الجنود الإسرائيليين

بدأ ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة يربك المشهد السياسي والأمني الإسرائيلي، في ظل مطالبات عائلات الجنود الإسرائيلين الأسرى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية العمل لإطلاق سراحهم، فالمشهد بات يختلف عن سابقه.

وكشفت مصادر دبلوماسية النقاب عن طلب الاحتلال الإسرائيلي من وسطاء أوروبيين التواصل مع حركة حماس والحديث إلى قادة الحركة حول الجنود الإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة، الذين تمكّنت المقاومة من أسرهم خلال العدوان الأخير على القطاع صيف العام الماضي. واستقالة المنسق الخاص بشؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، ليئور لوتان، بظلالها على الرأي العام الاسرائيلي، الذي اتهم الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بالتقاعس في استعادة الجنود من غزة.

وقدّم لوتان، استقالته، الخميس الماضي، من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، في أعقاب جلسة عقدها مع نتنياهو، بعد ثلاث سنوات قضاها في هذه الوظيفة، وكان يفترض أن يستمر في عمله. وانشغل الإعلام الإسرائيلي بهذا الطلب في حين كانت هناك ردود فعل غاضبة من قبل الشخصيات الإسرائيلية وكذلك أهالي الجنود الإسرائيليين المحتجزين في عزة، تجاه نتنياهو واتهموه بإفشاله.ونسبت صحفية، لمسئولين في مكتب نتنياهو القول أن "لوتان قرر الاستقالة بعد جمود الاتصالات في الفترة الأخيرة مع حماس، وأن المناورات السياسية من طرف الحكومة الإسرائيلية والمفاوضات محدودة للغاية".

وأشاروا إلى أنه منذ تعيين لوتان في منصبه قبل ثلاث سنوات، ناقش مع العشرات من المسؤولين ملف الأسرى العالقين في غزة، إلا أن سياسيات نتنياهو المتعنتة بخصوص هذا الملف منعت من إحراز تقدم أو حدوث أي جديد مما أصاب هذا الملف بالجمود، بحسب الصحيفة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان،  إن الحكومة الإسرائيلية مطالبة بعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبت خلال صفقة شاليط لتبادل الأسرى مع حماس.

وقال مهندس صفقة الجندي "جلعاد شاليط" الناشط الإسرائيلي المخضرم "غرشون باسكين" إنه لا يمكن الضغط أكثر على قطاع غزة في سبيل الإفراج عن الجنود المخطوفين، وذلك رداً على دعوات عائلة الجندي "هدار غولدين" بضرورة الضغط على حماس لاستعادتهم.

وأضاف "باسكين" في حديث لإذاعة الجيش بأن "إسرائيل" تمارس ضغوطها على قطاع غزة منذ 10 سنوات والنتيجة تدهور القطاع إلى مستويات قياسية من الفقر وأكثر من 60% بطالة ، فما هو الضغط الاقتصادي الذي يمكن ممارسته على غزة ؟ لا يوجد لديهم نقطة ماء ولا كهرباء ، فعن أي خزعبلات تتحدثون؟".

 وتحدث "باسكين" عن الخيارات الممكنة لحل قضية الجنود والإسرائيليين بقطاع غزة مشيراً الى وجود خيارين فإما الرضوخ لمطالب حماس في نهاية المطاف أو الذهاب نحو عملية عسكرية لاستعادتهم بالقوة. ورداً على سؤال حول الثمن الذي يتوجب على "إسرائيل" دفعه لقاء استعادة الجنود وهل سيكون مشابهاً لثمن الجندي شاليط. قال "باسكين": إن ثمن الجثث لن يكون كثمن الجندي الحي ، وأنه لا مناص في نهاية المطاف من الإفراج عن أسرى لاستعادتهم .

