إسلام آباد - جمال السعدي
أعلنت حركة "طالبان" في أفغانستان، عن بيان نادر باسم زعيمها، هيبة الله اخوندزاده، لدعوة المواطنين الأفغان إلى زراعة المزيد من الأشجار، لأنها خير في الدنيا والأخرة. ونشرت وسائل إعلام طالبان الرسمية "رسالة خاصة" باسم اخوندزاده، وهي خطوة غير مألوفة بالنسبة للجماعة التي نشرت، بيانات غير موقعة، بشأن مجموعة من القضايا مثل سقوط ضحايا من المدنيين، والعمليات العسكرية المقبلة، وذكرى انسحاب القوات السوفيتية في الثمانينيات.
واخوندزاده هو رجل دين، يعتقد أنه كان مختبئًا منذ أن أصبح زعيم لطالبان في أيار/مايو 2016 بعد وفاة سلفه في هجوم طائرة أميركية، من دون طيار في باكستان، في بيان له، وحثّ مقاتلو طالبان، إلى "زراعة الأشجار المثمرة أو غير المثمرة لتجميل الأرض، ولإفادة مخلوقات الله عز وجل". وقال اخوندزاده في البيان الذي نشر بأربع لغات، منها الإنكليزية أن "المجاهدين وأبناء البلد الأحباء، يجب أن يتكاتفوا في غرس الأشجار". ولا يشير البيان إلى أن حركة طالبان لا تزال "تشارك بنشاط في النضال ضد الغزاة الأجانب ومستأجريهم"، في إشارة إلى حكومة كابول التي تسعى الحركة إلى الإطاحة بها.
وشنّت طالبان تمردًا ضد الحكومة في كابول وداعميها ائتلاف حلف شمال الأطلسي منذ الإطاحة بها من السلطة في التدخل العسكري، الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001. ومنذ انسحاب معظم القوات القتالية الأجنبية عام 2014، قامت الحركة الإسلامية بمكاسب بطيئة ولكنها ثابتة، وتعد المساحة التي تسيطر عليها الآن أكثر من 40 في المائة من أفغانستان.
وفي حين أن حركة طالبان المعروفة في الغالب بالهجمات المسلحة، إلا أن لديها تطلعات سياسية، وكثيرًا ما عملت على توفير الخدمات الأساسية والتأكيد على الاتصالات في المجتمعات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها. واخوندزاده، الذي قيل إنه أمضى 15 عامًا، في التدريس في مسجد في باكستان، استشهد بآيات من القرآن في دعوته لمزيد من الأشجار في بلد قاحل. وأضاف "تعتبر زراعة الأشجار والزراعة من الأمور، التي تجمع بين الخير الدنيوية والاستفادة فضلا عن مكافآت ضخمة في الآخرة".
ونفى شاه حسين مرتضوي، المتحدث باسم الرئيس الأفغاني أشرف غاني، وصف البيان بأنه محاولة "لخداع الرأي العام"، وصرف النظر عن حكم طالبان، و"الجرائم والدمار التي أحدثته وتحدثه". وأضاف "منذ إنشاء حركة طالبان لم تبرز شيئًا سوى أن هؤلاء يتبنون القتل والجرائم والدمار"، وختم تعليقه بتعجب "كيف يمكن لطالبان أن تفكر في زراعة الأشجار أو حماية البيئة في البلاد؟".
وهناك عدد قليل من المساحات الخضراء والحدائق العامة في معظم المدن الكبرى في أفغانستان، بما في ذلك العاصمة كابول، المكتظة بالسكان. ووفقًا لمسؤولين من وزارة الصحة العامة الأفغانية، ما يصل إلى 4000 مواطن يموتون سنويًا في كابول، بسبب الأمراض الناجمة أو التي تفاقمت بسبب تلوث الهواء. وقال وحيد مزهدًا، المحلل السياسي في كابول، إن الإعلان عن مثل هذا من طالبان - والبيانات الأخرى التي يطالب فيها ببناء الطرق والجسور - يمكن أن تكون جزءًا من حملة لإظهار أنهم يتطلعون إلى توفير القيادة المستنيرة في مناطق البلاد التي يسيطرون عليها.