عُمان ـ فلسطين اليوم
تُعقد اليوم السبت في سلطنة عُمان محادثات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وإيران، بهدف استكشاف فرص لإطلاق مفاوضات جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تسارعاً في وتيرته، في ظل تهديدات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام القوة العسكرية في حال فشل المساعي الدبلوماسية.
وتتعامل طهران مع هذه المحادثات بحذر شديد، في ظل شكوكها بإمكانية التوصل إلى اتفاق حقيقي، خاصة مع التصريحات المتكررة من ترامب التي يلوّح فيها بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها النووي.
وعلى الرغم من حديث الجانبين عن وجود فرصة لتحقيق بعض التقدم، لا تزال الخلافات الجوهرية قائمة، بما في ذلك الخلاف على شكل المحادثات؛ فواشنطن تطالب بمحادثات مباشرة، بينما تصر طهران على أن تكون غير مباشرة.
وتأتي هذه المحادثات في وقت بالغ الحساسية في منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني منذ عام 2023 من توترات متصاعدة، شملت الحرب في غزة، والتوتر في لبنان، وتبادل الصواريخ بين إيران وإسرائيل، وهجمات الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الأحمر، بالإضافة إلى التطورات السياسية والعسكرية في سوريا.
ويحذر مراقبون من أن فشل هذه المحادثات قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع، خاصة مع تهديد إيران للدول المجاورة التي تستضيف قواعد أميركية بأنها ستتحمل "عواقب وخيمة" إذا شاركت في أي عمل عسكري ضدها.
ونقل مصدر إيراني لوكالة رويترز أن المرشد الأعلى علي خامنئي منح وزير الخارجية عباس عراقجي "السلطة الكاملة" لقيادة المحادثات، فيما يقود الوفد الأميركي مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وأوضح المصدر أن مدة المحادثات ستعتمد على مدى جدية الجانب الأميركي ونواياه الحقيقية، مؤكدًا أن المحادثات ستركز فقط على الملف النووي، مع رفض إيران التام التفاوض على قدراتها الدفاعية وبرنامجها الصاروخي.
وتؤكد إيران أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية ومدنية فقط، بينما تشكك الدول الغربية في ذلك، وتشير إلى أن مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران تجاوز الحدود المقبولة للأغراض المدنية، واقترب من النقاء المطلوب لإنتاج أسلحة نووية.
وكان ترامب قد انسحب من الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع القوى الكبرى خلال ولايته الأولى عام 2018، وأعاد فرض عقوبات مشددة على طهران، ضمن حملة "أقصى الضغوط". ومنذ ذلك الوقت، حقق البرنامج النووي الإيراني تقدماً ملحوظاً، شمل التخصيب بنسبة 60%، وهي قفزة تقنية نحو العتبة النووية.
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عبّر عن أمله بأن تؤدي هذه المحادثات إلى تهدئة التوترات، قائلاً: "كنا واضحين في أن إيران لن تحصل على سلاح نووي أبداً"، مضيفاً أن ذلك هو سبب الاجتماع المرتقب.
وردت طهران بالتأكيد على أنها تمنح واشنطن "فرصة حقيقية"، رغم "الضجيج السياسي" السائد حالياً في واشنطن.
وتنظر إسرائيل، الحليف القوي للولايات المتحدة، إلى البرنامج النووي الإيراني باعتباره تهديداً وجودياً، وأعلنت مراراً أنها قد تلجأ لعمل عسكري إذا فشلت المساعي الدبلوماسية في وقف طموحات إيران النووية.
وعلى الصعيد الإقليمي، تراجع نفوذ إيران في الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، خاصة بعد تعرض شركائها في ما يعرف بـ"محور المقاومة" إلى ضربات قوية منذ اندلاع الحرب في غزة، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر.
ويضم هذا المحور جماعات إقليمية حليفة لطهران، من بينها حركة حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، بالإضافة إلى فصائل شيعية مسلحة في العراق وسوريا.