رام الله ـ فلسطين اليوم
قرّر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر، الموافقة على تقليص إمدادات الكهرباء لقطاع غزة، بعد مناقشة طويلة، وكشف منسّق أعمال حكومة الاحتلال، أن إسرائيل ستضطر إلى تقليص إمدادات الكهرباء لقطاع غزة وأكّد المحلل السياسي الإسرائيلي عاموس هرئيل، في صحيفة "هآرتس" العبرية، أن قطاع غزة يقترب من نقطة الغليان في الصيف، مثل ضفدع تنضج على مهلها في الوعاء، وترتفع درجات الحرارة درجة بعد أخرى دون ملاحظة الخطر، ومن دون أن يكون التصعيد هدفا معلنا لأي من الطرفين، ومن دون أي مصلحة سيخدمها هذا التصعيد، يبدو أن إسرائيل وحماس تقتربان من مواجهة محتملة، بتشجيع ناشط واستثنائي من السلطة الفلسطينية.
وأوضح هرئيل، أن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زيادة الضغط الاقتصادي على سلطة "حماس" في غزة، هو السبب الأساسي للتوتر الجديد، مضيفًا أنّ "الكهرباء هي العامل الأكثر حسما في الصورة، في الأيام العادية تزود إسرائيل القطاع بـ 123 ميغاواط من الكهرباء بواسطة شعرة خطوط؛ وتصل 60 ميغاواط أخرى من محطة الطاقة الرئيسية في غزة "التي تعمل بنصف قوتها فقط وتعتمد على السولار المستورد عبر إسرائيل"؛ و23 ميغاواط أخرى تزودها الخطوط المصرية حين لا يطرأ خلل، لقد توقفت السلطة عن دفع ضريبة السولار "التي يجري اقتصاصها من العائدات الضريبية التي تحصل عليها من إسرائيل"، وتهدد بوقف تمويل خطوط الكهرباء من إسرائيل لغزة، من شأن الدمج بين هاتين الخطوتين أن يقلص كمية الكهرباء اليومية التي يتم تزويدها لسكان القطاع إلى ما دون المستوى الحالي – 4 ساعات في الحد المتوسط يوميا – والذي يجبر السكان في كل الأحوال على اعتماد كل قدرات المولدات،ويمس بصورة بالغة بعمل المستشفيات ويشوش تطهير مياه الصرف الصحي وتزويد مياه الشرب".
وأضاف هرئيل أنّ "هذا يحدث في بداية الصيف الغزي، الذي باتت درجة الحرارة فيه تلامس ما لا يمكن احتماله، لقد عقدت القيادتين السياسية والأمنية في إسرائيل، خلال الأسبوعين الأخيرين، سلسلة من النقاشات عن أزمة الكهرباء في غزة ومخاطر التصعيد العسكري هناك. وامس ناقش المجلس الوزاري الموضوع "المجلس صادق امس على طلب السلطة وقف جباية ثمن الكهرباء منها – المترجم".
وسبق لمسؤولين إسرائيليين، بينهم وزير الأمن افيغدور ليبرمان، أن اعلنوا بأن إسرائيل لا يمكنها استبدال السلطة ودفع المبالغ المتراكمة، حكومة نتنياهو لا تريد أن تظهر كمن تستسلم للابتزاز الفلسطيني، وأضاف هرئيل أنّه "في المقابل، يجب عليها، كما يبدو، أن تأخذ في الاعتبار بأن المبالغ المقصودة – عشرات ملايين الشواكل شهريا – تقل عن التكلفة الاقتصادية ليوم حرب واحد في القطاع، ولم نذكر بعد بالخسائر المتوقعة
كما ان الأزمة بين السعودية وقطر تؤثر على الأجواء في غزة، خلال فترات سابقة احتاجت فيها "حماس" إلى المساعدات الاقتصادية، تجندت قطر للمساعدة، بموافقة مصر، والآن، تنشغل قطر في الحصار الذي فرضته عليها السعودية، بدعم من القاهرة، ومن شأن هذه التطورات ان تدفع "حماس" مجددا إلى أحضان ايرأن، في الخلفية تدور أحداث أخرى: فقد اعلن الشاباك انه احبط خطة لحماس في غزة لاغتيال ضابط في الجيش الإسرائيلي، بواسطة جنائيين عرب من إسرائيل، انتقاما لاغتيال الناشط الكبير في حماس مازن فقها وفيما كانت حماس تصد في السابق المظاهرات التي تجري بالقرب من السياج الحدودي، انتقلت الآن إلى تشجيعها "خلال الأسبوعين الماضيين قتل مواطنين من غزة بنيران الجيش الإسرائيلي لدى اقترابهما من السياج"؛ وفي الأسابيع القريبة يفترض أن تبدأ وزارة الأمن بتوسيع العمل في إقامة العائق الجديد المضاد للأنفاق على حدود غزة، وسيؤدي بناء هذا العائق إلى زيادة الضغط على حماس، لأن جناحها العسكري يخشى ان يسحب بناء هذا العائق منه كنزه الاستراتيجي الذي عمل عليه خلال السنوات الأخيرة".
