رام الله - علياء بدر
يواصل الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي لليوم التاسع على التوالي الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي بدأ بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 2017، وسط تصاعد الإجراءات القمعية من قبل قوات الاحتلال بحق الأسرى.
وواصلت قوات الاحتلال، على المستويات التشريعية والتنفيذية، بثّ التحريض على الأسرى الفلسطينيين عبر وسائل الإعلام، وكان آخرها مطالبة رئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، للسلطة الفلسطينية بإثبات التزامها بالسلام عن طريق وقف المخصصات التي تدفع للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وواصلت إدارة سجون الاحتلال منع وعرقلة المحامين من زيارة الأسرى المُضربين عن الطعام منذ بدء الإضراب، وذلك باستثناء سجن "عوفر"، الذي تمكّنت المؤسسات فيه من زيارة خمسة أسرى مضربين فقط.
وذكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع أن التفاعل الجماهيري كبير مع معركة الأسرى، وبدأ يتسع أكثر فأكثر، ولم تعد هناك مدينة أو قرية أو مخيم إلا فيها خيم تضامنية مع الأسرى، متوقعًا أن يتصاعد حجم التفاعل والتضامن في ظل استمرار الإضراب، وتدهور الوضع الصحي لعدد من الأسرى من بينهم الأسير القائد مروان البرغوثي.
وأشار إلى أنّ شعبنا أمام مرحلة وطنية مهمة تتطلب إسناد الأسرى ومنع كسر إرادتهم، وعدم السماح بنجاح محاولات الاحتلال بوصم أسرانا أنهم "إرهابيون". وأكد قراقع أنّ الإضراب مستمر وهناك معنويات عالية لدى الأسرى المضربين، وعزيمة مستمرة يؤكدها انضمام أفواج جديدة من الأسرى إلى معركة الأمعاء الخاوية، لتحقيق المطالب والرد على همجية سلطات الاحتلال بعزل ونقل المعتقلين ومنع المحامين من زيارتهم.
وأضاف: نحن مستمرون في مقاطعة محاكم الاحتلال كونها غير شرعية وغير عادلة وتمنع المحامين من زيارة الأسرى. وعلى صعيد الخطوات الرسمية على المستوى القيادي لدعم وإسناد الأسرى، أوضح قراقع أنّه اجتمع مع الرئيس محمود عباس وناقش معه خطوات التحرك السياسي لنصرة الأسرى، وبدوره أجرى الرئيس الفلسطيني اتصالات مطولة مع دول عربية وأجنبية ومنظمات وجهات سياسية؛ من أجل التحرك السريع استجابة لمطالب المعتقلين، التي أكد الرئيس أنها مطالب تنسجم مع المعايير الإنسانية.
وقال إنه تم توجيه رسائل إلى البرلمانات العربية والدولية من أجل ضرورة التحرك لإنقاذ الأسرى، من بينهم مروان البرغوثي وهو نائب معتقل الأمر الذي يخالف الأعراف الدولية. ولفت قراقع إلى أنّ حركة الشعب الفلسطيني في هذه الأيام تحمل رسائل سياسية كبيرة قبيل اجتماع الرئيس محمود عباس بالرئيس الأميركي ترامب، وهذه الرسائل توجه إلى ترامب ولكل العالم؛ من أجل التحرك الفعلي لإنهاء الاحتلال، وهذه الهبة التضامنية مع الأسرى هي رسالة ساخنة لكل العالم أننا نريد التخلص من الاحتلال والإفراج عن أسرانا.
وكشف رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى المحررين أمين شومان عن الرضا تجاه الحراك الشعبي التضامني مع الأسرى في كافة المحافظات، والذي يتصاعد تدريجيًا مع استمرار أيام الإضراب. ورحّب شومان بمشاركة كافة القطاعات الفلسطينية بكل أطيافها في المسيرات الحاشدة في المدن ومناطق التماس تضامنًا مع الأسرى، مشيرًا إلى أنّ مسيرة مركزية ستنطلق الأربعاء من رام الله بمشاركة النقابات والمؤسسات ومختلف القطاعات.
وقال "رسالتنا أنّ هذه المعركة مصيرية بالنسبة للأسرى، ونصرهم هو انتصار للشعب الفلسطيني، وعليه أتوجه إلى الكل الفلسطيني بكل ألوانه السياسية واتحاداته ونقاباته ومراكزه وأنديته ومؤسسات المجتمع المدني، من أجل الوقوف وإسناد الأسرى، وأن تكون المشاركة الشعبية بالآلاف حتى نرتقي لمستوى تضحيات ونضال الأسرى في السجون، ومن أجل تشكيل ورقة ضغط حقيقية على سلطات الاحتلال للاستجابة لمطالب الأسرى.
أما فيما يتعلق بتفاعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مع قضية إضراب الأسرى، بيَّن شومان من خلال متابعته الشخصية أنّ مستخدمي هذه المواقع أبدعوا وبرعوا في توجيه تحويلها المنصات الافتراضية إلى قوة مساندة على أرض الواقع، من خلال انطلاق العديد من المبادرات وتنظيم فعاليات تأتي لخيم الاعتصام وتشارك في المسيرات ومختلف الفعاليات التضامنية عبر التنسيق المستمر بين مستخدمي هذه المواقع.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر ويغرد المستخدمون العديد من التدوينات ومقاطع الفيديو والصور ورسومات الكاريكاتير التي تتحدث عن إضراب الأسرى وتطوراته ودعوات لمساندة الأسرى، حيث تم إطلاق هاشتاج حمل عدة عناوين كان أبرزها: #إضراب_الكرامة، إذ حاز على أكثرها تغريدًا على مستوى الوطن العربي. وأطلق نشطاء وإعلاميون حملة إعلامية شبابية، نصرة للأسرى تحمل اسم #عتمة_زنزانة، تهدف لتكثيف الجهود لنصرة الأسرى على الصعيد الدولي والمحلي والعمل على تحريك الشارع الفلسطيني والعربي، وفضح الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى ودعمهم في معركة الأمعاء الخاوية.
وتفرض إدارة مصلحة سجون الاحتلال، إجراءات عقابية لمواجهة الأسرى المضربين، لا سيّما قادة الإضراب، وذلك منذ يومهم الأول، ومن بين تلك الإجراءات: عمليات التنقيل المستمرّة للأسرى المضربين وعزلهم انفراديًا، وتحويل بعض الأقسام إلى عزل جماعي، بعد مصادرة ممتلكاتهم وملابسهم والإبقاء على الملابس التي يرتدونها فقط، وحرمانهم من مشاهدة التلفاز والاطّلاع على الأوضاع خارج جدران السّجن وتقليص مدة الفورة اليومية، إضافة إلى حرمانهم من "الكانتينا".
وكان قرابة 1500 أسير شرعوا بإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال بتاريخ 17 من نيسان/أبريل الحالي، للمطالبة باستعادة حقوقهم التي سلبتها إدارة سجون الاحتلال، ومن هذه المطالب: حقهم بالزيارة وانتظامها، إنهاء سياسة الإهمال الطبي، إنهاء سياسة العزل، إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، السماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى.