حصار المسجد الأقصي

انتشرت قوات كبيرة من الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس ومحيطها ونصبت الحواجز العسكرية على عدة أحياء في المدينة، وفرضت قيودا على دخول البلدة القديمة والمسجد الأقصى وبحسب ما نشرت المواقع العبرية فأن قوات الجيش الإسرائيلي استدعت المزيد من قواتها في الضفة الغربية، وانتشرت هذه القوات في المناطق المحاذية لمدينة القدس ومناطق التماس التي تشهدت مواجهات مع الفلسطينيين، فقد دفعت بمزيد من قواتها إلى المدخل الشمالي لمدينة القدس "حاجز قلنديا العسكري" والمدخل الجنوبي "حاجز 300"، وكذلك في عدد من المناطق في الضفة الغربية التي قد تشهد مواجهات وفقا لتقديرات الجيش وجهاز "الشاباك"، في حين نشر الجيش الإسرائيلي كتيبة إضافية من قواته لحماية عدد من المستوطنات في الضفة الغربية.

وأشارت هذه المواقع بأن قوات الاحتلال نصبت العديد من الحواجز في مدينة القدس خاصة في الأحياء الفلسطينية المحيطة بالبلدة القديمة "حي الطور ورأس العامود ومخيم شعفاط"، بالإضافة إلى إغلاق شارع "السلطان سليمان" وحديقة البلدة القديمة أمام حركة المواصلات، في حين وضعت قوات الاحتلال قيود على دخول البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وستمنع دخول كافة الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، في حين ستسمح للنساء بالدخول دون تحديد قيود على العمر.

وحولت قوات الاحتلال المنطقة من باب العامود وشارع السلطان وباب الساهرة حتى باب الأسباط  إلى ثكنة عسكرية وانتشر الآلاف من جنود الاحتلال فيها وأضافت هذه المواقع بأن قوات الشرطة وما يسمى "حرس الحدود" في الجيش الإسرائيلي تستعد لمواجهة تطورات الأوضاع في مدينة القدس وصلاة الجمعة، وأصدرت قيادة شرطة الاحتلال في القدس تعليمات لعناصرها بالتعامل مع ما وصفتها "التحريض والعنف" بشدة، ومنع دخول "المتطرفين" إلى المسجد الأقصى والبلدة القديمة، مدعية بأن هذه الإجراءات والقيود هي لحماية سلامة المصلين وتأدية الصلاة بكل هدوء.

وأعلنت سلطات الاحتلال عن أنها لن تسمح بدخول المواطنين المقدسيين ممن تقل أعمارهم عن الخمسين عاما بدخول المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة الجمعة، في الوقت الذي حوّلت فيه وسط القدس المحتلة، وبلدتها القديمة، ومحيط الأقصى الى ثكنة عسكرية وقالت مصادر إعلامية في القدس، إن قوات الاحتلال شرعت منذ ساعات مساء أمس بإغلاق "غلاف" القدس، والذي يشمل الأحياء والشوارع المتاخمة لسور القدس التاريخي، وتشمل المنطقة الممتدة من سلوان وحي راس العامود والصوانة ووادي الجوز والشيخ جراح، فضلا عن إغلاق الشارع الرئيسي المحاذي لسور القدس والممتد من باب العامود وشارع السلطان سليمان وباب الساهرة وصولا إلى باب الأسباط.

وكانت قوات الاحتلال اعتقلت فجر اليوم، نحو 120 مصليا معتكفا بالمسجد الأقصى المبارك، وأصابت عشرات المصلين، بينهم 15 اصابة بأعيرة مطاطية في الرأس بين المصلين، و6 مسعفين، وذلك خلالها اقتحامها الواسع عند منتصف الليلة الماضية للمسجد الأقصى، من باب المغاربة وشهدت باحات المسجد الأقصى مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال التي أغلقت أبواب المسجد الأقصى بعد دخول أعداد كبيرة من المصلين للمسجد لأول مرة منذ الرابع عشر من الشهر الجاري، ويشار إلى أن الفصائل والقوى الوطنية دعت إلى شد الرحال للمسجد الأقصى لصلاة الجمعة فيه، عقب إجبار سلطات الاحتلال على التراجع عن إجراءاتها ضد الأقصى والقدس.

