بوريس جونسون مع تيريزا ماي

تراجع وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، عن تهديده بالاستقالة من منصبه بعد توصله الى اتفاق مع رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، حول موقف الأخيرة من صيغة "البريكسيت" النهائية، التي يُفترض أن تكشف عنه في خطابها المرتقب يوم الجمعة.  وفي تصريح يعكس تفادي الأزمة في الحكومة البريطانية، قال جونسون إنه يثق بقدرة ماي على توحيد حزب المحافظين، مضيفاً "أنا على ثقة بأنها ستضع رؤية واثقة وإيجابية للبريكست، وسيكون خطاباً يلتف حوله الجميع".

وكانت الصحف البريطانية قد تناقلت، الثلاثاء، أخباراً عن تلويح جونسون بالاستقالة إن أعلنت ماي في خطابها، الجمعة المقبل، عن توجهها نحو نموذج سويسري للعلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد البريكست. ونقلت صحيفة "ذا تلغراف" عن مصدر مُقرّب من جونسون أنه يرى صيغة بريكست مخففة مبنية على النموذج السويسري أمراً "لا يُمكن العيش معه". ويشمل النموذج السويسري، الذي يعارضه الجمهور المطالب بالانفصال الكامل عن الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم الوزيران في الحكومة البريطانية الحالية، بوريس جونسون ومايكل جوف، أن تقوم بريطانيا بدفع رسوم سنوية للحصول على عضوية السوق المشتركة. كما يتضمن الالتزام بقوانين وتشريعات أوروبية أخرى.
وتكمن المشكلة في هذا النوع من العلاقة مع الاتحاد، بالنسبة لجمهور البريكست المتشدد، بأنه سيُحدُّ من قدرة بريطانيا على اتخاذ قرارات منفردة بخصوص مواضيع حساسة تشمل الهجرة والصفقات التجارية. ويفضل جونسون مثالاً أشبه بالنموذج الذي يتم التفاوض عليه حالياً بين الاتحاد الأوروبي وكندا، ويعرف اختصاراً باسم "سيتا"، وهو ما يسمح بالتجارة الحرة بين الطرفين من دون تعرفة جمركية. وحصل جونسون على تطمينات من رئيسة الوزراء بعدم تعهدها بالالتزام بالنموذج السويسري خلال خطابها المنتظر في فلورنسا الإيطالية.  وتأتي هذه التطورات بعد أربعة أيام من الأخذ والرد بين أعضاء حزب "المحافظين" كنتيجة لمقال نشره جونسون في صحيفة "ذا تلغراف" عن خطته الخاصة بالبريكست، والتي رآها كثيرون خطوة أولى في طريق منافسته على زعامة الحزب. وجاء رد رئيسة الوزراء حاسماً، بأنها هي من يقود بريطانيا نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي، بينما طالب آخرون باستقالة جونسون من منصبه.

وقد تجمهر مؤيدو البريكست المتشدد خلف بوريس جونسون وديفيد جوف اللذين أثارت قلقهما تكهنات بأن وزير المالية فيليب هاموند، ومعه مسؤولون كبار في وزارتي المالية ومن قسم الخروج من الاتحاد الأوروبي، يتآمرون لفرض صيغة مخففة من البريكست على النمط السويسري. وكانت رئيسة الوزراء قد رفضت فكرة حصر خياراتها بأحد النموذجين من صفقة التجارة الحرة أو نموذج معدل من العضوية في السوق المشتركة. وستعطي ماي المزيد من التفاصيل عن خطابها بشأن التسوية المالية التي ستعرضها بريطانيا على الاتحاد الأوروبي، وتصل قيمتها المفترضة إلى 10 مليارات يورو عن سنتي المرحلة الانتقالية التي ستتبع البريكست. إلا أنها ستتجنب الخوض في تفاصيل الاتفاق النهائي، وإن كانت ستميل أكثر باتجاه موقف وزير الخارجية جونسون، وستركز على ضرورة بدء المحادثات التجارية مع الاتحاد هذا الخريف.

وكدليل على التوافق بين معسكري البريكست المتشدد والمعتدل، سيقف كل من جونسون ووزير البريكست، ديفيد ديفيس، ووزير المال فيليب هاموند إلى جانب رئيسة الوزراء في خطابها القادم أمام زعماء الاتحاد الأوروبي في فلورنسا.

وأصدر الطرفان تصريحات تمت صياغتها كي تعكس التوافق بين الطرفين. فقد صرح جونسون الموجود حالياً في نيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، بأنه لن يستقيل، مضيفاً "نحن نعمل سوية، وهو الأمر الأساسي، لنضمن أن بريطانيا ستحصل على أفضل الفرص من البريكست". وفي معرض إجابته عن وجود انشقاقات داخل الحكومة حول الموقف من أوروبا، علق قائلاً "لا، نحن حكومة تعمل سوية، إننا عش من العصافير المغردة". وعند سؤالها عن وجوب إقالة جونسون من الحكومة، أجابت ماي الموجودة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك أيضاً "بوريس يقوم بعمل جيد في وزارة الخارجية". وأضافت "إنه يقوم بذلك هنا في الأمم المتحدة".

