غزة - كمال اليازجي
تنطلق أعمال الدورة الـ23 للمجلس الوطني الفلسطيني، اليوم الاثنين، في قاعة أحمد الشقيري، في مقر الرئاسة، في مدينة رام الله، مع تصاعد الجدل والاتهامات حول انعقاده، في غياب فصائل فلسطينية من بينها حماس والجهاد، والجبهة الشعبية المنضوية تحت إطار المنظمة.
وينتخب المجلس، وفقًا لجدول الأعمال، لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، في نهاية دورته التي تستمر 4 أيام، ويتضمن البرنامج تقديم تقارير مفصلة للجنة التنفيذية الحالية، والصندوق القومي، والمالي، ولجان المجلس، وبحث سبل مواجهة المحاذير المحدقة بالقضية الفلسطينية، في ظل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب "الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال"، ونقل سفارة بلاده إليها عشية ذكرى "النكبة"، في منتصف مايو /أيار المقبل".
وينعقد المجلس بحضور نحو "765 عضوا"، يمثلون مختلف الفصائل والتجمّعات الفلسطينية في الداخل والشتات، ويأتي انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، وهي أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ضمن خطوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس لترتيب البيت الداخلي لضمان انتقال سلس للسلطة.
وعقد المجلس الوطني منذ تأسيسه 22 مرة، آخرها دورة استثنائية في رام الله عام 2009. انتهت بتعيين وانتخاب 6 أعضاء جدد في المنظمة، ليصبح عدد أعضائها 18 عضوًا، وسيضمن انتخاب لجنة تنفيذية جديدة التخلص من شخوص والدفع بآخرين لتشكيل قيادة جديدة وقوية.
وحددت حركة فتح 3 من أعضاء لجنتها المركزية رشحتهم لانتخابات اللجنة التنفيذية، وهم الرئيس محمود عباس وصائب عريقات، وهو أمين سر اللجنة التنفيذية الحالية، وعزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في الحركة.
واختيار هؤلاء يقوي موقفهم أيضا، فيما يخص إمكانية خلافة الرئيس عباس، الذي كان عين قبل عام محمود العالول نائبا له وأعطاه صلاحيات كبيرة، ويعني انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ضربة أخرى لمعسكر حماس في إطار حرب "التمثيل".
وهاجمت حماس مجددًا عقد الوطني في رام الله، وقال رئيس مكتب العلاقات الوطنية في الحركة حسام بدران، أمس الأحد "إن جلسة الوطني، ضربة قوية للجبهة الداخلية الفلسطينية والوحدة الوطنية"، وأَضاف أن انعقاد المجلس الوطني دون مشاركة الكل الفلسطيني، يضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة ما تسمى صفقة القرن.
وشدد عضو المكتب السياسي للحركة، على أن قيادة السلطة الفلسطينية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تراجع حال الوحدة الداخلية الفلسطينية، وأعلنت حركة حماس رفضها لقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عقد المجلس الوطني بهيئته وتركيبته الحالية، وقالت بأنها لن تعترف بمخرجاته.
كما أعلنت الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي، رفضهما للجلسة ومخرجاتها مهما كانت؛ لكن الجبهة الديمقراطية، وافقت أمس على مشاركتها في جلسات المجلس الوطني. وأعلن عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، قيس عبد الكريم، في مؤتمر صحافي، عقد برام الله، أن تيسير خالد هو مرشح الجبهة في اللجنة التنفيذية.
وجاء في البيان الذي تلاه عبد الكريم: الجبهة الديمقراطية أكدت أهمية هذا الاستحقاق، داعية إلى بذل كل الجهود، من أجل ضمان مشاركة جميع القوى الفلسطينية في أعمال المجلس، توطيدا لمكانة منظمة التحرير بوصفها الممثل الشرعي الوحيد.
وعقدت حماس والجهاد في قطاع غزة ومدينة ميلانو الإيطالية، أمس، مؤتمرات شعبية تزامنا مع الترتيبات النهائية لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة رام الله، وشاركت قيادات من حركة حماس، وكتاب ومحللون محسوبون على الحركة، وكذلك حركة الجهاد الإسلامي وتنظيمات فلسطينية صغيرة مدعومة من حماس، في المؤتمر الشعبي الوطني الذي عقد في مركز رشاد الشوا.
وألقى قياديون من حماس والجهاد وشخصيات أخرى، كلمات عبروا فيها عن رفضهم لعقد المجلس الوطني بصيغته الحالية، وقال محمود الزهار القيادي في الحركة، خلال كلمة له، بأنه لا شرعية للمجلس الوطني، متهما إياه بـ"محاربة المقاومة والتنازل عن فلسطين".
وأضاف الزهار "كل ما سيصدر عن هذا المجلس من قرارات هي قرارات باطلة وغير ملزمة"، محملا كل من يحضر جلسة المجلس، مسؤولية ما يترتب على انعقاده من تكريس للانقسام وانحرافات في السلوك الوطني، على حد قوله.
وقال خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي "إن الشعب الفلسطيني بأمس الحاجة إلى قيادة وطنية تعمل على لم الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال"، داعيا إلى ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني في سياق الاتفاقات الوطنية، الموقع عليها في 2005 و2011. ومخرجات بيروت 2017.
وصدر في أعقاب انتهاء أعمال المؤتمر، بيان ختامي، دعا فيه المشاركون إلى ضرورة تأجيل جلسة المجلس الوطني المقرر عقدها اليوم في رام الله. مطالبين بالعمل على عقده في وقت لاحق، في مكان يناسب جميع القوى الفلسطينية.
ودعا البيان الرئيس محمود عباس "للانحياز إلى شعبه والعمل بشكل وطني يُحسب له". وأكد على أن منظمة التحرير ستبقى ممثلة للشعب الفلسطيني، وأن يتم الحفاظ على إرث المجلس الوطني، كما دعا كافة القوى الوطنية والإسلامية بالعمل، بشكل موحد، لمواجهة قرارات ترمب ومحاولات تمرير "صفقة القرن".
وشهدت مدينة ميلانو الإيطالية في الوقت ذاته، انطلاق فعاليات مؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس عشر، وذلك تزامنا مع قرب إحياء الذكرى السبعين للنكبة، حيث تناول المؤتمر قضايا منها عقد المجلس الوطني وحصار غزة ومسيرات العودة وغيرها.
وألقى رئيس المؤتمر ماجد الزير، مدير مركز العودة الفلسطيني في لندن، كلمة، حذر فيها من مغبة عقد المجلس الوطني تحت مظلة الاحتلال، مشددًا على ضرورة وقف "الاستفراد بالقرار الفلسطيني وترسيخ الانقسام".
وتزامن عقد تلك المؤتمرات مع رفض الحكومة اللبنانية عقد مؤتمر مماثل في بيروت، بمشاركة فصائلية فلسطينية بإدارة من لجنة تتبع لحركة حماس.
وبحسب مصادر فلسطينية ولبنانية، فإن السلطة الفلسطينية تقدمت بطلب رسمي إلى الحكومة اللبنانية لمنع عقد هذا المؤتمر، مشيرة إلى أن الحكومة اللبنانية وافقت فورا على الطلب، وأبلغت المسؤولين عنه بمنع عقده بعد أن كانت وافقت على ذلك سابقا.
وتتخوف السلطة الفلسطينية من محاولات تشكيل إطار بديل أو موازٍ. وقال محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح "لن ينجح أي أحد في تشكيل جسم بديل عن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أو خلق اصطفاف موازٍ لها أو شطبها".