غزة – محمد حبيب
حذّرت أوساط إسرائيلية من سعي حركة حماس بين حين وآخر إلى إشعال الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، لأنها تعتقد بأنه "في أي مواجهة عسكرية مقبلة ستكون الضفة في ذروة الأحداث، رغم أنها أصيبت بخيبة الأمل من عدم فتح أي جبهة قتالية خلال حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014".
ونقل الخبير العسكري الاسرائيلي في صحيفة معاريف نوعام أميرعن مصدر "إسرائيلي "كبير في جهاز الأمن العام "الشاباك" أن حماس "أقامت في الضفة الغربية قيادة موسعة مكونة من عشرات الأفراد والكوادر، لتجهيز البنية التحتية التنظيمية اللازمة للحركة، ومن مهام هذه البنية إقامة خلايا مسلحة، وتدريب العناصر، وتأهيلهم إلى تنفيذ هجمات مسلحة لحظة وصول الأوامر بذلك".
وأضاف المصدر، الذي لم يذكر اسمه، أن "حماس تسعى من هذه البنية لأن تكون صاحبة تأثير لتقوية نفوذها في الضفة، وأن تكون عنصرًا أساسيًا في أي تطورات قد تشهدها المنطقة بأسرها"، شارحًا أن "عملية تجنيد العناصر في حماس تتم داخل الضفة من بيت لبيت، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، والدعم المالي"، وأكد المصدر العسكري أن حماس "تحرص على إمداد عائلات منفذي الهجمات ضد الإسرائيليين منذ اندلاعها في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بكامل الدعم الاقتصادي والرعاية الاجتماعية"، كما "تقوم الحركة بتنظيم الكثير من المظاهرات، وتقود الجنائز الشعبية، والمسيرات الجماهيرية، وهي كلها تسهم في إشاعة أجواء التحريض في الضفة الغربية".
وفي السياق، ذكر الخبير الإسرائيلي بالشؤون الفلسطينية يوني بن مناحيم أن إسرائيل "تسعى جاهدة للحفاظ على سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن أجهزتها الأمنية تبذل جهودًا مضنية للحفاظ عليه، لمواجهة العدو الأساسي في الساحة الفلسطينية المتمثل في حركة حماس"، وأشار بن مناحيم في مقاله على موقع "المعهد الأورشليمي لشؤون الدولة"، المقرب من دوائر القرار في إسرائيل، إلى أن إسرائيل "استجابت لطلبات عباس لاستقرار حكمه، كتسهيل انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح برام الله قبل شهرين، وتلقيه كامل المساعدة من اسرائيل، باعتقالها معارضيه الذين حاولوا إفشال المؤتمر".
وأوضح بن مناحيم، وهو الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" أن إسرائيل "ترى عباس الأقل عداءً لها من باقي الجهات الفلسطينية، لا سيما حماس، التي تسعى بشكل استراتيجية للسيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية، مقابل محاولاتها لتنفيذ هجمات مسلحة قاسية ضد إسرائيل"، وختم بالقول إن "إحباط الأجهزة الأمنية الفلسطينية الهجمات التي تخطط لها حماس ضد إسرائيل، يقابلها توظيف إسرائيل لقدراتها الأمنية والاستخبارية للحفاظ على سلطة عباس واستقرارها، مما يعني أننا أمام مصلحة أمنية مشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأن السلطة مدينة بالشكر لإسرائيل".
وفي غضون ذلك تبذل قوات الاحتلال الاسرائيلي أقصى جهودها، مسخرة مختلف الوسائل والأساليب، من أجل الحفاظ على جنودها، خصوصًا بعد فشل منظومتها الأمنية في السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، ومنع وقوع عمليات فدائية في ظل انتفاضة القدس.
وشهدت مدن الضفة في الفترة الأخيرة توترًا ملحوظًا، بعد تنفيذ عمليات بطولية، كان أبرزها "شاحنة الانتفاضة" التي نفذها فادي القنبر، وأدت إلى مقتل 4 جنود اسرائيليين، الأمر الذي دفع الاحتلال إلى تشديد إجراءاته الأمنية وتكثيف حملات الاعتقالات والمداهمات، ومن بين تلك الوسائل، إقدام الاحتلال على وضع كاميرات صغيرة فوق منازل المواطنين في مدن الضفة، وأولها بيت لحم، بهدف التجسس ومراقبة حركة المواطنين والشبان، وتتميز هذه الكاميرات بصغر حجمها واحتوائها على شبكة إلكترونية، حيث يمكنها التصوير على مدار الساعة وإرسال الصور المصورة.
