المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل

نشرت صحيفة "النيويورك تايمز"، رد فعل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الآلاف من الألمان الذين كانوا موجودين في مؤتمر حاشد مؤخرًا، عقدته للترويج لحملتها الانتخابية المقبلة، والتي تتطلع أن تدخل من خلالها إلى دورة جديدة في السلطة.
 
وخلال ذلك المؤتمر الحاشد، بدأ العديد من المتظاهرين اليمينيين في الصراخ وإطلاق الصافرات للتشويش على كلمة المستشارة، إلا أنها علقت قائلة: إن "البعض يريدون الاستماع، لكن آخرين لا يقومون إلا بالصراخ فقط"، موضحة للمتظاهرين من حزب البديل الألماني المتطرف "هذا هو جوهر الفارق بيننا، البعض يريد أن ينجز الأمور، والبعض الآخر يصيح فقط".
 
في الوقت الذي تسعى فيه ميركل لولاية رابعة في الانتخابات التي سوف تجري في 24سبتمبر / أيلول الجاري، قامت المستشارة بتحدي قوي لليمين المتطرف بشكل عام، على الرغم من أنها قبل ستة أشهر تقريبًا، وبعد أكثر من 11 عامًا في السلطة، كانت في موقف ضعيف، ولم تكن سياسات الهجرة الخاصة بها تحظى بشعبية، وقد عزز ذلك الرأي المتطرف الذي أخذ في الرواج في جميع أنحاء أوروبا ضد سياسة اللاجئين.
 
وكانت ميركل نفسها تخشي أن تخوض ولاية أخرى من تلك الانتخابات، بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين غير راضين عنها، إلا أن كل ذلك كان جزء من الماضي، حيث حصل الاتحاد الديموقراطي المسيحي اليميني للمستشارة على ما يصل إلى 40 في المئة من الدعم، وهو ما يكفي لقيادة ائتلاف جديد، ما يجعل موقف ميركل آمن جدًا.
 
وتتواجد ميركل، البالغة من العمر 63 عامًا، الأحد، في مناقشتها الأولى ضد منافسها الرئيسي مارتن شولتز، من الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الذي كان يمثل تهديدًا لها، كما أنها شُوهدت وهي تخوض أمامه معركة حامية، حيث قامت خلال اللقاء بمناورة لتفريغ القضية التي أثارت الناخبين من قبل ضدها، وهي قرارها بفتح حدود ألمانية إلى ما يقرب من مليون طالب لجوء في عام 2015، فكان ذلك القرار بمثابة طوق نجاة لمنافسيها، إذ أنه هيئ تربة خصبة لمهاجمتها ومحاولة الوصول لمقاعد البرلمان، إلا أن الآية انعكست اليوم بعد قرارات ميركل الأخيرة في هذا الصدد.
 
وقال أوسكار نيدرماير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين: "منذ أن قامت ميركل بتحويل سياساتها وسمحت بعدد أقل من اللاجئين إلى ألمانيا، لم تعد هذه القضية تساعد البديل الألماني، لذا فهم يفعلون كل شيء لتدمير سمعتهم الخاصة الآن".

ومنذ بداية أزمة الهجرة، ذعر العديد من الألمان عند وصول مئات الآلاف من طالبي اللجوء، وقالت المستشارة بثقة: "نحن سوف نتعامل مع هذا الأمر"، وفي ربيع عام 2016، تفاوضت على اتفاق للاتحاد الأوروبي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تحكم على نحو فعال في تدفق اللاجئين، ولم يصل إلى ألمانيا سوى  280 ألف شخص في العام الماضي، مقارنة بـ 890 ألف شخص في عام 2015.
 
وواجهت تلك الصفقة انتقادات بسبب خيانة القيم الديمقراطية التي قالت ميركل إن ألمانيا عليها قبول اللاجئين بسببها، ولكنها تمكنت منذ ذلك الحين من القول بأن ألمانيا، استقبلت أكبر عدد من اللاجئين وأكثر من معظم البلدان الأوروبية.
 
ودافعت ميركل في مؤتمرها الصحافي الصيفي السنوي في برلين عن قرارها، ووصفته بأنه "هام وصحيح"، ووجهت اللوم إلى الشركاء الأوروبيين الذين قاوموا أو رفضوا اللجوء واللاجئين، وقد أتاحت عملية تخفيض تدفق القادمين الجدد لميركل تحويل التركيز إلى عمل إدماج طالبي اللجوء الموجودين في البلد.

وفي العامين الماضيين، استعادت السلطات قبضتها على مداخل البلاد، ومعظم اللاجئين بدأوا دروس اللغة الألمانية، على الرغم من أن 9 في المئة فقط من اللاجئين وجدوا وظائف، وفقًا لوكالة التوظيف الاتحادية، وحتى الاعتداءات الجنسية التي وقعت في كولونيا في ليلة رأس السنة الميلادية 2015، والتي ألقيت باللائمة على المهاجرين، بالإضافة إلى هجوم برلين العام الماضي، فضلًا عن سلسلة من الهجمات الأقل، لم تفعل شيئًا يذكر في موقف ميركل التي تقترب من الانتخابات.
 
وأوضحت ميركل البراغماتية الألمانية، أنه من الضروري أن يكون هناك بعض المجرمين وسط هذا العدد الكبير من اللاجئين، وفي النظام الألماني اللامركزي، تمكنت أيضًا من الإشارة إلى أوجه القصور الأمني على المستوى المحلي، وواصلت التعهد بمزيد من الأمن وتحسين التكنولوجيا والتغييرات القانونية إذا لزم الأمر لضمان السلامة.
 
من ناحية أخرى، كشفت مارسيل نومان، 21 عامًا، التي تعمل في مصنع للكيماويات في ساكسونيا، أنها ستصوت لصالح المستشارة، مضيفة "لقد أخرجتنا من الأزمة وحتى مع سياساتها المتعلقة باللاجئين، فقد بقيت صادقة تجاه رؤيتها".
 
وتركز منصة الهجرة في الحزب على إصلاح قوانين اللجوء في البلاد واستخدام الأموال التي تنفقها برلين حاليًا على تجهيز اللاجئين ودمجهم لإبقائهم في المخيمات أقرب إلى بلدانهم الأصلية.
 
وجدير بالذكر أنه في ثلاثة انتخابات إقليمية هذا العام كان حزب المستشارة على رأس القائمة، بما في ذلك في شمال الراين وستفاليا، التي يعتبرها الكثيرون أماكن للمعارضين.