طرابلس - فاطمة سعداوي
أربكت التوترات الأمنية، التي تسود العاصمة الليبية طرابلس من وقت لآخر، ترتيبات أممية ومحلية تستهدف إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد خلال نهاية العام الجاري، ودفعت الأجواء الملتهبة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، إلى القول بأنه لا يمكن الانتخاب في ظل عدم الاستقرار في البلاد، في وقت يرى فيه غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، أن الليبيين يريدون تغيير قياداتهم السياسية.
أعضاء البرلمان متمسكين بتفريغ العاصمة من الميليشيات المسلحة اولًا
وتمسك أعضاء في مجلس النواب، تحدثوا إلى "الشرق الأوسط"، بضرورة تفريغ العاصمة من الميليشيات المسلحة أولًا، معتبرين أنه دون ذلك ستظل هناك شكوك بإجرائها، وبنتائجها أيضًا، في ظل تحكم البنادق في رقاب العباد".
السراج يشترط عودة الاستقرار إلى ليبيا
وفي أحدث موقف لرئيس المجلس الرئاسي الذي يحظى بدعم دولي، اشترط السراج عودة الاستقرار إلى ليبيا كي يتم التفكير في الانتخابات، لافتًا إلى أن الأوضاع في البلاد غير مستقرة، بما يسمح بإجراء انتخابات، وذلك على خليفة الاشتباكات التي تتجدد بين الميليشيات المسلحة في العاصمة، وتحصد عشرات الأرواح.
وفي تصريحات صحافية لجريدة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، قبل أيام، ألقى السراج بالكرة في ملعب مجلس النواب في مدينة طبرق، وقال إنه يتحتم على الأطراف السياسية الاتفاق على دستور قبل إجراء أي انتخابات"، مضيفًا، أجرينا محادثات عن الانتخابات في باريس، ولكن يتعين أولا إجراء استفتاء على الوثيقة الدستورية، التي تم إعدادها. لكن لم تتم الموافقة عليها.
تهديدات المشير خليفة حفتر
تطرق السراج لتهديدات أطلقها المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بـتحرير العاصمة طرابلس بالتصرف "غير المسؤول"، وقال بهذا الخصوص، "أود أن أذكر حفتر بأن الاتفاقيات، التي تم التوصل إليها في باريس، اعتمدت العمل معًا من أجل أهداف مشتركة وضد المبادرات الأحادية، وقد قلنا إنه يجب تفضيل الحوار، وإن أي انتهاك لهذه الاتفاقيات سيكون ضارًا للجميع".
وأضاف السراج قائلًا، "من الواضح أن هذه التصريحات الحربية الأخيرة تتناقض مع روح اتفاق باريس، كما كان خطيرًا إرسال قوات لاحتلال موانئ وآبار النفط والغاز شرق سرت"، كما حذر من "ضرر سيطال ليبيا بأكملها، وأي هجوم عسكري على العاصمة عمل غير مسؤول، يدفع البلاد إلى حرب أهلية".
ضرورة توجه الجيش الوطني إلى طرابلس لتحريرها من الميليشيات المسلحة
ودافع أحد النواب عن مدينة بنغازي (شرق البلاد) عما سماه "، على ضرورة توجه الجيش الوطني إلى طرابلس لتحريرها من الميليشيات المسلحة". وقال هذا النائب، الذي رفض ذكر اسمه لدواع أمنية، إن ميلشيات العاصمة باتت خطرًا على البلاد بأكملها، ويجب التخلص منها، ومن ترسانة أسلحتها سريعًا.
وقبل أسابيع ظلت البعثة الأممية تتمسك بإجراء انتخابات في البلاد قُبيل نهاية العام الجاري، لكنها تراجعت خطوة إلى الوراء مع تعقّد المشهد السياسي في البلاد، وخلط الأوراق، بعد تدخل أطراف دولية على خط الأزمة بين مطالب ورافض لإتمام هذا الاستحقاق، وقد أظهرت تصريحات السراج تباينًا في المواقف مع ما ذهب إليه المبعوث الأممي، الذي رأى أنه "من الممكن تحقيقها"، بقوله إن الأمم المتحدة ملتزمة بجدية بهذا الهدف، وذلك بفضل دعم المجتمع الدولي"، لكنه اشترط أيضًا "توفر بعض الشروط، وسيكون من الضروري الاجتهاد لاستيفاء هذه الشروط".
سلامة يؤكد أن التغيير يجب أن يمر عبر الانتخابات بطريقة سلمية وديمقراطية
وأضاف سلامة في تصريحات مماثلة لصحيفة (لا ريبوبليكا) الإيطالية، أن "التغيير يجب أن يمر عبر الانتخابات بطريقة سلمية وديمقراطية، وهذا ما تأكدت منه على نطاق واسع خلال مشاوراتي بشأن المؤتمر الوطني الجامع".
وانتهى سلامة قائلا، إنه ليس من المستغرب أن الليبيين يريدون تغيير قياداتهم السياسية. فأعضاء مجلس النواب جرى انتخابهم قبل أربع سنوات من نحو 15 في المائة من السكان. وأعضاء المجلس الأعلى للدولة يمثلون نسبة ضئيلة من نواب المؤتمر الوطني العام سابقا، الذي يعود لست سنوات خلت، وحكومة الوفاق الوطني لم تتول مهامها بفضل الانتخابات، ولكن أسندت إليها تلك المهام بعد اتفاق الصخيرات. ولذلك فالانتخابات ضرورية".
كشير يطالب بضرورة ترتيب الأوضاع الأمنية في البلاد
وطالب النائب علي كشير، عضو مجلس النواب عن بلدة العزيزية، بضرورة ترتيب الأوضاع الأمنية في البلاد، وهذا لا يتأتى من وجهة نظره إلا من خلال "سيطرة الجيش وقوات الأمن لاستعادة الأمور مجددًا.
وقال كشير في حديثة لـ"الشرق الأوسط"، "نحن ندعو لإجراء انتخابات في البلاد لإنهاء الفترة الانتقالية، والشعب يريد تقرير مصيره عبر صناديق انتخابات ديمقراطية حقيقية، لكن وجود تلك المجموعات يحول دون تنفيذ ذلك، ولذلك سيظل هناك شكوك في نزاهة نتائج أي انتخابات تجري مع تغولها في العاصمة"، ويرى عضو مجلس النواب الدكتور محمد العماري أن الوضع الأمني وازدواجية مؤسسات الدولة، وتأخر البرلمان في إقرار قانون الدستور، وعدم قدرته على عقد اجتماعات مكتملة النصاب زاد الأمر تعقيدًا".
مبرزا أن كل ذلك أسهم في استحالة إجراء انتخابات فيما تبقى من أيام السنة، ولا أعتقد أنه بالإمكان إجراء انتخابات في ظل الظروف الراهنة، رغم أنها مطلب عادل، ويظل الصندوق هو فصل القول".