وتأكيدًا لذلك، كشف أحد المواطنين من بلدة "تقوع" شرق مدينة بيت لحم، بزرع الاحتلال لكاميرات مراقبة صغيرة داخل منزله، أثناء اقتحام المنزل بحجة التفتيش، موضحًا أن قوات الاحتلال وخلال حملة مداهمة واعتقالات في البلدة، اقتحمت منزله ومنازل أشقائه في البلدة قبل أيام، بحجة الاستجواب والتفتيش، إلا أنهم فوجئوا بعد فترة من خروج قوات الاحتلال من المنزل بوجود قطع صغيرة مثبتة أعلى باب المنزل.
وفي هذا الإطار، حذر فؤاد الخفش مدير مركز الأسرى للدراسات، من زرع قوات الاحتلال كاميرات وأجهزة تنصت داخل منازل الفلسطينيين بعد اقتحامها، وأكد الخفش، في تصريح صحافي أن عديدًا من العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، اكتشفت وجود أجهزة تنصت ومراقبة زرعها جيش الاحتلال داخل منازلهم بصورة سرية بعد اقتحامها، وأوضح أن تلك الكاميرات تراقب كل أفراد المنزل بصورة دائمة وعلى مدار الساعة وتوصلها مباشرة بأجهزة الاحتلال المختصة، معتبرًا ذلك "خرقًا واضحاً للحقوق والإنسانية وتعديًا على حرمات المنازل الفلسطينية".
وأشار الخفش، إلى أن قوات الاحتلال تلجأ في بعض الأحيان إلى قطع التيار الكهربائي عن المنطقة بأكملها، حتى يتسنى لها تركيب كاميرات المراقبة وأجهزة التنصت الصغيرة والمتطورة جدًا في الشوارع وعلى أبواب المنازل دون أن يراها أحد.
ولفت إلى أن الاحتلال مستعد لاتخاذ كل الخطوات حتى وإن كانت تمس حياة وأمن وخصوصية الفلسطينيين، مقابل الحصول على المعلومات الأمنية ومراقبة منازل الفلسطينيين، وخاصة من الأسرى المحررين، ومن الواضح أن الاحتلال يتخذ مثل هذه الاجراءات، بغرض بسط السيطرة على مدن الضفة بشكل كامل، واحتواء العمليات البطولية، وهو ما ذهب إليه المختص في الشأن الاسرائيلي محمود مرداوي، حيث اعتبر مرداوي تركيب الاحتلال لهذه الكاميرات، جزءًا من المنظومة الأمنية لإحكام قبضته على الضفة، واحتواء انتفاضة القدس، من خلال منع وقوقع العمليات البطولية.
ويوضح أن الاحتلال يسعى من خلال ذلك إلى الوقوف على كل ما يجري في مناطق الضفة بشكل فوري وسريع، مشيرًا إلى أن هذه الكاميرات تستطيع تخزين المعلومات، ما يمكّنه لترجمتها على أرض الواقع عند حاجته إليها، ولفت إلى أن الاحتلال ينفق أموالًا طائلة ويستغل التكنولوجيات والأمور التقنية، من أجل منع وقوع عمليات في أراضي الضفة، منبهًا المواطنين إلى ضرورة الانتباه لمثل هذه الإجراءات التي تسعى إلى النيل من المقاومة.
ويذكر أنه سبق ذلك، إجراءات عدة للاحتلال لاحتواء انتفاضة القدس، وفق ما كشفه موقع "واللا" العبري، بشأن إقرار قيادة الجيش إجراء تغييرات من خلال إنشاء قسم للقناصة في كل كتيبة عاملة في الضفة، بحيث تلزم تلك الكتيبة بوجود قناص في كل عملية قمع للمظاهرات، من أجل إحكام السيطرة على الوضع عن بعد.