رام الله ـ ناصر الأسعد
طالب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، دول العالم والأمم المتحدة بتدخل عاجل وفاعل لنجدة القدس، وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين فيها، بعد يوم دام شهد قتل الجيش الإسرائيلي لثلاثة فلسطينيين في المدينة، قبل أن يرد فلسطيني بعملية طعن في مستوطنة حلميش القريبة من رام الله، ويقتل 3 مستوطنين، ويقرّ بأنه نفذ عمليته بسبب ما يحدث في الأقصى.
واتهم الحمد الله إسرائيل باستهداف أهل القدس “بأبشع أعمال القتل والتنكيل”، وقال خلال جولة ميدانية له في سلفيت شمال الضفة الغربية “إننا وإذ نحيي أبناء شعبنا الذين يتصدون لمحاولات إسرائيل تشديد سيطرتها وسيادتها على القدس والمساس بمقدساتها، خاصة المسجد الأقصى المبارك. فإننا نحذر حكومة الاحتلال من مغبة الاستمرار في مخططات تهديد وتهويد المسجد الأقصى، وزرع البوابات الإلكترونية على مداخله للتضييق على المصلين فيه، ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وكرامة”، مضيفا أن العالم بأسره “مطالب بوقف انتهاكات إسرائيل، وإلزامها بالكف عن محاولاتها تغيير الوضع القائم في القدس، ووقف الاعتداء على المصلين واستفزاز مشاعر المسلمين وجر المنطقة إلى نزاع ديني لن تحمد عقباه. وأؤكد لكم أن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها فخامة الرئيس محمود عباس تواصل اتصالاتها الدبلوماسية المكثفة لحشد موقف دولي ضاغط لإلزام إسرائيل بإلغاء الإجراءات، التي تقوم بها ضد القدس، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى... وستبقى القدس، القبلة والبوصلة التي تقودنا دائما إلى وحدتنا وإلى تلاحمنا وتشبثنا بأرضنا وبتراثها وبمقدساته”.
وجاء نداء الحمد الله بنجدة القدس، فيما اختار أهل المدينة الاستمرار بالصلاة في الشوارع والأزقة للأسبوع الثاني، بعد رفضهم الدخول إلى المسجد الأقصى من خلال بوابات التفتيش الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل الأحد الماضي بعد عملية نفذها 3 فلسطينيين قرب المسجد، قتلوا فيها شرطيين إسرائيليين. وقد شهدت المدينة منذ ذلك الوقت الكثير من الاشتباكات، سجلت ذروتها أول من أمس، حيث قتلت خلالها سلطات إسرائيل ثلاثة فلسطينيين وأصابت 400 شخص.
وحيال هذا الموضع المشحون علت في إسرائيل أصوات من أجل احتواء الموقف، حيث دعا يتسحاق هيرتسوغ وتسيبي ليفني، وهما من زعماء المعارضة الإسرائيلية، إلى إيجاد حلول فورية بعد المواجهات والأحداث المتصاعدة.
وقال هيرتسوغ إنه “يجب تفعيل كل الوسائل السياسية والأمنية لإعادة الهدوء والحد من العنف قبل أن تتسع دائرته”، ودعا إلى التعامل بهدوء وتغليب العقل من أجل وقف إراقة الدماء، أما تسيبي ليفني فرأت أنه يجب التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية والأردن والفلسطينيين لمنع مزيد من التدهور، وقالت: “إن التدهور السريع يتطلب تبديل التكتيك الحالي والاستراتيجيات، وهذا يتطلب تعاونا من الجميع ووقف تبادل الاتهامات”، لكن رغم هذه الدعوات فقد أبقت إسرائيل قواتها في حالة تأهب بعد مواجهات الجمعة، كما أبقت على إغلاق البلدة القديمة في القدس، فيما دفعت بمزيد من الجنود إلى الضفة الغربية. فيما قالت مصادر أمنية إسرائيلية إن ثمة تخوفا لدى قادة الجيش الإسرائيلي من تنفيذ عمليات فلسطينية متزايدة بسبب الغضب من حصار المسجد الأقصى، مضيفة أن عملية مستوطنة حلميش، التي نفذها عمر العبد (20 عاما) من قرية كوبر قرب رام الله وقتل فيها 3 مستوطنين، أشعلت هذه المخاوف.
