غزة – محمد حبيب
أكد وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني د.صبري صيدم إن الفترة المقبلة ستشهد تصاعدا في الهجوم الإسرائيلي على المناهج والمنظومة التعليمية الفلسطينية لتحويل التعليم إلى ساحة الحرب الجديدة لآلة الاحتلال، وتجفيف المساعدات الدولية للسلطة الوطنية، مشيرا بالمقابل إلى أن الوزارة بصدد اتخاذ إجراءات غير مسبوقة بحق كل مستنكف عن الدوام، رداً على أية دعوة للإضراب وتعطيل عمل المدارس.
وأوضح خلال لقاء مع عدد من الصحافيين، نظمه في مكتبه في رام الله، مساء أمس الجمعة أن الجانب الإسرائيلي يرى في تطوير المنهاج والنظام التعليمي، مسألة تشكل خطرا كبيرا، مضيفا أن "عملية الاستهداف ستكون ممنهجة على مستوى القدس، والمدارس البدوية، وتلك الموجودة خلف الجدار، ونحن نرى أننا نتعرض لاستهداف مباشر وحرب شعواء".
وأشار إلى أن صياغة المنهج الجديد جاءت منسجمة مع الرواية والهوية الوطنية، وأنها لا تنطوي على أي تحريض، نافيا أن تكون هذه العملية مرتبطة بأجندة خارجية أو رغبات ممولين. وأشار إلى قيام الطرف الإسرائيلي اثر إرسال الوزارة كتبا إلى قطاع غزة، ببعث رسالة إلى وكالة الغوث الدولية، تتهم المنهج بالاحتواء على مواد تحريضية. وأردف "نحن مقبلون على مرحلة من الإنجاز، ستشكل بالنسبة لإسرائيل ضربات متتالية في العلاقات العامة". ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مشاركة فلسطين في ثلاث مسابقات دولية، تتمثل في "أفضل مدرسة في العالم العربي"، و"تحدي القراءة العربي"، ومسابقة الذكاء العقلي العالمي، التي ستشارك فيها 80 دولة. وأدان الممارسات الإسرائيلية بحق المدارس المقدسية، مبينا أن الهدف منها التأثير على التعليم في المدينة المقدسة.
ونوّه إلى قيام الوزارة باتخاذ عدد من الإجراءات في إطار الإمكانيات المتوفرة، ما تضمن توفير الكتب مجاناً للمدارس المقدسية، وخفض معدلات قبول الطلبة المقدسيين في الجامعات، وتخصيص 10% من المنح لصالحهم سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. وقال: نحن نحتاج إلى 30 مليون دولار سنويا كمبلغ إضافي من أجل الحفاظ على التعليم في القدس، فنحن ندير 46 مدرسة، تشكل 14% من المدارس المقدسية، ونحن نشجع مدارسنا على استخدام المنهاج. وتابع: ما نوفره لمدارسنا المقدسية لا يزيد على 20% ما ننفقه على مدارسنا، ونحن غير راضين حتى عن حجم الاهتمام الشعبي، ولا رأس المال الفلسطيني في الشتات فيما يتعلق بموضوع القدس.
وفيما يتعلق بالمنهج الجديد، لفت إلى أن الوزارة لو كانت واثقة منها بنسبة 100%، لما أطلقت عليها نسخة تجريبية، نافيا أن يكون جرى إعداد المنهاج على عجل. وقال: لم نتعجل في إنجاز المنهج، لكن في عملية الطباعة، مشيرا إلى أن عملية التحضير لصياغة المنهاج بدأت منذ فترة من قبل فرق مختصة. وأضاف: طبعنا ما مجموعه 3500 صفحة، ومن الوارد أن تكون هناك أخطاء مطبعية كثيرة، عدا أخطاء عضوية من الواجب تصحيحها. وكرر استعداد الوزارة لاستقبال أي ملاحظات تتعلق بالمنهج، مبينا أنها ستكون موضع دراسة واهتمام.
