القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
انقسمت ردود الفعل الفلسطينية ما بين الغضب والحيرة، بعد أن أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تراجعها عن إصرارها لوجود دولتين، واحدة للإسرائيليين، وأخرى للفلسطينيين، كحل وحيد قابل للتطبيق لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط الممتد منذ عقود طويلة.
وأثار صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، مخاوفه من شبح "الفصل العنصري"، ودعا إل ةوى "القيام بإجراءات ملموسة من أجل إنقاذ حل الدولتين". وقال مسؤول في البيت الأبيض في تصريحات صحافية عشية اجتماع الرئيس ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أن إدارة ترامب قد لا تعمل نحو حل الدولتين، ما يعتبر هو تراجعًا واضحًا للسياسة، التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ نصف قرن.
وكسر ترامب، التقاليد الدبلوماسية بشأن هذه القضية في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو في واشنطن، وقال أن ما يهم في الأمر التوصل إلى "اتفاق" وليس وجود دولة للفلسطينيين. وأضاف "سواء تم التوصل إلى دولتين أو دولة واحدة، أنا سأرحب بما يتفق عليه الطرفان، وسأكون سعيدًا جدا مع الحل الذي يتوصل إليه الطرفان".
وتعتبر تصريحات ترامب خروجًا عن العقيدة الدبلوماسية الأميركية منذ عقدين من الزمن، كما تثير مجموعة من الأسئلة الشائكة بشأن موقفه الجديد. فالفلسطينيون من غير المرجح أن يقبلوا بأي شيء أقل من دولة ذات سيادة مستقلة، وأن دولة إسرائيلية واحدة تضم الفلسطينيين ستكون خيارًا غير ديمقراطيًا، كما تعتبر غير مناسبة لليهود، بالنظر إلى معدل نمو السريع للسكان العرب.
وجاء رد فعل بعض الفلسطينيين والخبراء الشرق أوسطين محذرًا، بالقول أن مثل هذا التغيير في السياسة سيضعف الفرص، التي تعتبر ضئيلة بالفعل، في التقدم نحو المصالحة بين الجانبين. وقال السيد مشير عامر، أستاذ مشارك في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، إن "هذا الموقف سيعطي إسرائيل مطلق الحرية في أن تفعل ما تشاء، فعلى الأقل كان لأوباما بعض السيطرة على نتانياهو".
وكانت إسرائيل احتلت الضفة الغربية والقدس الشرقية، قبل 50 عامًا، في عام 1967، ومنذ ذلك كان وضع الأراضي الأردنية السابقة مصدرًا للصراع. ويرى العديد من القادة الفلسطينيين، وخاصة في الضفة الغربية، أن التمسك بحل الدولتين هو السبيل الوحيد المقبول للصراع. وفي ديسمبر/ كانون الأول قدمت إدارة أوباما دعمًا ضمنيًا، وأدانت الأمم المتحدة المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة.
وأوضح الكثير من الإسرائيليين أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، منقسمون بشدة فيما بينهم لكي تكون إسرائيل قادرة على إطلاق قبول بحل الدولتين بشكل دائم. وبعض اليمين الإسرائيلي يدعو إلى ضم كل أو جزء من الضفة الغربية، فيما حذر بعض اليمينيين نتانياهو من عدم رفع إمكانية وجود دولتين في اجتماعه مع ترامب.
وكشف عريقات في مؤتمر صحافي في الضفة الغربية، أن البديل الوحيد إلى ما أسماه رؤية "الفصل العنصري" لنتانياهو هو "دولة علمانية ديمقراطية واحدة مع حقوق متساوية للجميع، المسيحيين والمسلمين واليهود". الأمر الذي يلقى معارضة الكثير من الإسرائيليين، الذين يريدون أن تبقى إسرائيل دولة يهودية. ويقول بعض الإسرائيليين أن الانقسامات العميقة بين الفصائل الفلسطينية، التي تسيطر على الضفة الغربية وقطاع غزة، هي سبب آخر، ويكون التوصل إلى اتفاق بشأن حل الدولتين أمرًا مستحيلًا.