دمشق - نور خوام
نفذ " تنظيم داعش" هجومًا معاكسًا على بلدة بزاعة الواقعة إلى الشرق من مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، حيث فجّر عربة مفخخة في البلدة، تبعه هجوم من عناصر متطرفة من مقاتلي التنظيم، تمكنوا على إثرها من استعادة السيطرة على بلدة بزاعة عقب ساعات قليلة من سيطرة القوات التركية وفصائل "درع الفرات" على البلدة، التي تعد البوابة التي ستتيح لقوات "درع الفرات" التقدم نحو مدينة الباب، في حال تمكنت من تثبيت سيطرتها على بلدة بزاعة. وكان عدد من مقاتلي "درع الفرات" قضوا وأصيبوا في تفجير المفخخة وفي الكمائن التي نصبها عناصر من تنظيم "داعش" في البلدة.
وأعلنت قوات سورية الديمقراطية وهي تحالف فصائل عربية وكردية تدعمها واشنطن، السبت بدء المرحلة الثالثة من معركة طرد تنظيم "داعش" من مدينة الرقة، معقله الأبرز في سورية. وأكدت قوات سورية الديمقراطية ضرورة تلقيها المزيد من الدعم من واشنطن لمحاربة الجهاديين بعد حصولها للمرة الأولى على مدرعات أميركية. وأعلنت في بيان خلال مؤتمر صحافي في قرية العالية شمال مدينة الرقة "نعلن عن بدء المرحلة الثالثة من عملية تحرير ريف ومدينة الرقة"، مشيرة إلى أن الحملة الجديدة "تستهدف تحرير الريف الشرقي للمحافظة".
وتخوض قوات سورية الديمقراطية، وعلى رأسها وحدات حماية الشعب الكردية، منذ الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 حملة "غضب الفرات" لطرد تنظيم "داعش" من الرقة. وتسعى قوات سورية الديمقراطية منذ أسابيع للتقدم نحو مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة الغربي، وهي تبعد عنهما خمسة كيلومترات. وقالت المتحدثة باسم حملة "غضب الفرات" جيهان شيخ أحمد في قرية العالية إن "750 مقاتلا من المكوّن العربي في ريف الرقة انضموا إلى قوات سورية الديمقراطية وقد تم تدريبهم وتسليحهم من قبل قوات التحالف الدولي".
وفي نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت واشنطن أنها سلمت للمرة الأولى مدرعات إلى الفصائل العربية ضمن قوات سورية الديمقراطية. وأكد المتحدث باسم قوات سورية الديمقراطية طلال سلو السبت أن "قوات التحالف العربي ضمن قواتنا زودت بعربات"، مشيرا إلى أن "العدد قليل جداً ونتمنى أن يتزايد هذا الدعم في الأيام المقبلة". وبالإضافة إلى الغطاء الجوي، تدعم واشنطن قوات سورية الديمقراطية بالسلاح والذخيرة فضلا عن مستشارين على الأرض.
وقالت القيادية في قوات سورية الديمقراطية روجدا فلات "يدعمنا التحالف الدولي في هذه المرحلة الثالثة"، مشيرة إلى أن "الأسلحة التي نحتاجها هي دبابات وأسلحة دوشكا ومدرعات". وأضافت "هناك تأخير في وصول الأسلحة التي نحتاجها"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "الدعم سيتضاعف خلال المراحل المقبلة".
وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما اتبع نهجا في سورية يعتمد على قتال تنظيم "داعش" عبر دعم قوات سورية الديمقراطية بالسلاح والمستشارين من دون إرسال قوات أميركية على الأرض، مفضلا تكثيف الحرب الجوية ضد الجهاديين. ويشكّل دعم واشنطن لقوات سورية الديمقراطية مصدر قلق دائم بين الولايات المتحدة وتركيا، إذ تصنّف الأخيرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمردا ضدها منذ ثمانينات القرن الماضي.
وحرصت واشنطن في عهد أوباما على التأكيد مرارا أنها تسلّح المكون العربي لقوات سورية الديمقراطية وليس المكون الكردي. وأكد المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيس أن "لا تغيير في السياسة" الأميركية حتى الآن". وأضاف "ما زلنا نسلّح المكون العربي لقوات سورية الديمقراطية". ووضع دونالد ترامب قتال تنظيم "داعش" في سورية على سلم أولوياته، ووقّع في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، أي بعد نحو تسعة أيام من تسلمه الحكم، على أمر تنفيذي يمنح الجيش الأميركي 30 يوما لوضع استراتيجية جديدة "لإلحاق الهزيمة" بتنظيم الدولة الإسلامية.
وقد أبقى ترامب مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي بريت ماكغورك في منصبه من بين قلائل انتقلوا معه من إدارة أوباما. وأكد طلال سلو "جرت اتصالات بين قوات سورية الديمقراطية وإدارة ترامب تم التأكيد خلالها على تقديم المزيد من الدعم لقواتنا وخاصة في حملة تحرير الرقة" ضد الجهاديين. وأوضح "كانت تأتينا في السابق أسلحة وذخائر، أما اليوم فقد دخلنا بتلك المدرعات مرحلة جديدة من الدعم".
وباتت قوات سورية الديمقراطية منذ تأسيسها منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2015، قوة أساسية في التصدي لتنظيم "داعش" وحليفة رئيسية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن. وينضوي نحو ثلاثين ألف مقاتل في صفوفها، ثلثاهم من المقاتلين الأكراد. وتمكنت هذه الفصائل العربية والكردية خلال عام من طرد الجهاديين من مناطق عدة في شمال وشرق سورية. ونجحت حملة "غضب الفرات"، في تحقيق تقدم في مناطق واسعة في ريف المحافظة الشمالي والشمالي الغربي. وتبعد قوات سورية الديمقراطية حاليا 20 كيلومترا عن مدينة الرقة من الجهة الشمالية، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن.
وأوضح عبدالرحمن أن "تنظيم "داعش" يشن هجمات انتحارية متكررة في مناطق سيطرت عليها قوات سورية الديمقراطية في ريف الرقة ما يحول دون تقدم الأخيرة بشكل ملموس". وتسعى قوات سورية الديمقراطية منذ أسابيع للتقدم نحو مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة الغربي، وهي تبعد عنهما 5 كيلومترات منذ السابع من يناير الماضي. ويقع سد الفرات على بعد 500 متر من مدينة الطبقة الاستراتيجية، التي تعد مركز ثقل أمني للتنظيم في سورية ويقيم فيها أبرز قادته.