طرابلس - فاطمة سعداوي
سيطرت التطورات العسكرية المتلاحقة على المشهد السياسي في ليبيا، بعدما أعطى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، رسميًا، لقواته إشارة بدء هجوم منتظر منذ فترة طويلة لتحرير مدينة درنة في شرق البلاد، وجاء ذلك في وقت تعرضت فيه نقطة تفتيش تابعة للجيش في سرت لهجوم إرهابي، هو الثاني من نوعه هذا العام، كما استمرت المواجهات المسلحة في مدينة سبها جنوب البلاد.
وفي غياب ملحوظ لرئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، والقائد الأعلى للجيش الوطني الليبي، أعلن حفتر مساء الإثنين، بدء المعارك لتحرير مدينة درنة، وذلك في إطار عملية عسكرية موسعة لتحرير المدينة، الخاضعة لسيطرة جماعات جهادية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وتغيب صالح، وهو أحد المؤيدين لحفتر، عن مراسم الاستقبال الرسمي والشعبي للمشير بمناسبة عودته مؤخرًا من رحلتها العلاجية، كما تغيب عن حضور العرض العسكري الضخم، الذي أقامه الجيش الثلاثاء، بمناسبة حلول الذكرى الرابعة لـ"عملية الكرامة"، لتحرير مدن المنطقة الشرقية، ولم يقدم مكتب صالح أي تفسير لهذا الغياب، كما امتنع مسؤولون في الجيش عن التعليق عن مبرراته، علمًا بأن صالح اكتفى بإرسال تهنئة إعلامية لحفتر بذكرى "عملية الكرامة"، لكنهما لم يجتمعا منذ عودة حفتر الأخيرة للبلاد.
وقال حفتر "نبشركم بأن ساعة الصفر لتحرير درنة قد دقت، وقواتكم تدكّ الآن معاقل الإرهاب فيها بعدما أصدرنا قوانين صارمة لتجنب المدنيين"، في هذه المدينة التي تبعد أكثر من ألف كلم شرق العاصمة طرابلس، وأضاف، الذي ينظر إليه على أنه أبرز المنافسين المحتملين على منصب الرئيس المقبل للبلاد، والرجل القوي في شرق ليبيا، أن "المساعي السلمية لدرنة استمرت أكثر من ثلاثة أعوام بواسطة عقلاء المدينة، ونشطاء من شباب لنجنبها ويلات الحرب حتى بلغت تلك المساعي طريقًا مسدودًا نتيجة لتعنّت الجماعات الإرهابية الرافضة للسلم".
وتعرض جنوب شرقي درنة لضربات جوية على مدى اليومين الماضيين، كما جرت اشتباكات حول مصنع للطحين شرق المدينة، حيث أعلن طبيب بمستشفى ميداني عن مقتل أربعة من قوات الجيش الوطني، وإصابة خمسة، بينما قال مجلس شورى مجاهدي درنة إن أحد رجاله قتل. لكن مصدرًا عسكريًا أكد في المقابل أن 5 من جنود الجيش الليبي قتلوا، وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة الإثنين الماضي، بعد اشتباكات عنيفة مع ميليشيات ما يعرف باسم "مجلس شورى مجاهدي درنة" الموالي لتنظيم "القاعدة".
وكشف المصدر أن "خمسة من جنود الجيش سقطوا في اشتباكات عنيفة شهدها حي الفتائح والحيلة جنوب شرقي درنة، بعد اشتباكات عنيفة ضد المجموعات الإرهابية... وقد أحرزت قوات عمليات عمر المختار تقدمًا كبيرًا، وسيطرت على منطقة الفتائح، قبل أن تقوم بالتراجع لمخاوف من الاستمرار قدمًا بعد اكتشاف عدد كبير من الألغام المضادة للأفراد التي زرعت في الطرق الفرعية".
ونفى المكتب الإعلامي لمركز طبرق الطبي، ما بثته قناة "النبأ" التلفزيونية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، بشأن وصول عدد من شهداء وجرحى الجيش إلى المركز.
وقبل إعطائه إشارة بدء تحرير درنة، تجول حفتر رفقة الفريق عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش، على مهبط المطار الذي تراصت فيه مختلف وحدات الجيش بمدرعاته وآلياته وأسلحته الثقيلة والمتوسطة.
وميدانيًا، قتل الثلاثاء، عنصران من قوات الجيش الوطني الليبي في هجوم انتحاري استهدف حاجزًا عسكريًا شرق مدينة سرت شمال البلاد، على بعد 450 كيلومترًا شرق العاصمة طرابلس، وقالت غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة للجيش في بيان إن "سيارة مفخخة يقودها انتحاري، انفجرت عند مرورها بالحاجز العسكري المعروف ببوابة التسعين، ما أدى أيضًا إلى سقوط ثلاثة جرحى في صفوف الكتيبة 115 مشاة التابعة للجيش المكلفة بتأمين البوابة"