مجلس الأمن


سعت بريطانيا، بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا، الثلاثاء، إلى حشد أوسع دعم من أعضاء مجلس الأمن لمشروع قرار التجديد للعقوبات الدولية على اليمن، مع التنديد خصوصًا بطهران بسبب انتهاكها حظر الأسلحة من خلال تزويد جماعة الحوثي بالصواريخ "الباليستية" وغيرها من العتاد الحربي، والمطالبة باتخاذ إجراءات لمواجهة الانتهاكات الإيرانية.
 
وكشف دبلوماسي معني أن المشاورات الأولية التي أجريت في مقر البعثة البريطانية لدى الأمم المتحدة "كشفت اعتراضًا" من روسيا على مشروع القرار الغربي، وأن هناك أملًا في استمالة موسكو، وإقناعها بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) عندما يحين موعد التصويت على مشروع القرار، قبل نهاية فبراير (شباط) الحالي. فيما يتجاوب النص المعدّل من القرار الذي صاغته بريطانيا، باعتبارها "حاملة القلم" في كتابة القرارات والبيانات الخاصة باليمن، مع تأكيد خبراء لجنة العقوبات أن الصواريخ التي أطلقها الحوثيون العام الماضي باتجاه السعودية مصنّعة في إيران. في حين رفعت واشنطن ضغوطها على موسكو من أجل التصويت إيجابًا على مشروع القرار، بيد أن المفاوضين الروس طلبوا مهلة للحصول على تعليمات إضافية من العاصمة.
 
وأورد مشروع القرار في ديباجته أن مجلس الأمن يعبر عن "قلقه بصفة خاصة، من أن أسلحة إيرانية الأصل أدخلت إلى اليمن، بعد بدء الحظر المفروض على الأسلحة"، وأنه يؤيد إفادة فريق الخبراء بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التزويد المباشر أو غير المباشر أو البيع أو النقل للمواد المحظورة إلى أشخاص أو كيانات مصنفة (تحت العقوبات) في اليمن، تنتهك إيران القرار 2216. وإذ يندّد المشروع "بأشد العبارات بالهجمات الصاروخية الباليستية التي ينفذها الحوثيون ضد المملكة العربية السعودية، مع القلق بوجه خاص من الهجوم الذي وقع في 22 يوليو (تموز) على مصفاة لتكرير النفط في محافظة ينبع، والهجمات التي وقعت في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و9 ديسمبر (كانون الأول) على الرياض، والتي استهدفت مناطق مدنية، فضلًا عن ادعاءات الحوثيين عن هجمات صاروخية ضد الإمارات العربية المتحدة"، فإنه يعبر عن "قلقه البالغ من النية المعلنة للحوثيين لمواصلة هذه الهجمات ضد السعودية، فضلًا عن شن هجمات إضافية ضد دول أخرى في المنطقة"، ويؤكد أن "هذه الهجمات يمكن أن تنتهك القانون الدولي، ويطالب بوقفها فورًا".
 
وتنص الفقرات التي وُضعت تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على أن مجلس الأمن "يدعو كل الأطراف إلى الامتثال للقانون الإنساني الدولي  ووقف كل الهجمات ضد المدنيين والممتلكات المدنية، واتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق أي ضرر بالمدنيين والممتلكات المدنية، وحماية المرافق الطبية والعاملين فيها وحمايتهم، ووقف تجنيد الأطفال واستخدامهم، في انتهاك للقانون الدولي المرعي الإجراء، بغية منع المزيد من المعاناة عن المدنيين".
 
