الجزائر ـ سناء سعداوي
في خضم احتدام الانتقادات الشعبية والسياسية التي تلاحق رئيس الجزائر المؤقت عبد القادر بن صالح وحكومته غير المعترف بها شعبيًا، لازال الوضع مضطربًا دون حسمٍ من قادة الجيش، كما لاتزال الحكومة المنبوذة تعمل في الخفاء وتمارس أنشطتها داخل قاعات مغلقة وعندما رفضها الميدان لجأت للبرلمان الذي أبدى أيضًا رفضه لها، كل ذلك وأكثر حدا بالأحزاب السياسية إلى الخروج عن صمتهم واقتراح بدائل سريعة تعتمد على إنهاء وجود رموز النظام القديم كليًا وعلى رأسهم بن صالح وحكومته، ورحبت ضمناً بالاستعداد الذي أبدته قيادة الجيش لـ«التفاعل» مع أي مبادرة لتجاوز المأزق الحالي.
ونشر حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (يدافع عن فصل الدين عن الدولة) أمس «خريطة طريق، وهيئات انتقالية» للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من شهرين، أهم ما جاء فيها اقتراح «حكومة خلاص وطني»، و«هيئة عليا انتقالية»، و«هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات»، و«لجنة لصياغة دستور جديد». ويدعو الحزب الذي يرأسه محسن بلعباس، في إطار خطته، إلى استقالة رئيس الدولة والحكومة، وحلّ البرلمان بغرفتيه، وحل المجلس الدستوري. وتحدث عن «إطلاق هيئة عليا انتقالية، تتوفر على كل الوسائل لقيادة مرحلة انتقالية، لأقصر مدة زمنية ممكنة».
ويتم تعيين «حكومة الخلاص الوطني»، حسب الحزب، من طرف «الهيئة العليا الانتقالية». وتمنح العضوية في هذه الحكومة لـ«كفاءات وطنية، يستثنى منها كل شخص له ارتباط حزبي». وتتمثل مهمتها في «تصريف الأعمال، وتسهر على ضمان أمن وسلامة الوطن، من خلال وجود شخصية مدنية فيها تشغل منصب وزير الدفاع الوطني، وتعمل على ترقية الانفتاح الإعلامي، وتضمن طابع الخدمة العمومية للقطاع». ويقترح «التجمع» تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. أما صياغة دستور الجديد، فلا ينبغي أن يتعدى شهرين، حسب الخطة، وأن يتم ذلك عن طريق الاستفتاء الشعبي. كما يقترح الحزب استفتاء على قانون جديد للانتخابات.
من جهتها، دعت «حركة البناء الوطني» (ذات التوجه الإسلامي)، التي يرأسها الوزير سابقاً عبد القادر بن قرينة، إلى «فترة انتقالية دستورية قصيرة»، تقودها «شخصيات وطنية معروفة في أوساط النخبة الوطنية». ويقترح الحزب مرافقة الجيش للفترة الانتقالية «كضمانة لنزاهة الانتخابات». ومن الأسماء المؤهلة لقيادة المرحلة المقبلة، حسب الحزب، رئيسا الوزراء سابقاً أحمد بن بيتور ومولود حمروش، ووزير الخارجية سابقاً أحمد طالب الإبراهيمي، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس. وتسبق هذه الترتيبات، حسب الخطة، استقالة رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء.
اقرأ أيضًا:
الأحزاب السياسية في تونس تتأهب للانتخابات وسط انتقادات لحكومة الشاهد
وفي سياق الأزمة، قررت الحكومة، المرفوضة شعبياً، نقل نشاط وزرائها إلى البرلمان، بعد أن استحال عليهم الخروج إلى الميدان، بسبب حالة الغضب التي تلاحقهم. ونقل عن وزراء كثيرين أنهم ألغوا زيارات لولايات، بناء على تقارير أمنية حذّرتهم من التعرض للضرب. وأعلن «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع)، أمس، عن برمجة 23 سؤالاً شفوياً، الخميس المقبل، يردّ عليها 9 وزراء، وهي كثافة في النشاط الحكومي بالبرلمان غير معهودة، يبررها صعوبات جمّة يواجهها رئيس الوزراء نور الدين بدوي، وأعضاء طاقمه الذين خاض بعضهم «مغامرة» النزول إلى الميدان خلال الحراك الشعبي الجاري منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، فتعرضوا لملاحقات في الشوارع، واضطر بعض الوزراء إلى قطع زياراتهم، تحت ضغط الاحتجاجات، وآخرون أنقذتهم الشرطة من متظاهرين كانوا سيعتدون عليهم.
ويفضّل كثير من الوزراء القاعات المغلقة، بمقار وزاراتهم، لشرح الخطط التي أعدوها للأشهر الثلاثة التي تسبق انتخابات الرئاسة، المقررة في 4 يوليو (تموز) المقبل. أما بدوي، فلم يتحدث للإعلام منذ أول (وآخر) مؤتمر صحافي عقده بعد تسلمه مهامه في 10 مارس (آذار) الماضي. وتعقد الحكومة اجتماعاً مرة في الأسبوع، ينتهي بمؤتمر صحافي يعقده وزير الإعلام حسان رابحي، الذي يحدث في الغالب كمشة من الصحافيين يتعاطون معه. فوسائل الإعلام، ماعدا الحكومية، تتحاشى نقل تصريحات المسؤولين، مخافة أن تقع في فخ «الترويج لحكومة منبوذة شعبياً».
وأعلن نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» عدم حضورهم جلسة الأسئلة الشفوية، رغم أن بعض الأسئلة تعود لبعضهم، وقد أودعوها بـ«مكتب» البرلمان في عهد الحكومة السابقة. وهو موقف مزدوج ضد رئيس «المجلس» معاذ بوشارب الذي لا يعترفون بشرعيته، وضد الحكومة غير الشرعية في نظرهم. وينتمي بوشارب للأغلبية الموالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وقد جاء إلى رأس البرلمان في أكتوبر الماضي، بعد الانقلاب على رئيسه المنتخب سعيد بوحجة، وكانت حركة أوعزت بها رئاسة الجمهورية.
كما أعلنت الكتلة البرلمانية لحزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» مقاطعة جلسة الخميس، وقيادتها السياسية لا تعترف بشرعية البرلمان ولا بالحكومة. واتخذ حزب «العمال» اليساري الموقف نفسه. وتوقف البرلمان عن النشاط منذ الأسبوع الثاني للحراك، وقدم عشرات النواب استقالتهم، غالبيتهم من المعارضة.
قد يهمك أيضًا:
غالبية الأحزاب الجزائرية تقاطع جلسة مشاورات لتنظيم الانتخابات الرئاسية
الرئيس الجزائري "المؤقت" يُجري سلسلة تغييرات تشمل تعيين ولاة جُدد