بروكسل ـ عادل سلامه
أكد المجتمع الدولي دعمه القوة المشتركة لمكافحة "الإرهاب" التي شكّلتها مجموعة دول الساحل الأفريقي الخميس، بينما حذّرت السعودية من تمدد ظاهرة الإرهاب والتطرف خارج هذه المنطقة، ما لم تتم السيطرة عليها، وجمعت الدول المانحة في اجتماع قمة في بروكسيل لهذه الغرض وعودا بلغ حجمها 414 مليون دولار من أصل تمويل للقوة قدّر حجمه بـ450 مليون دولار.
وشارك في القمة التي عقدت في بروكسل الجمعة، 60 وفدا من بينها 25 تمثلت برؤساء دول وحكومات، إضافة إلى رؤساء مجموعة الخمس والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والشركاء من بينهم المملكة العربية السعودية التي قدمت 100 مليون يورو وكذلك الاتحاد الأوروبي (100 مليون) والولايات المتحدة (50 مليون يورو) ودولة الإمارات العربية المتحدة (30 ميلون يورو).
وقالت وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن القمة سعت إلى ضمان الدعم السياسي والمالي من المجموعة الدولية، وذكرت أن "تداعيات تحديات الأمن والتنمية تتجاوز الحدود وأن تهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة تطاول أوروبا".
وأكد رئيس النيجر محمد يوسف الذي يرأس الدورة الحالية لمجموعة الدول الخمس، أهمية ضمان تمويل دائم للقوة العسكرية المشتركة التي شكَّلتها هذه المجموعة وتضم موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد. وتساءل يوسف عن "أمد الحرب ضد الإرهاب في الساحل الأفريقي والتي قد تدوم طويلاً في ضوء الحروب الأخرى التي خاضتها الأطراف الدولية في أفغانستان والعراق وسورية".
وأعرب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عن قلق بلاده من تداعيات انعدام استقرار منطقة الساحل الأفريقي. وقال، عشية اجتماع بروكسيل، إنه "ما لم تتم السيطرة على التطرف والإرهاب في هذه المنطقة فإنه سينتقل إلى مناطق أخرى في أفريقيا ويشكل خطرا على أمن العالم واستقراره".
وذكر الجبير أن "السعودية تضطلع بدور كبير في الساحة الدولية، ومن واجبها حض دول العالم على اتخاذ مواقف حازمة وقوية في مواجهة الإرهاب والتطرف".
وطالبت مجموعة الخمس، مدعومة من الاتحاد الأفريقي، مجلس الأمن بـ"وضع مهمة القوة المشتركة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كي تتمكن من التدخل في الدول الخمس".
وأعرب يوسف عن الأمل بأن يقبل مجلس الأمن تحويل القوة المشتركة إلى فرقة تابعة لقوات الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، على أن يتم توسيع مهمة القوة الدولية في إطار منطقة الساحل الأفريقي.
وحمَّل كل من يوسف ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فاكي، الدول الغربية جزءا من مسؤوليات تدهور الوضع الأمني في المنطقة نتيجة تدمير مؤسسات نظام العقيد معمر القذافي. وقال يوسف إن "الفوضى في ليبيا تعد أساس تدهور الوضع الأمني في الساحل الأفريقي، وما لم يتم إطفاء المرجل سيظل الوضع خطرا". وقال فاكي: "لا تزال ليبيا، بعد سنوات على سقوط النظام فيها، مصدر تزود منطقة الساحل السلاح والمقاتلين. وسيظل الوضع على هذا النحو إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية".
وشدد رئيس النيجر على أن "قضايا الهجرة والتنمية والأمن مترابطة وتشكل مصلحة مشتركة بين دول الساحل الأفريقي وأوروبا"، وأكد أن "الحرب التي تخوضها الدول الخمس ضد الإرهاب تهدف إلى حماية منطقة الساحل، وتخوضها أيضاً باسم المجموعة الدولية لأن الأمن مصلحة دولية".
وتأسست مجموعة الخمس عام 2014 وشكلت في العام التالي قوة مشتركة قوامها خمسة آلاف جندي لنشرهم في ثلاث مناطق حدودية بين موريتانيا ومالي في الغرب وفي المناطق الحدودية المشتركة بين النيجر وتشاد في الشرق وبين النيجر ومالي وبوركينا فاسو في المنطقة الوسطى. وتتميز المناطق الحدودية الطويلة بوجود معابر تتنقل من خلالها المنظمات الإرهابية وشبكات تهريب البشر والاتجار بالسلاح والمخدرات.
وشنت القوة المشتركة إلى حد الآن أربع عمليات عسكرية ضد المنظمات الإرهابية، منها الهجوم المضاد في مناطق الحدود المشتركة بين النيجر وجنوب مالي وبوركينا فاسو حيث قتل ثلاثة أميركيين وخمسة جنود نيجريين في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2017.
وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أمام القمة أن "وضع الساحل الأفريقي يعد ضمن التحديات الكبيرة التي تواجهها القارة الأفريقية"، وأشار إلى أن "الردود على التحديات ليست مناسبة". وأضاف أن "مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة هي دون مقتضيات الوضع ودون ما تقوم به المجموعة الدولية في مواجهة التهديدات نفسها في مناطق أخرى من العالم". ودعا فاكي إلى "إدراج القرارات والسياسات التي تعني الساحل الأفريقي ضمن الحرب العالمية على الإرهاب".
وخصص الاتحاد الأوروبي 8 بلايين يورو لدعم التنمية في الساحل الأفريقي خلال الفترة من 2014 إلى 2020.
وتستند القوة المشتركة إلى مهمات قوات الأمم المتحدة (مينوسما) في مالي والتي تتعرض لاعتداءات من المنظمات الإرهابية. وتحظى قوة مجموعة الخمس بدعم القوات الفرنسية (باركان) في النيجر والتي فقدت اثنين من جنودها في الأيام الماضية. كما تستفيد القوة المشتركة من الخبرات التي تقدمها الولايات المتحدة حيث نشرت نحو 800 جندي في النيجر، وتمتلك قدرات لوجيستية تتمثل في سرب الطائرات من دون طيار لمراقبة أجواء المنطقة.