ورفض هجوم أوساط محلية خصوصا من سماه "وكيل الوزارة المزعوم" في القطاع على المنهج، لافتا إلى أن بعض الأخطاء التي وردت في المنهج خاصة فيما يتصل بالخرائط لا علاقة للوزارة به، وإنما نجم عن أمور تتصل بالطباعة في المطابع، بيد أنه أكد أن تدقيقا أكبر ستشهده الفترة المقبلة، فيما يتعلق بهذا الشأن. وبالنسبة إلى دعوة أوساط من المعلمين للإضراب، أشار إلى أن هناك أرضية قانونية واضحة لاتخاذ إجراءات بحق أي مستنكف عن العمل، إما بالخصم المباشر، أو تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية.
وقال: لقد طوينا صفحة الإضراب السابق، وهناك اتفاقات موقعة، وقع آخرها قبل بداية العام الدراسي، وجرى تنفيذ بنود معظم هذه الاتفاقات، وبقي هناك بعض الإجراءات الإدارية. واستدرك: القانون الأساسي ينص على إلزامية التعليم، وإن الحامي لهذه المسألة هي الوزارة، بالتالي فإن على أي شخص لديه نزق نقابي، أو طموحات ميدانية، أو أغراض انتخابية مستقبلية، أو نزعات لأن يكون قائدا، ألا يمس بحق الطلبة بالذهاب إلى المدارس. وذكر أن الاتحاد العام للمعلمين بصدد إجراء انتخابات له الشهر المقبل، لافتا إلى أن بمقدور من يريد أن يلعب دورا قياديا ومؤثرا في قطاع التعليم، أن يترشح للانتخابات. وقال: الوزارة ستتعامل مع الفائز ومخرجات العملية الانتخابية.
واستدرك: الاستنكاف عن أداء الخدمة يعني تعطيلا مباشرا، بالتالي سنتخذ إجراءات امتنعنا عن اتخاذها في الماضي، لأننا لا نستطيع أن نرهن مستقبل الطلبة مقابل مطامح سياسية. ومضى قائلا: لا تجب مصادرة حق الطلبة في إلزامية التعليم، (...) وقد تعاملنا وفق أقصى درجات الآدمية والحضارية خلال الفترة السابقة، لكن صبري قد نفد.
وبالنسبة إلى ملف جامعة "الأقصى"، ذكر أن الحوار لا يزال متواصلا، وأنه قطع شوطا كبيرا، وأنه تم التوافق إلى حد كبير على صيغة إعلان "اتفاق"، مضيفا: "أعلى الهرم في حماس وتحديدا رئيس المكتب السياسي خالد مشعل ونائبه إسماعيل هنية تدخل في الحوار، وقد توافقنا على صيغة اعلان لـ 90% من النقاط، والحوار لا يزال جاريا، لكن هناك من يقوم بالتخريب عبر اشعال نيران في مواقع مختلفة".
وتابع: الجامعة مهدّدة بشكل غير مسبوق بأن تغلق أبوابها، وقد شهدت خروقات كبيرة، مثل تعيين معلمي مدارس لتدريس طلبة سنة أولى وسنة ثانية، (...) وقد أوضحنا لمشعل بأنه إذا حل هذا الملف، فإنه سيشكل فاتحة خير لأبناء الشعب الفلسطيني، لأن الجامعة تمس حياة ربع مليون غزي.
وبخصوص أزمة جامعة بيرزيت، أشار إلى جهود الوزارة لتجاوزها، خصوصا اللقاء الذي جرى فيها بمشاركة ممثلي الأطر الطلابية خلال الأسبوع الحالي، مبينا أن الوزارة طالبت بفتح أبواب الجامعة، باعتبار أن ذلك لا يمس بحق الطلبة في الاحتجاج وتعليق الدوام. وقال: أعتقد أن الأزمة في طريقها إلى الحل، وآمل ألا أرى إضرابات في مؤسساتنا، لأن المستفيد الأول هو الاحتلال.