وستسعى رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي لإلزام بوريس جونسون، وزير خارجيتها برؤيتها بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل خطابها في فلورنسا. وذكرت الصحيفة أمس الأربعاء أنه من المتوقع أن يشمل خطاب رئيسي حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لرئيسة وزراء بريطانيا في المدينة الإيطالية عرضا لتسوية مطالب الاتحاد الأوروبي بالنسبة لمشروع قانون بشأن الانفصال. وأضافت الصحيفة أن مستشارا كبيرا لتيريزا ماي، اتصل بمكاتب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل وزعماء آخرين بالاتحاد الأوروبي لعرض سد الفجوة بميزانية الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه، والتي تقدر بـ20 مليار يورو على الأقل (24 مليار دولار). ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مسؤولين شاركوا في المناقشات قولهم إن بريطانيا تريد طمأنة دول أخرى بالاتحاد الأوروبي بأن كلمة تيريزا ماي ستشمل العرض المالي.

وطبقاً للتقرير، تأمل ماي في أن يؤدي العرض إلى كسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويسمح لهم بدخول مرحلة ثانية مقررة الشهر المقبل لبحث علاقات التجارة المستقبلية بين بريطانيا والتكتل. وأبلغ مستشار تيريزا ماي لمسائل الاتحاد الأوروبي أولي روبينز هذا العرض إلى نظرائه في مختلف العواصم الأوروبية، بحسب ما أوردت الصحيفة المالية في نسختها الإلكترونية الأخيرة الثلاثاء نقلا عن المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها.

ولم تحدد بريطانيا حتى الآن أي رقم بالنسبة للمبلغ الذي تنوي تسديده لتسوية أي حسابات عالقة مع الاتحاد الأوروبي بعد انفصالها المقرر في 29 مارس/آذار 2019. وإن كانت بروكسل لم تحدد من جهتها أيضا أي رقم معين، إلا أن عددا من كبار مسؤولي الاتحاد أكدوا لوكالة الصحافة الفرنسية أن الفاتورة المتوجبة على البريطانيين تتراوح بين 60 ومائة مليار يورو. وبلغت مساهمة لندن الصافية في ميزانية الاتحاد الأوروبي للعام 2015، وهو آخر عام تتوافر أرقام بشأنه، 10.75 مليار يورو بحسب وثائق للمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي. وبالتالي، فإن مبلغ 20 مليار يورو سيكون فقط المبلغ المتوجب على البريطانيين لتسوية التزاماتهم تجاه الميزانية الأوروبية التي تم التصويت عليها لسبع سنوات وتنتهي في 2020. لكنّ دبلوماسياً كبيراً لدى الاتحاد الأوروبي قال للصحيفة إن هذا المبلغ لن يسدد الحساب بالكامل بين الاتحاد والبريطانيين الذين قطعوا عدة التزامات مالية تجاه الاتحاد الأوروبي. ولم يعلق مستشارو تيريزا ماي على تقرير "فاينانشيال تايمز". وكان موقف الحكومة البريطانية يقضي حتى الآن بالانتظار إلى أن تعلن بروكسل عن رقم لتجيب لندن عليه.

وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن مستشارا كبيرا لتيريزا ماي، اتصل بمكاتب المستشارة الالمانية، أنجيلا ميركل وزعماء آخرين بالاتحاد الاوروبي لـ"عرض سد الفجوة بميزانية الاتحاد الاوروبي بعد خروج بريطانيا منه، والتي تقدر بـ20 مليار يورو على الاقل (24 مليار دولار، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين شاركوا في المناقشات قولهم إن بريطانيا تريد طمأنة دول أخرى في الاتحاد الاوروبي بأن كلمة تيريزا ماي ستشمل العرض المالي. إلا أن متحدثا قال لوكالة الأنباء الألمانية إن مكتب ميركل لم يبلغ بالعرض.

كما ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" أن ماي سوف "تشير إلى أن بريطانيا مستعدة لمواصلة دفع مساهمتها في ميزانية الاتحاد الاوروبي في عامي 2019 و 2020 خلال مرحلة ما يسمى بالمرحلة الانتقالية". وقالت الصحيفة إن عرض ماي في فلورنسا يعني أن بريطانيا ستواصل تقديم مساهمة سنوية صافية قدرها 10 مليارات يورو لمدة عامين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في مارس 2019.

وطبقا للتقارير، تأمل ماي في أن يؤدي العرض إلى كسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ويسمح لهم بدخول مرحلة ثانية مقررة الشهر المقبل، لبحث علاقات التجارة المستقبلية بين بريطانيا والتكتل . إلا أن صحيفة "تلغراف" قالت إن العرض "لن يكون كافيا لكسر الجمود". وأضافت "في الواقع، 20 مليار يورو هي مجرد غيض من فيض في ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي". وذكرت صحيفة " تايمز" أن ماي ستدعو إلى عقد اجتماع حكومي خاص اليوم الخميس، حيث ستسعى لالزام بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، برؤيتها بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي" قبل خطابها في فلورنسا.