الدول العربية والأوروبية

 

شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أي وساطة جديدة تطرح لتحقيق السلام يجب أن تكون متعددة، وتشمل الرباعية الدولية وعددا من الدول العربية والأوروبية. وأضاف عباس أنه يعول على الدورين الألماني والفرنسي في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، للوصول إلى سلام دائم وعادل في المنطقة.

وجاء حديث عباس في تصريحات للصحافيين مع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، في رام الله. وقال عباس إن العملية السياسية الرامية لتحقيق السلام تمر حاليا بمأزق شديد، لكنه متمسك بثقافة السلام. وأردف: "نحن متمسكون بثقافة السلام، رغم الضغوط التي نتعرض لها، كقضية القدس، وقضية تمويل الأونروا، وكذلك نجدد تأكيدنا محاربة الإرهاب في كل مكان".

وجدد عباس تمسكه بحل الدولتين، لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، لتعيش دولة فلسطين ودولة إسرائيل بأمن واستقرار. وأيد وزير الخارجية الألماني موقف عباس، منتقدا قرار الولايات المتحدة الأميركية بخصوص مدينة القدس وواصفا إياه بـ"قرار خارج مفاوضات السلام، ويعطي انطباعا بأننا نبتعد عن كل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق أوسلو". وأضاف غابرييل: "وضع القدس يجب أن يتم التفاوض عليه بين الطرفين، ولا يتم فرضه من قبل أي طرف خارجي، وهذا ليس موقف ألمانيا، ولكن موقف جميع دول الاتحاد الأوروبي".

وطالب الوزير الألماني بإيجاد سبيل للعودة إلى طاولة المفاوضات. وقال "هذا يحتاج إلى استعداد أميركي للعودة إلى طاولة المفاوضات، لذلك نأمل في أن تضع الولايات المتحدة مقترحا على الطاولة نستطيع التفاوض بشأنه". وأكد غابرييل أنه يثق في أن الجانب الفلسطيني لديه الشجاعة والقدرة بالعودة إلى روح السلام، وما تم الاتفاق عليه في أوسلو للوصول إلى سلام.

وأضاف: "ألمانيا لديها التزام خاص تجاه ضمان وجود دولة إسرائيل تعيش بسلام داخل حدود آمنة، كذلك الفلسطينيون لديهم الحق في العيش بدولة آمنة بسلام واستقرار، والشعبان يريدان العيش بسلام واستقرار". وأشار غابرييل إلى أن ألمانيا تدعم حل الدولتين بقوة، ولا ترى أي خيار عملي أو سياسي غيره للوصول إلى السلام.

كما انتقد غابرييل تخفيض الدعم المقدم للسلطة الفلسطينية، أو لوكالة الأونروا. وقال إنه "شيء سيئ، لأنه يجب أن نسعى كي لا تسوء أحوال اللاجئين في المنطقة". وجاء الانتقاد الفلسطيني الألماني المشترك للإدارة الأميركية في وقت حاول فيه جيسون غرينبلات المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التخفيف من أثر الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، قائلا إن ذلك لا يحدد بأي شكل حدود المدينة، وأن ذلك متروك للمفاوضات.

وقال غرينبلات في كلمة في مؤتمر معهد الأمن القومي الإسرائيلي: "الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل لا يحدد مسبقا حدود السيادة الإسرائيلية على المدينة". وأضاف: "لم نتخذ موقفا بشأن الحدود". ودافع غرينبلات عن قرار ترامب بقوله إنه «لم يعد صياغة التاريخ من جديد. متابعا: لكنه كان يدرك أن الاعتراف بهذا الواقع هو خطوة مهمة ليس فقط لإسرائيل وإنما لإرساء أساس لسلام حقيقي ودائم.

وتخالف تصريحات غرينبلات، تصريحات رئيسه ترامب، الذي قال الأسبوع الماضي في لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنه بهذا الإعلان أزال موضوع القدس عن الطاولة، وهو التصريح الذي جلب رد فعل فلسطينيا قويا تلخص في تحذير ترامب ونتنياهو من أن إزالة القدس عن الطاولة يعني كذلك إزالة عملية السلام.

وانقطعت العلاقة بين السلطة والإدارة الأميركية بعد إعلان ترامب حول القدس، وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أنه لن يقبل بالولايات المتحدة وسيطا لأي عملية سياسية. وأكد مسؤولون فلسطينيون أن أي اتصالات لن تقام مع واشنطن قبل أن تتراجع عن إعلان القدس وقال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن أي مباحثات مع الإدارة الأميركية لن تعقد، مؤكدا أن السلطة ستتصدى لسياسة الإملاءات الأميركية. ويخطط الفلسطينيون الآن لإيجاد إطار عمل دولي متعدد لرعاية عملية سياسية جديدة، تحت مظلة الأمم المتحدة كما قال عباس.

لكن يتضح من حديث غرينبلات أن الأميركيين لا يبالون بهذه المساعي ويصرون على المواصلة في رعاية عملية سياسية. وقال غرينبلات إن رؤية ترامب تقوم على السماح للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني أن يقررا سويا مستقبلهما والتوصل إلى حلّ عن طريق التفاوض، مضيفا: لن يفرض أي اتفاق سياسي أو أي صفقة على الإسرائيليين والفلسطينيين. وأردف: الرئيس ترامب سيدعم أي قرار تتوصل إليه الأطراف.

ورأى المسؤول الأميركي أن هناك فرصة حقيقية لإقامة السلام، معتبرا أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل سيعزز السلام. ومضى غرينبلات يقول: الاعتراف لا يخالف الوضع الراهن، والرئيس دعا صراحة للحفاظ عليه، وأكد التزامه العميق لحل الصراع، ولكن السلام لا يمكن أن يتحقق من خلال حرمان اليهود من حقّهم التاريخي في القدس وترك طاولة المفاوضات.

وواصل "من غير الممكن تحقيق السلام عبر التخلي عن المفاوضات. فرصة السلام قائمة ولكن فقط من خلال مفاوضات جدية ومتواصلة. من السهل مغادرة المفاوضات لكن هذا لا يساعد أي جانب، وهو يضر بل ويدمر فرص التوصل إلى اتفاق سلام، وسوف تكون له عواقب رهيبة على الشعب الفلسطيني". وأكد غرينبلات أن الولايات المتحدة ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بالتوصل لاتفاق يضمن مستقبلا زاهرا لكلا الجانبين، لهذا تواصل الإدارة الحالية في البيت الأبيض العمل على إعداد خطة سلام يمكنها دفع الطرفين إلى طاولة المفاوضات".

وأردف: "منذ الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل ورغم ردود الفعل السلبية الكثيرة، فقد واصلنا العمل بجد، ولم ننحرف عن الجهود بشأن عملية السلام".