاستعماري لأرضنا، وإقرارها بحقوق شعبنا المشروعة، وعدم الاكتفاء ببيانات التنديد والرفض، وإنما القيام بما يتوجب على المجتمع الدولي القيام به باتخاذ ما يلزم لمحاسبة إسرائيل، على انتهاكاتها لمبادئ الشرعية الدولية وقراراتها وإلزامها بإنهاء احتلالها، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كأساس لإرساء الأمن والسلم الدوليين.
وأدان المجلس بشدة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق المقدسات الإسلامية في القدس والخليل وبيت لحم، واقتحام مجموعات من المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك بحراسات مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسط محاولات متعددة لأداء طقوس وشعائر علنية باللباس التلمودي التقليدي، خاصة في منطقة باب الرحمة والمغاربة بمدينة القدس، بالإضافة إلى إغلاق الحرم الإبراهيمي بالكامل أمام المصلين بمناسبة ما يسمى عيد العرش اليهودي، ومنع رفع الأذان في الحرم، في اعتداء صارخ على حرية العبادة وعلى حق المسلمين في الحرم الإبراهيمي الشريف، وكذلك قيام مجموعة من المستوطنين باقتحام منطقة برك سليمان بمدينة بيت لحم، وتأدية طقوسٍ تلمودية في المكان.
كما أدان المجلس سياسة الاعتقالات الجماعية والفردية للمواطنين الفلسطينيين بشكل يومي، وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجرائم وعن الاستفزازات التي تنتهك القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، مطالباً المجتمع الدولي بعدم الوقوف عند حد الإدانات لانتهاكات الاحتلال، وإنما باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقفها فوراً، ومحاسبة إسرائيل ومساءلتها عن إرهابها وجرائمها المتواصلة تجاه أبناء شعبنا الأعزل.
وأكد المجلس على أهمية المشاركة الواسعة من قبل المؤسسات الرسمية بما في ذلك منتسبي المؤسسة الأمنية، وكذلك المؤسسات الأهلية والمواطنين في موسم قطف الزيتون تعبيراً عن التضامن الوطني الشامل مع المزارعين وأصحاب الأراضي في مواجهة إرهاب المستوطنين ومخططات الاستيطان الإسرائيلية، التي تستهدف الأرض وتحديداً شجرة الزيتون التي تعتبر رمزاً لتمسك شعبنا بأرضه وإصراره على حمايتها. ودعا المجلس كافة المؤسسات الرسمية والأهلية والتعليمية إلى تنظيم حملات تضامن تطوعية في هذا الموسم وتقدم المجلس بالتهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري الشقيق بتأهل المنتخب المصري لنهائيات كأس العالم في روسيا، متمنياً له المزيد من التقدم والإنجاز على هذا الصعيد.
وصادق المجلس على آلية جديدة لتنسيق مساعدات الدول المانحة في فلسطين، والتي مضى على وجودها أكثر من اثني عشر عاماً، ما يمكننا من تعزيز ملكيتنا وقيادتنا الفلسطينية لعملية إدارة آلية مساعدات الدول المانحة وتحديدها وتوجيهها بما يتواءم مع أولوياتنا الوطنية الواردة في أجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017 – 2022، من خلال ثلاث عشرة مجموعة عمل قطاعية بقيادة فلسطينية تغطي جميع القطاعات الحيوية في أجندة السياسات الوطنية.
وناقش المجلس الوضع القانوني والمالي لشركة كهرباء محافظة القدس، مؤكداً أن الحكومة ستتخذ كافة الإجراءات المالية والإدارية اللازمة حسب القانون، خاصة بعد الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مع الجانب الإسرائيلي العام الماضي بخصوص نقل إدارة قطاع الكهرباء إلى السلطة الوطنية وبما يضمن المحافظة على الشركة واستمرار تقديمها للخدمة لكافة المواطنين وفي نفس الوقت إلزامها بتنفيذ الاتفاقية الموقعة بين الشركة ووزارة المال والتخطيط المتعلقة بالمستحقات المالية، كما صادق المجلس على تشكيل مجلس إدارة صندوق إقراض طلبة مؤسسات التعليم العالي في فلسطين، والذي يهدف إلى تعزيز فرص الطلبة في متابعة تعليمهم الجامعي.
وأحال المجلس كلاً من مشروع قرار بقانون هيئة تطوير محافظة أريحا والأغوار، ومشروع قرار بقانون التراث الثقافي المادي، ومشروع قرار بقانون المطبوعات والنشر، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء واتخاذ المقتضى القانوني المناسب في جلسات مقبلة.