مستشار الرئيس دونالد ترمب وصهره جاريد كوشنر

تشهد الساحة الإسرائيلية، الحزبية والسياسية والأمنية، خلافات واسعة حول تطبيق «صفقة القرن». وقد أدّت هذه الخلافات إلى تأجيل قرار رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، طرح مشروع قرار في جلسة الحكومة، بعد غد (الأحد)، لضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وأثار القرار موجة سخط في صفوف اليمين الحاكم. وقال مقرب من نتنياهو إن التأجيل هو لبضعة أيام فقط، فيما حذر وزير الأمن، نفتالي بنيت، قائلاً: «أخشى من أن يطول التأجيل إلى ما بعد الانتخابات، كما تريد المعارضة. لكن علينا أن ندرك في اليمين أن عدم اتخاذ قرار بالضم قبل الانتخابات يعني أنه لن يُتّخذ قرار بالضم إلى الأبد».

وذكرت أوساط سياسية في تل أبيب أن التأجيل نبع من عدة أسباب، أهمها موقف البيت الأبيض وموقف القيادات الأمنية الإسرائيلية. فقد طلبت الإدارة الأميركية من حكومة إسرائيل ألا يتم الإسراع في قرارات الضم. وقالت إن «مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أكدوا أن البيت الأبيض أوضح لنتنياهو أنه يعارض خطوات إسرائيلية أحادية الجانب وفورية». وقد بادر مستشار الرئيس دونالد ترمب وصهره، جاريد كوشنر، إلى الإعلان صراحة عن هذا الموقف، وقال في عدة مقابلات مع قنوات تلفزيون عربية، إن بلاده «تأمل أن يجري الضم بعد الانتخابات الإسرائيلية القريبة»، التي ستجري في 3 مارس (آذار) المقبل. وأوضح رداً على سؤال إن كانت الإدارة تؤيد إجراء الضم في الوقت الحالي، أنه «لا، اتفقنا معهم (الحكومة الإسرائيلية) على تشكيل لجنة لتعد الخرائط. غور الأردن قد يعني أموراً كثيرة جداً، وأرغب أن تُحدد كل المعايير، ووقت ذلك سنعرف أيضاً ما هو التجميد (في التوسع الاستيطاني)»، في إشارة إلى البند في «صفقة القرن» الذي ينص على تجميد التوسع الاستيطاني لمدة أربع سنوات خلال المفاوضات.

وقالت مصادر عسكرية إن قيادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية تتحفظ بشدة على الإسراع في اتخاذ قرارات حاسمة للضم، وتطلب التروي والتقدم في القرارات شيئاً فشيئاً حتى تدرس ردود الفعل الفلسطينية، وتمنع انفجاراً كبيراً. كما أنها عبرت عن قلق المؤسسة الأمنية الشديد حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية - الأردنية عقب النية لضم الأغوار ومستوطنات الضفة الغربية، وحذّرت من خطوات أحادية في الحرم القدسي.

وعلى أثر نشر هذا الموقف ردّ وزير الأمن، نفتالي بنيت، بغضب، وقال: «نحن في الحكومة من يُملي ويفرض السياسة. لم نسأل رؤساء المؤسسة الأمنية عن موقفهم. أخبرناهم أنه يجب عليهم الاستعداد لإمكانية قيام إسرائيل بضم المستوطنات في غضون بضعة أيام، وعليهم تطبيق السياسة على الأرض».
واحتجّ بنيت، وهو الذي يقود تحالف أحزاب اليمين الاستيطاني المتطرفة، على قرار نتنياهو تأجيل قرار الضم. وقال إنه أمر بتشكيل فريق خاص للعمل فوراً على اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيق السيادة على غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية. وأوضح بنيت أن الفريق يشمل مسؤولين من جميع الأفرع والمؤسسات العسكرية والأمنية المختلفة، وذلك لتطبيق السيادة وفق ما ورد في خطة الرئيس ترمب. وأكد بنيت أن الفريق سيبدأ العمل فوراً على تطبيق السيادة، ولن ينتظر إلى ما بعد الانتخابات. وأضاف: «أخبرنا أعز صديق لدولة إسرائيل في البيت الأبيض أن نقوم بتطبيق السيادة فوراً، وبعد أيام ستعترف الولايات المتحدة بها. هذه هي أكبر فرصة سياسية قرعت أبوابنا منذ 50 عاماً، لكن الفرصة يمكن أن تمرّ، إذا لم يتم اغتنامها وتنفيذها. فإذا لم نتخذ قراراً واضحاً بالضم قبل الانتخابات، فلن يكون هناك قرار إلى الأبد». وكشفت مصادر في اليمين الإسرائيلي الاستيطاني أن لديها تأكيداً من السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فرديمان، بأن من حق إسرائيل أن تضم المناطق فوراً، وأن هذا هو ما أثار البلبلة في الحكومة الإسرائيلية، وجعلها تسارع إلى اتخاذ قرار في الحكومة. ولكن، بعد التصريحات التي أدلى بها كوشنر، قرر نتنياهو تأجيل اتخاذ القرار حتى يتفاهم مع الإدارة الأميركية.