واقتحمت قوات الاحتلال قرية كوبر أمس، وأبلغت عائلة العبد منفذ العملية بأنها ستهدم منزله، قبل أن تبدأ في تمشيط المنزل، والبحث عن أسلحة ومصادرة أموال. كما جرى اعتقال شقيق المهاجم، وأعلن الجيش الإسرائيلي حصارا على القرية، ومباشرة بعد ذلك تفجرت مواجهات بين شبان في القرية وقوات الاحتلال المقتحمة، وتجددت المواجهات مرة ثانية مع القوات الإسرائيلية على مداخل القرية، أدت إلى إصابات. وخلفت الإجراءات الإسرائيلية ردود فعل عربية ودولية متباينة، ففي تركيا دعا الرئيس رجب طيب إردوغان المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف القيود الإسرائيلية على حرية العبادة في المسجد الأقصى، وأدان إصرار إسرائيل على مواصلة تلك الإجراءات، وقال إردوغان إنه “لا يمكن القبول بالخطوات الإسرائيلية المتعلقة بإغلاق المسجد الأقصى لثلاثة أيام متواصلة بذريعة حادثة مؤسفة لم نؤيدها وقعت في القدس الشرقية المحتلة... كما أنه لا يمكن القبول بوضع قيود جديدة على المسلمين في مداخل المسجد الأقصى، بما في ذلك بوابات الفحص الإلكترونية”.
وأضاف إردوغان أنّه “بصفتي الرئيس الدوري لقمة منظمة التعاون الإسلامي، أدين إصرار إسرائيل على مواقفها رغم كل التحذيرات، وعدم إقامة صلاة الجمعة أمس (أول من أمس) في الحرم الشريف، واستخدام قواتها العنف المفرط ضد إخواننا الذين تجمعوا لأداء الصلاة”، مؤكداً رفضه كل أشكال العنف، ومواصلة بلاده دعم مساعي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الثاني، ومؤسسة القدس الإسلامية في هذا الإطار
وبحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى في اتصالات هاتفية مع كل من نظرائه الباكستاني سرتاج عزيز، والأردني أيمن الصفدي، والأوزبكي عبد العزيز كميلوف. كما أجرى اتصالا هاتفيا الليلة قبل الماضية مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي لبحث آخر التطورات في مدينة القدس والمستجدات في المسجد الأقصى ، وفي الجزائر دانت السلطات أمس ما وصفته بــ”الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة” لقوات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى، داعية المجتمع الدولي لـ”التحرك الفوري والعاجل لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني”، إذ قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية عبد العزيز بن علي الشريف “إن الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة من عمليات قتل واعتقال ضد المصلين الفلسطينيين في محيط المسجد الأقصى المبارك، المرتكبة من قبل قوات الاحتلال في حق الفلسطينيين وحرمانهم من حرية ممارسة الشعائر الدينية، جرائم إرهابية شنعاء ندينها ونشجبها بأشد العبارات”.
وأدانت الجامعة العربية استخدام إسرائيل “للقوة المفرطة والرصاص الحي” ضد الفلسطينيين في صدامات أول من أمس في القدس الشرقية والضفة الغربية، فيما دعت مصر الدولة العبرية إلى “تغليب صوت العقل” بعد مقتل ثلاثة فلسطينيين، ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط “استخدام قوات الأمن الإسرائيلية للقوة المفرطة والرصاص الحي ضد الفلسطينيين العزل من أبناء مدينة القدس المحتلة، خاصة في المناطق المجاورة للمسجد الأقصى الشريف”، بحسب بيان للناطق باسمه محمود عفيفي، وأضاف أبو الغيط أن “التوتر الحالي يفتح الباب أمام المزيد من التصعيد في الموقف بشكل عام في ظل تزايد الغضب الفلسطيني والعربي والإسلامي جراء هذا العنف وإزاء الإجراءات التي بدأت السلطات الإسرائيلية”.