حكومة الاحتلال الصهيوني

وقّعت عائلات من قرية أم الحيران في النقب بعيون دامعة وأسى شديد، اتفاقا مع "سلطة تطوير وتوطين البدو"، التابعة للحكومة الإسرائيلية، يوافقون بموجبه على "الانتقال بإرادتهم" إلى بلدة حورة المجاورة حتى تتمكن السلطات الإسرائيلية من إقامة بلدة يهودية جديدة تسرق حتى اسم قريتهم، على اعتبار أن البلدة الجديدة ستحمل هي الأخرى اسم "حيران".

وسيحصل أهالي "أم الحيران" بموجب هذا الاتفاق على 90 قطعة أرضية مخصصة للبناء، وتعويض مالي عن البيوت التي سيخلونها، وفي مقابل ذلك سيوافقون على هدم خيامهم، والانتقال إلى حي رقم 12 في بلدة حورة المجاورة، وهو الاقتراح الذي رفضوه في السابق.

كانت السلطات الإسرائيلية أعلنت في الشهر الماضي، أنه سيتم إخلاء السكان من قريتهم في نهاية الشهر الحالي، لكن في ضوء الاتفاقات تقرر تأجيل الإخلاء إلى شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. ووفقا ليئير معيان، المدير العام لسلطة تطوير وتوطين البدو في النقب، وقع الاتفاق 200 فلسطيني، يشكلون غالبية سكان القرية، ومن لم يوقع على الاتفاق حتى سبتمبر/ أيلول المقبل المقبل فإن السلطة الإسرائيلية المختصة ستقوم بإخلائه.

وقال مصدر شارك في المفاوضات، التي جرت في القرية حتى ساعة متأخرة من الخميس، إنه تم التوصل إلى الاتفاق بعد تدخل قائد شرطة المنطقة الجنوبية، موطي كوهين، الذي توسط بين الجانبين لتجنب الإخلاء العنيف للسكان.

من جانبه، أكد رائد أبوالقيعان، رئيس اللجنة المحلية في القرية، أن "هناك اتفاقاً مبدئياً بشأن الإخلاء"، موضحاً أن السكان "وقعوا الاتفاقية لأنه لم يتبق لديهم أي خيار.. وليس هناك حل آخر يمكن أن نحصل عليه. لو كان هناك شيء آخر لقلنا نعم. كنت سأرضى بالبقاء في منزلي، لكن هذا الاتفاق جاء حتى نتجنب المزيد من الخسائر، وحتى لا يكون هناك مزيد من الدم والألم".
بدوره، قال المواطن سليم أبوالقيعان "وقعنا على هذا الاتفاق والدموع تملأ عيوننا. لم تكن هناك مفاوضات، بل توقيع اتفاق بالاغتصاب. قالوا لنا إذا لم توقعوا سنأتي ونهدم"، مبرزا أن قوات الشرطة قامت مرات عدة بدوريات في القرية خلال الأسابيع الأخيرة، ومارست ضغطاً هائلاً على السكان، الذين تعرضوا خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى التهديد بشكل يومي".

وأضاف أبوالقيعان موجهاً انتقاده إلى النظام الإسرائيلي "شعرنا بالإهانة والهزيمة من قبل نظام يختبئ وراء القانون، لكنه والقانون يتواجدان في منطقة أخرى. لا يوجد قانون في دولة إسرائيل... توجد فقط قوة".

من جهته، قال وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أريئيل، المسؤول عن سلطة تطوير وتوطين البدو في النقب، إن "الدمج الصحيح بين تصميم جهات تطبيق القانون، والعرض السخي من الدولة أدى إلى نتيجة نرحب بها جميعاً، وهي إخلاء متفق عليه من دون عنف لسكان أم الحيران، وفقاً لقرار المحكمة". ورحب يئير معيان بتوقيع الاتفاقية بقوله "أشيد بقادة (أم الحيران)، الذين أظهروا سلوكاً مسؤولاً لصالح جميع السكان. واتفاق الإخلاء الطوعي والانتقال إلى حي 12، الذي تم تطويره من أجلهم، سيمكنهم من مواصلة العيش في حي جديد، والاستمتاع ببنية تحتية عالية الجودة في حورة".

ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن السكان سيحصلون أيضاً على عشرات القطع بسعر مخفض، وعلى مناطق مخصصة لحظائر الأغنام، و50 - 80 دونما للزراعة.
من جهته، قال دوف حنين، عضو الكنيست اليهودي في "القائمة المشتركة" "قلبي مع سكان (أم الحيران) في هذا اليوم الصعب. لقد فقدوا قبل عام ابنهم المربي يعقوب موسى أبوالقعيان، وسيضطرون الآن إلى مغادرة منازلهم بسبب حكومة تصر على إلغاء وجود القرية كي يتم البناء على أنقاضها لليهود فقط. رياح رهيبة تهب من اتجاه الحكومة إزاء الجمهور العربي".

في غضون ذلك، أعلن "عدالة"، وهو مركز قانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل، أن "التوقيع على الاتفاقية تمّ تحت ضغوط كبيرة، وفي ظل تواجد مكثف للشرطة في القرية، وعلى خلفيّة أحداث الهدم الوحشيّة، وقتل يعقوب أبو القيعان بنيران الشرطة في يناير (كانون الثاني) 2017".

واعتبر مركز عدالة قضية أم الحيران "مثالاً واضحاً للتهجير العنصري"، موضحاً أن الهدف الوحيد لتهجير أهلها هو "إقامة بلدة لليهود على أنقاض أم الحيران. وهذه الحالة تجسد السياسات الإسرائيليّة الاستعمارية بكل ما يخصّ قضايا الأرض والتخطيط، والتي تشابه سياسات الأنظمة الظلاميّة كجنوب أفريقيا في حقبة الأبرتهايد. هذه الخطوة، لم تكن ممكنة دون الدعم الكامل من المؤسسة القضائية الإسرائيلية".​