خصم رواتب الموظفين في قطاع غزة

بعد ثمان ساعات من الانتظار في طابور الموظفين أمام الصرّاف الآلي، وصل الموّظف أحمد أبو نحلة إلى الشاشة وقد بدا متعبًا يكاد يلفظ أنفاسه، وضع بطاقته في الصرّاف منتظرًا لأول مرة منذ خصومات السلطة أن يحصل على راتب بنسبة 110%، ليتفاجأ بإجابة الصراف أن راتبه 55 شيكلا فقط.

لم يحتمل أبو نحلة الصدمة فأصيب بانهيار عصبي ثم سقط أرضًا مصابًا بنوبة قلبية حادة نُقل على إثرها إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة، في حين كان أطفاله ينتظرون عودته ليفي بوعده لهم بشراء الزي والقرطاسية المدرسية التي تأخرّ في توفيرها.

وتفاجأ موظفو السلطة في قطاع غزة بخصومات على رواتبهم وعدم صرف النسبة المعلنة من طرف الحكومة للراتب بواقع 110% (60% من راتب أغسطس و50% هي مستحقات الموظفين لديها عن راتب شهر فبراير من العام الجاري الذي بدأت فيه أزمة المقاصة والخصم على الرواتب).

العودة للمشفى بدل البيت

أبو نحلة من موظفي تفريغات عام 2005 يرقد في المشفى منذ يومين تحت متابعة طبية متواصلة نظرًا لخطورة وضعه الصحي، فيما لا تزال حالته النفسية تتراجع بشكل لُوحظ في حديثه لوكالة "صفا" حينما قال باكيًا: "الحمد لله أنني لم أعد للبيت يومها، حتى لا أصبح كاذبًا في نظر أولادي".

ويعيل أبو نحلة (31 عاما) من حي الصفطاوي بمدينة غزة أربعة أطفال في المرحلة الابتدائية بينهم 3 معاقين والرابع يعاني من مشاكل في البصر كان قد سحب قرضًا من البنك لعلاجه، وكان البنك يخصم دفعة مستحقة من نصف راتبه شهريًا.

يقول وهو يكاد يقوى على الكلام: "البنك يخصم 80 دولار من النصف راتب وعليّا خصم كهرباء ولا يتبقى لي إلا فكة، لهذا كان خبر الحكومة بصرف 110% من الراتب فرصة لكي أتنفس وأفرّح أولادي، أكسيهم للمدرسة وأوفر لهم مصروف ولو لشهر".

لكن الحكومة خيّبت ظن الموظف فيها كالعادة، وحدث ما حدث مع أبو نحلة وهو واحد من حوالي 9 ألاف موظف مدرجين على تعيينات عام 2005.

وأمس حاول أحد الموظفين المدرجين في هذه التعيينات الانتحار وتم نقله إلى العناية المركزة بمستشفى الشفاء لتلقي العلاج، فيما يعاني موظفي هذه الفئة تحديدًا من أوضاع مادية ونفسية صعبة جدًا.

ويبلغ الراتب الأساسي لموظفي تفريغات عام 2005 (1500 شيكل) لكل موظف، ومن المفترض أني تلقى هؤلاء منذ إجراءات السلطة العقابية 50% منه أي ما يعادل 750 شيكل.

لكن الموظف ياسر هاشم تلقى راتبه أيضًا بخصم زائد وليس بزيادة في الراتب كما أعلن رئيس الحكومة، وهو يقول: "هي كانت خصومات زائدة وليست زيادة، تفاجئت هذا الشهر بأن الراتب أقل من كل مرة، تلقيت 205 شيكل من أصل 50% وهي 750 شيكل".

خصومات جديدة متلاحقة

"المجزرة المضافة" التي بدأت تُرتكب بحق فئة من موظفي تفريغات 2005 هي أن وزارة التربية والتعليم "دخلت على خط الخصومات وبدأت بخصم قروض على الموظفين الخريجين من الجامعات بغزة، رغم أن هذه القروض كانت تُسمى قرض غير مسترد حينما تم منحها للطالب في الجامعة".

يقول هاشم: "ما يحصل أنهم يعصروننا بشكل كامل، كل شهر نتفاجأ بموّال جديد الأن وزارة التعليم بدأت بخصم 40 دينار من كل موظف خريج جامعة كان قد سحب قرض تعليمي، والقرض للعلم كان غير مسترد أيامها".

تساءل: "ماذا سيتبقى لنا من الراتب كي نعيش فيه، أنا لديّ ثلاثة أطفال وغدًا سيأتي دوري في خصم القرض وعليّا تسديد قرض للبنك، والبنك للعلم يخصم قيمة الدفعة المستحقة شهريًا بشكل كامل، ولا يطبق ما تعلن عنه سلطة النقد".

استدرك حديثه "كله كلام في كلام على الإعلام، لم يبقّ لنا شيء من رواتبنا".

حراك لن يتوقف إلا بإنصافهم

الناطق باسم اللجنة الوطنية لتعيينات عام 2005 رامي أبو كرش قال: "إن الحكومة لم تصدق في حديثها حول الرواتب واستمرت كالتي سبقتها في التمييز العنصري بين أبناء غزة والضفة، إلا أن موظفي تعيينات 2005 يواجهون تجاهلًا وتهربًا من المسئولية لحقوقهم القانونية".

أضاف في حديث لوكالة "صفا": "إن رئيس الحكومة يتحمل المسئولية الكاملة لما يجري لهؤلاء الموظفين وعليه أن يوقف هذا المسلسل التاريخي تجاههم، وأن يكون هناك قرار واضح بإدراجهم ضمن الموظفين الرسمي وفق قانون القوى العامة".

وتعقيبًا على بعض المعلومات الواردة بأن الحكومة تتعامل مع موظفي 2005 على أنهم حالات اجتماعية ويتم إدراجهم ضمن ملف الشئون، أجاب أبو كرش: "بيننا وبينهم القانون، وقانون قوى الأمن رقم8 لعام 2005 يؤكد أننا موظفين قانونيين وتلقينا كافة الدورات والرتب اللازمة من الداخل والخارج ولدينا بطاقات صحية عسكرية".

تابع "فعلى ما ينص القانون على الحكومة أن تلتزم، ونحن في حال عدم الاستجابة أمام حراك كبير ليس فقط على مستوى الموظفين وإنما على مستوى الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، وبصدد اتخاذ إجراءات خلال الأيام القادمة لن تتوقف إلا بإحقاق حقوقنا".

وأشار إلى أن الخطوات بالتنسيق مع قيادة فتح بغزة وقيادات الأقاليم وستكون في كافة المحافظات لتضع حد لقضية رواتب الموظفين بشكل عام ومن بينهم تفريغات 2005.

يُذكر أن عدد من قيادات فتح قدمت استقالتها وتدور اجتماعات لقيادة الحركة بغزة لاتخاذ خطوات تجاه التمييز في الرواتب بين غزة والضفة وعدم التزام الحكومة بوعودها المعلنة بالمساواة في الرواتب بين المحافظات الجنوبية والشمالية.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

موظفو السلطة الفلسطينية في غزة يبدون غضبهم بسبب المرتبات

البنك الدولي يعلن أن الاقتصاد الفلسطيني على وشك الانهيار