وأكّدت تقديرات الجيش الإسرائيلي، على أن الوضع في مدينة القدس والضفة الغربية سيستمر بالاشتعال بالرغم من وجود تفاهمات حول المسجد الأقصى، وسوف تستمر الأحداث لعدة أسابيع في مناطق مختلفة وأشار موقع والا العبري، إلى أن تقديرات الجيش الإسرائيلي كانت تشير بأن إزالة كافة الإجراءات التي وضعتها إسرائيل في أعقاب عملية المسجد الأقصى، سوف تساهم في عودة الهدوء وتهدئة الشارع الفلسطيني، ولكن الواقع أمس كان مختلفا تماما، فالموجهات توسعت وازدادت أثناء دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، وأصيب عشرات الشبان الفلسطينيين، وارتفع حجم التحذيرات والتقديرات لدى الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عمليات ومواجهات واسعة الجمعة في العديد من المناطق.

وأضاف الموقع بأن قيادة الجيش الإسرائيلي اختلفت في تقديراتها في استمرار الوضع بالاشتعال، فقد أشارت تقديرات أحد كبار الضباط بأن أبو مازن هو من يتحمل المسؤولية لاستمرار هذا الوضع، مستغلا هذه الأحداث في المسجد الأقصى ليظهر تغييرا في قواعد اللعبة مع إسرائيل، مثل الإجراءات التي اتخذها ضد حماس في قطاع غزة، ومساعدي أبو مازن لديهم ثقة كبيرة بأنفسهم، ومن دون شك فإن حركة فتح تؤجج "العنف" وتشعل النار.

وكشفت مصادر المستوى الأمني، أن المستوى السياسي الإسرائيلي يفضل في هذا الوقت عدم "تصفية الحساب" مع ابو مازن وبالتأكيد عدم تدفيعه ثمن ذلك، حتى انتهاء موجه "التحريض" و "العنف" الحالية ضد إسرائيل وتهدئة الوضع الميداني، بالمقابل فإن تقديرات أخرى في الجيش الإسرائيلي تقول بأن أبو مازن لا يسيطر حقا على الشارع الفلسطيني وبتأكيد لا يسيطر على الشارع الفلسطيني في مدينة القدس، وبالتالي فضل التعبير وبشكل واضح دعمه للاحتجاجات في المسجد الأقصى، وبذلك ابعد نفسه عن الانتقادات والهجوم وحولها نحو إسرائيل.

وأضاف الموقع بأن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير بأنه سيكون من الصعوبة الشديدة فرض الهدوء وسيحتاج الأمر لعدة أسابيع، وتشير قيادة الجيش الإسرائيلي في منطقة المركز "الضفة الغربية" بأن الأحداث سوف تستمر لعدة أسابيع، بالرغم من محاولات الجيش الإسرائيلي للتعامل مع الأحداث ومنع وقوع عمليات وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قبل ظهر اليوم الجمعة، بأنها على استعداد وبالتعاون مع المؤسسات الطبية المقدسية للتعامل مع لأية حالة طوارئ أو أحداث في مدينة القدس أثناء قيام صلاه الجمعة.

وعقد اجتماع جمع الهلال الأحمر والمؤسسات الطبية المقدسية مع مدير مستشفى المقاصد رفيق الحسيني لتنسيق العمل داخل المدينة، وسيعمل في الميدان والمستشفى الميداني وغرفة العمليات هذا اليوم 200 موظف ومتطوع من جميع المؤسسات، وتشغيل 20 سيارة إسعاف موزعة على نقاط تم الاتفاق عليها وتوزيع الطواقم الميدانية وذكر البيان الصادر عن المنظّمة أنّ "طواقم الجمعية تعاملت الليلة الماضية وفجر اليوم مع 64 مصابا من المواطنين أمام ساحة مركز تحقيق المسكوبية، بحيث تم نقل 26 مصابا للمستشفيات، أما الباقي فتم التعامل معها ميدانياً، هؤلاء المصابون هم ممن تم اعتقالهم خلال اقتحام قوات الاحتلال لمكان تواجد المعتكفين داخل المسجد القبلي."

ومنع جنود الاحتلال، صباح الجمعة، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، من الدخول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة وقال البرغوثي، إن الحكومة الإسرائيلية نشرت آلاف الجنود في كل أنحاء القدس، وفرضت قيوداً على دخول كل الشباب وكل من هو دون سن خمسين عاماً، وتمنع كل من يحمل هوية غير هوية القدس من الدخول، كما أغلقت جميع أبواب المسجد ما عدا 3 منها، لافتاً إلى أن قوات الاحتلال تمارس تفتيشات مهينة للمواطنين. 

ووصف البرغوثي، إجراءات الاحتلال بالاستفزازية والقمعية وبأنها محاولة فاشلة للانتقام مما حققه المقدسيون وكافة الفلسطينيين من انتصار على الإجراءات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، وتابع: "إن منعونا من الدخول للأقصى سنؤدي الصلاة في الشوارع وحول المسجد الأقصى مع الشباب المقدسيين المصممين على حماية المسجد الأقصى".