ولفت "باسكين" إلى قيامه بجهود للوساطة في إبرام صفقة جديدة مع حماس بالتشاور مع المنسق السابق "ليؤور لوتان" إلا أن الحكومة لم تمنحه مجالاً واسعاً للمناورة وبالتالي فقد استقال. وأفرجت اسرائيل عن 1027 أسيرا فلسطينيا من سجونها، مقابل الإفراج عن الجندي غلعاد شاليط الذي كان في الأسر 5 سنوات لدى كتائب القسام في قطاع غزة. ولفت ليبرمان إلى أن معظم الفلسطينيين المفرج عنهم بموجب صفقة شاليط واصلوا نشاطهم ضد إسرائيل.

وبين ليبرمان أن أذرع الأمن الإسرائيلية أقدمت على اعتقال 202 من المفرج عنهم ضمن صفقة شاليط، بحيث أن 111 أسيرا منهم ما زالوا رهن الاعتقال بالسجون الإسرائيلية، مؤكدا أن 7 إسرائيليين قتلوا بتوجيهات من قبل المحررين بموجب الصفقة.

وأتت تصريحات ليبرمان، ردا على الانتقادات والاتهامات للحكومة الإسرائيلية التي وجهتها عائلات الجنود والمدنيين الأسرى لدى حماس، وذلك في أعقاب استقالة منسق الأسرى والمفقودين في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، ليئور لوتان.

وقال الصحافي الإسرائيلي ألموغ بوكر، من القناة العاشر في التلفاز الإسرائيلي إن "لوتان شعر أن الحكومة تماطل وتسوف ولم تسمح له بإجراء حوار حقيقي حول هذا الملف". وأضاف: أن "حديث ليبرمان قبل عام عن عدم موافقته عقد صفقة تبادل مع حماس هو السبب الرئيسي لاستقالة مسؤول ملف التفاوض ليؤر لوتان".

أما والد الضابط الإسرائيلي هدار الأسير في غزة، سمحا غولدن، فقال: "لوتان تلقى رصاصة في الظهر من قبل نتنياهو ولم يدعمه في إنضاج الملف". وتابع، في تصريحات نشرتها وسائل اعلام عبرية، "نشعر بأنه تم التخلي عنا من قبل الحكومة وهذا ليس غريبا في ظل الجمود وعدم الاهتمام الذي تمارسه الحكومة بهذا الملف طيلة الفترات السابقة, وفي نفس الوقت نشكر ليؤر لوتانعلى ما بذله من جهد في القضية".

وأوضح: "استقالة ليؤر لوتان بمثابة دليل قوي حول عجز رئيس الوزراء ووزير الدفاع في محاولات استعادة الجنود الأسرى لدى حماس في غزة". وطالبت والدة الجندي شاؤل أرون، الحكومة بالإسراع بتعيين ممثلاً آخراً، مشيرة في الوقت نفسه أنه "إذا ما تأخر التعيين فسيَثْبُت لنا أن قضية الأسرى ليس على سلم أولوياتها".

واعتبر وزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعلون استقالة لوتان بأنها "مقلقه"، مطالبا الحكومة الإسرائيلية التزام الأخلاقي لإعادة قتلى الجيش الإسرائيلي ودفنهم في موطنهم، الالتزام تجاه إعادة المواطنين الإسرائيليين المخطوفين.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة صيف العام الماضي، أعلنت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس” في 20 من يوليو/تموز 2014، عن أسرها الجندي الإسرائيلي، شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري للجيش الإسرائيلي، شرق مدينة غزة. وبعد يومين، اعترف الجيش الإسرائيلي بفقدان آرون، لكنه رجح مقتله في المعارك مع مقاتلي “حماس”.

وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن السلطات الإسرائيلية قامت باعتقال نحو 70 أسيرًا ممن تحرروا بموجب صفقة “شاليط” وأعادت أحكام 34 أسيرا ( من بينهم أحكام بالمؤبد). وتمت صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل في أكتوبر/ تشرين أول 2011 برعاية مصرية، أُفرج من خلالها عن 1027 من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته حركة “حماس” عام 2006.