الجيش الوطني الليبي

دخلت الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا أمس السبت، على خط الاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش الوطني الليبي ضد الميليشيات المُسلّحة، التي هاجمت منطقة الهلال النفطي، وسيطرت على ميناءين، وفي غضون ذلك، أعلن الجيش أنه قتل 20 على الأقل من هذه الميلشيات، بينما خسر 14 جنديًا في المعارك، التي خاضتها قواته لاستعادة السيطرة على المنطقة.

وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إصابة الخزان رقم 12 لخزانات شركة "الهروج" في رأس لانوف بأضرار جسيمة، نتيجة هجوم مسلح في مينائي راس لانوف والسدرة، وطالبت المؤسسة في بيان لها أمس، عززته بصور فوتوغرافية للنيران المشتعلة بخزانات النفط، "ميليشيات إبراهيم الجضران ومن معه بالخروج الفوري المباشر، دون أي قيد أو شرط لتفادي كارثة بيئية، ودمار للبنية التحتية سيكون لها أثر هائل على القطاع النفطي والاقتصاد الوطني"، كما دعت المؤسسة "جميع الجهات إلى عدم استخدام قطاع النفط والمؤسسة الوطنية للنفط والمنشآت النفطية في اللعبة السياسية، وإبقائها بعيدًا عن جميع النزاعات"، قبل أن تطالب "جميع الجهات بإدانة الأعمال التي تهدد حياة الناس، أو تتسبب في سفك دماء الليبيين"، معتبرة أن هذه المنشآت هي "ملك الشعب الليبي وتمثل قوت ومستقبل الليبيين".

قوة تحرير الهلال النفطي

وكان الجضران، الذي أشارت إليه مؤسسة النفط، يشغل منصب آمر حرس المنشآت النفطية، حيث كان المسؤول الأول عن تأمين منطقة الهلال النفطي الإستراتيجية، ومنع تصدير النفط الخام طيلة عامين تقريبًا إلى أن طردته قوات الجيش في سبتمبر (أيلول) من عام 2016، لكن الجضران ظهر مجددًا مع بدء الهجوم المفاجئ على المنطقة الخميس الماضي، وأعلن في كلمة مصورة عن تشكيل ما سماه "قوة تحرير الهلال النفطي"، بهدف استعادة السيطرة على المواقع النفطية،

ودعت الولايات المتحدة، التي دانت بأشد العبارات الهجمات الأخيرة على ميناء راس لانوف وميناء السدرة، إلى وضع حد فوري للعنف، الذي يضر بالبنية التحتية الوطنية الحيوية في البلاد، واعتبرت السفارة الأميركية في ليبيا أن منشآت النفط وإنتاجه وإيراداته هي ملك الشعب الليبي، وينبغي أن تظل تحت السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط، وفقًا لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2259 و2278.

من جانبه، رأى جوزيبي بيروني، سفير إيطاليا لدى ليبيا، أن الهجوم هو "خطوة سلبية غير مُرحّب بها تؤدي إلى تفاقم الصراع، وتعريض الموارد الثمينة التي يملكها الشعب الليبي للخطر"، مشيرًا إلى أن "دائرة العنف وسوء التصرف في شرق ليبيا لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة، التي تتطلب بدلًا من ذلك الحوار والمصالحة".

تعزيزات لشن هجوم

في غضون ذلك، عززت قوات الجيش الوطني الليبي حشودها العسكرية في المنطقة، استعدادًا لشن هجوم كبير ضد المسلحين، بينما اجتمع أمس القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر مع العميد أحمد سالم، آمر غرفة عمليات الهلال النفطي، لبحث آخر تطورات المنطقة، ودحر الجماعات الإرهابية التي حاولت التسلل إلى منطقة الهلال النفطي.

وقال مكتب حفتر في بيان مقتضب، إنه تم خلال الاجتماع الذي عقد مساء أول من أمس وضع الخطط اللازمة لتأمين قوت الليبيين، فيما قال مصدر عسكري، إن حصيلة المواجهات الأخيرة بين قوات الجيش و"الإرهابيين" في منطقة الهلال النفطي بلغت 34 قتيلًا، حيث سقط 14 قتيلًا في صفوف الجيش، بينما قتل 20 على الأقل في صفوف الجماعات الإرهابية.

البراميل المتفجّرة

في المقابل، زعم ناطق باسم الجضران، أن قوات الجيش تستخدم البراميل المتفجرة في الهجمات، التي تشنها ضد ميلشياته، معلنًا أن الاشتباكات توقفت أمس،

وفى مؤشر على حجم الخسائر، التي منيت بها ميلشيات الجضران، دعا بيان لحرس المنشآت النفطية (فرع الأوسط)، وسكان الهلال النفطي المجتمع الدولي، ممثلًا في مجلس الأمن، إلى توفير الحماية للمواطنين في الهلال النفطي وفي برقة، وفي الجنوب، والعمل على منع ما وصفه بـ"انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب لضمان السلم الأهلي، وتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بليبيا"، كما زعم البيان أن ميليشيات الجضران تعرضت لما سمته هجومًا من قوات الجيش، وأضاف: "كمواطنين ليبيين، كان بعضنا يعمل بجهاز حرس المنشآت النفطية، رحبنا وباركنا الاتفاق السياسي الليبي المُوقّع في الصخيرات، بل وتصدينا لتنظيم داعش الإرهابي سواء في النوفلية أو بن جواد، وهدفنا العودة إلى ديارنا ومناطقنا بسلام".

ومضى البيان يقول "نعلن أن أيدينا ممدودة للمصالحة الوطنية وحقن الدماء، وفي دخولنا فتحنا الممرات الآمنة وأطلقنا سراح الأسرى دون مقابل، وذلك من موقع قوة وليس ضعف، ونحن نعلن أننا مع المصالحة وتطبيق العدالة الانتقالية، ومع وحدة ليبيا وسلامة شعبها وكل مقدراتها".

معارك مسلحة ومحاولات للتوغل

واندلعت معارك مسلحة في منطقة الهلال النفطي، التي تضم أهم موانئ تصدير النفط في ليبيا، بعدما حاولت ميليشيات الجضران بتعاون مع جماعة "سرايا الدفاع عن بنغازي"، التي تم طردها العام الماضي من بنغازي، التوغل داخل الهلال النفطي.

وفى درنة، حيث تواصل قوات الجيش الوطني تحرير مدينة الساحلية من قبضة "الإرهابيين"، وزعت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش، لقاءات مصورة لعناصر الجيش وهي تتجول في ضواحي المدينة، مشيرة إلى أنه بعدما وصفته بالحصار الخانق للإرهابيين "لم تعد بحوزتهم إلا أمتار قليلة في هذه المدينة، التي عادت إلى أحضان الوطن"، على حد تعبيرها