وحاول وزير السياحة، ياريف ليفين، الذي رافق نتنياهو في زيارته إلى واشنطن، تبرير التأجيل، قائلاً: «في تقديري أن قرار الضم لن يتم يوم الأحد، لسبب بسيط، وهو أن ثمة حاجةً لتنفيذ أعمال تمهيدية. وثمة حاجة إلى وضع المقترح أمام المستشار القضائي للحكومة، وإعطائه الوقت لفحص الأمور. وغايتنا هي تنفيذ ذلك في الأيام القريبة. لكننا لن نتمكن من تنفيذ ذلك حتى يوم الأحد».

ونشرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من نتنياهو، تقريراً، أمس (الخميس)، قالت فيه إن التحول في موقف نتنياهو يعود إلى «قرار مستشاريه بأنه لم يحن الوقت المناسب بعد لإصدار قرار حكومي بشأن الضم، وذلك لأسباب (فنيّة)»، نظراً للحاجة إلى ما وصفته الصحيفة بـ«إجراءات إدارية معقدة وواسعة». ونقل التقرير عن «مصادر مطلعة»، أن عملية الضم ستستغرق وقتاً أطول، لأنها ستتطلب ترسيماً للخرائط لمطابقتها مع تلك الواردة في خطة ترمب، بالإضافة إلى ضرورة تنسيقها بدقة مع الإدارة الأميركية، وبالتزامن مع ذلك، يجري العمل مع رؤساء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة لضمان إدراج جميع المستوطنات في القرار، وفقاً للخطط الرئيسية التي تحددها «صفقة القرن»، والتأكد من أن هذه التجمعات الاستيطانية «لن تتضرر من القرار على المدى الطويل».

وأشارت الصحيفة إلى أن السفير فريدمان تراجع عن تصريحاته المذكورة أعلاه وأوضح، في حديث لصحافيين إسرائيليين في واشنطن، بأن لجنة أميركية - إسرائيلية مشتركة سيتم تشكيلها لبحث هذه الخطوة. وقال: «تريد الإدارة الأميركية تشكيل لجنة مع إسرائيل لبحث هذه المسألة. فهذه عملية تتطلب جهداً ودقة وضمان أنها تتوافق مع خطتنا»، وشدد على أنه «سيتم تشكيل اللجنة في أقرب وقت ممكن، وسنحاول الانتهاء بسرعة، لكني لا أعرف مدة الوقت الذي يستغرقه ذلك».

وحسب «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي، فإن هناك ثلاثة أسباب لمعارضة الأميركيين لخطوات الضم، هي أولاً رغبتهم بتأييد أكبر عدد ممكن من الدول العربية لـ«صفقة القرن»، وثانياً وجود أمل في أن يخفف الفلسطينيون من معارضتهم للصفقة، وثالثاً الملك الأردني عبد الله الثاني، الذي يعارض ذلك بشدة، وحتى إنه يهدد بأن ضم غور الأردن سيقود إلى إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل. وأضافت القناة أن البيت الأبيض لم ينفِ أقوال المسؤولين أعلاه، ولكنه رفض التطرق إلى أقوالهم.

من جهة ثانية، أعلن رئيس كتلة «كحول لفان»، بيني غانتس، أنه تفاهم مع الرئيس ترمب، خلال لقائهما في البيت الأبيض، يوم الاثنين الماضي، على أن يتم تطبيق «صفقة القرن» بعد انتخابات الكنيست. وصرح بأنه ينوي طرح مشروع «صفقة القرن» في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). ورفض ناطق بلسان نتنياهو هذا التوجه، قائلاً إن «غانتس يحاول الركوب على إنجازات حكومة الليكود». وقد فسر غانتس خطوته هذه بأنه يريد أن يختبر مدى صدق اليمين في قبول الصفقة وهل يقبل كل ما فيها، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل». وأكد غانتس أنه سيعمل على تطبيق صفقة القرن، بعد الانتخابات، بالتنسيق والتفاهم مع دول عربية ومع الفلسطينيين.

يهمـــك أيضـــا:

  عريقات يُؤكد أنَّ الولايات المتحدة الأميركية تحاول تدمير كل ما قامت عليه "الشرعية الدولية"