ويندّد المشروع بانتهاك إيران "الفقرة 14 من قرار مجلس الأمن 2216، لعدم اتخاذها التدابير اللازمة لمنع تصدير 3 أنواع من المواد المحظورة أو بيعها أو نقلها إلى أشخاص أو كيانات مصنفة (تحت العقوبات)، بما في ذلك الصواريخ الباليستية القصيرة المدى والمعدات العسكرية ذات الصلة، وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار التي يمكن اعتبارها معدات عسكرية"، ويقرر أن "تتخذ الدول الأعضاء إجراءات لمنع رعاياها من القيام بأي نشاطات تتعلق بالصواريخ الباليستية في اليمن، بما في ذلك عمليات الإطلاق التي تستخدم تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، وأن تتخذ الدول التدابير اللازمة لمنع التصدير أو البيع أو النقل للتكنولوجيا أو المساعدة التقنية المتصلة بهذه النشاطات من رعاياها، أو باستخدام السفن أو الطائرات التي ترفع أعلامها". كما يطالب "الأفراد والكيانات الذين تعيّنهم اللجنة، والأشخاص الذين يعملون بالنيابة عنهم، بوقف إطلاق كل الصواريخ الباليستية، ووقف تطوير هذه التكنولوجيا". ويأخذ علمًا بـ"الفقرات 86 - 96 من التقرير (النهائي) للفريق"، ويقرر أن "هذه الانتهاكات للقرار 2216 تتطلّب ردًا إضافيًا من المجلس"، ويقرر "اتخاذ تدابير إضافية للتعامل مع هذه الانتهاكات"، ويشدّد على "دعمه لآلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش التي تسهل الشحن التجاري إلى اليمن، ويدعو إلى تعزيز قدراتها ومواردها".
 
ويؤكد مجددًا أن "معايير التصنيف المحددة في الفقرة 17 من القرار 2140، والفقرة 19 من القرار 2216، يمكن أن تشمل أي نشاط يتصل باستخدام الصواريخ الباليستية في اليمن، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، أو توفيرها أو نقلها بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أشخاص أو كيانات مصنفة" تحت العقوبات، بما في ذلك الألغام البحرية، والأجهزة المتفجرة البحرية البدائية الصنع، والصواريخ المضادة للدبابات، والخبرة التقنية المتصلة بصنع الصواريخ الباليستية أو تطويرها أو تحسينها أو استخدامها، أو المكونات المستخدمة لصنع المعدات العسكرية للأشخاص أو الكيانات المصنفة تحت العقوبات.
 
ويشدّد على أن "الأعمال التي تهدد السلم والأمن والاستقرار في اليمن يمكن أن تشمل أيضًا التصرف بالنيابة عن فرد أو كيان مصنف (تحت العقوبات)، أو بتوجيه منه، أو بالنيابة عنه، أو بتوجيه من كيان يملكه أو يسيطر عليه فرد أو كيان مصنف"، فضلًا عن "تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات إلى فرد أو كيان تحت العقوبات". ويوجه لجنة العقوبات من أجل المشاركة في اجتماع مشترك حول القرار 2231 للنظر في مزيد من الأدلة على تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن.
 
وإذ يعبّر عن "القلق البالغ من استمرار تدهور الحال الإنسانية، ومن كل العقبات التي تعرقل وصول الإمدادات الإنسانية والتجارية، بما في ذلك إمدادات الغذاء والوقود والإمدادات الطبية، إلى سكان كل المحافظات المتأثرة"، يلاحظ "أهمية ضمان استمرار الوصول غير المقيد للشحنات الإنسانية والتجارية من خلال كل موانئ اليمن والمطارات والمعابر الحدودية، بما في ذلك ميناء الحديدة، ويدين استخدام الألغام البحرية، وكذلك القذائف والعبوات المتفجرة البحرية البدائية الصنع، التي تمثل خطرًا على الشحن التجاري وخطوط الاتصالات البحرية في البحر الأحمر".
 
كان التقرير النهائي الذي أعده فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات على اليمن قد قدم أدلة على تورط إيران في إمداد جماعة الحوثي بالأسلحة والعتاد، ومنها الصواريخ الباليستية، في انتهاك للفقرة 14 من القرار 2216، موضحًا أن "هناك مؤشرات قوية على إمداد بمواد ذات صلة بالأسلحة المصنعة في، أو المصدرة من، إيران"، بينما كررت المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أن الصاروخ الباليستي الذي أُطلق من اليمن باتجاه السعودية، وأسقط بواسطة الدفاعات الصاروخية السعودية قبل سقوطه على مطار الرياض في تشرين الثاني الماضي، إيراني الصنع، موضحة أن بقايا الصاروخ "كان عليها ملصق (صنع في إيران) أيضًا". علمًا أن هيلي كانت قد نظمت رحلة لأعضاء مجلس الأمن إلى واشنطن خلال الشهر الماضي، حين عاينوا مخلفات الأسلحة الإيرانية التي تستخدمها جماعة الحوثي.