وأفاد هرئيل بأنه "في الأسبوع الماضي، اضطرت وكالة الأونروا إلى الاعلان عن كشف نفق قامت حماس بحفره تحت احدى مدارسها في القطاع واكد هذا النشر ادعاء إسرائيليا قديما، والذي ثبت خلال الجرف الصامد، بشأن استغلال "حماس" المتعمد للمواقع الإنسانية من أجل الأغراض العسكرية واستغل رئيس الحكومة نتنياهو الفرصة لمطالبة الأمم المتحدة، بإعادة النظر في استمرارية وجود الوكالة، التي تكرس عملها لدعم عائلات اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، نتنياهو يعرف توجه ترامب المعادي إزاء مواصلة تمويل نشاطات الأمم المتحدة وفي الأسبوع الماضي زارت سفيرته لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، إسرائيل، ومن بين الذين استضافوها كان قادة من الجيش الذين رافقوها في جولة على حدود القطاع، شملت زيارة نفق هجومي حفرته حماس داخل الأراضي الإسرائيلية، طلب نتنياهو الحالي سيعرض الأونروا للإحراج، وربما تفوز إسرائيل بنقاط في الحرب الإعلامية ضد الفلسطينيين، لكنه لا يجب عليها حرف النقاش عن الجوهر، منع حرب زائدة أخرى في القطاع".
وحذرت شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة، من أن تطبيق قرار تقليص كمية الكهرباء من الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، سيكون بمثابة كارثة لن تكون عواقبها محسوبة، ولن يكون تأثيرها فقط داخل غزة وإنما بالمحيط.
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في الشركة محمد ثابت إن "شيئًا لم نبلّغ به رسميًا بخصوص قرار التقليص كما أن كمية الكهرباء الآتية من الخطوط الإسرائيلية لا تزال ولم تًُقلص بعد، أن غزة تعيش أزمة كهرباء مركبة وكارثية بدون هذا التقليص، وبالكاد تكفي كمية الكهرباء الآتية من الخطوط الإسرائيلية للعمل بجدول 4 ساعات وصل مقابل أكثر من 12 ساعة قطع، في ظل الأزمة الراهنة التي تسببها توقف محطة التوليد منذ فترة وتوقف الخطوط المصرية بين حين وأخر".
وبحسب شركة التوزيع، فإن الخطوط الإسرائيلية تغذي غزة بـ120 ميغا وات من الكهرباء بواقع 10 خطوط تستفيد منها كافة محافظات القطاع، وحذرت الشركة من الإقدام على تنفيذ قرار التقليص حتى لو بأدنى نسبة، وانعكاس ذلك على كل القطاعات الحياتية في غزة وكافة المستويات، وقال ثابت "إن كافة أوجه حياة المواطنين في غزة ستكون بخطر، حتى لو كان التقليص 1 أو 5%، فإن أثار أي كمية في ظل هذه الأزمة ستكون كبيرة جدًا وستزيد العبء والتشويش على كافة الشبكات والجداول".
وطالب الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على "اسرائيل" ومنعها من تنفيذ قرار التقليص، كونه يهدد كافة الخدمات وأوجه الحياة بشكل قياسي، وقرر الكابنيت الإسرائيلي الليلة الماضية، الاستجابة لطلب السلطة الفلسطينية بتقليص توريد الكهرباء لقطاع غزة وقالت صحيفة "معاريف" عبرية الاثنين، إن تقليص الكهرباء عن قطاع غزة سيكون بمعدل ساعة يوميًا ويقضي بتقليص الكهرباء بما نسبته 15%، ما يعني تقليص ساعات الكهرباء من 4 ساعات حاليًا إلى 3 ساعات.
ويشهد قطاع غزة أزمة كهرباء خانقة منذ توقف محطة توليد الكهرباء الرئيسية مجددًا عن العمل تمامًا قبل حوالي شهرين، بسبب عودة فرض الضرائب على الوقود الخاص بالمحطة من قِبل حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله، بعد انتهاء وقود منحتي قطر وتركيا.