رام الله ـ ناصر الأسعد
تظهر التحضيرات الجارية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، بعد مرور 22 عامًا على آخر دورة عقدها العام 1996، أن هناك سعيًا إلى تغيير واسع في الوجوه القيادية لمنظمة التحرير، ما يُتوقع أن يؤدي إلى تعزيز وتقوية النظام السياسي للسلطة الفلسطينية الذي توقف عن التجدد بعد توقف الانتخابات الدورية، وتجميد عمل المجلس التشريعي "البرلمان" إثر الانقسام في 2007.
وتبيّن الوثائق الجاري إعدادها للبحث والإقرار في دورة المجلس التي تبدأ أعمالها الإثنين المقبل وتنتهي مساء الخميس، أن عددًا من الشخصيات المؤسسة لقوى منظمة التحرير ستغادر مواقعها، وأن شخصيات أكثر شبابًا تستعد للحلول مكانها.
ومن أبرز الشخصيات المغادرة، كل من: فاروق القدومي الذي يعدّ من أبرز مؤسسي حركة "فتح"، وأحمد قريع الذي توصل إلى اتفاق أوسلو، وزهدي النشاشيبي المسؤول المالي الأول للمنظمة والسلطة في عهد الزعيم الراحل ياسر عرفات، وياسر عبد ربه أحد أبرز مؤسسي الجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" وأحد أقرب المقربين من ياسر عرفات ومن بعده الرئيس محمود عباس، والسياسي المستقل أحمد عبدالرحمن، والدكتور رياض الخضري مسؤول التربية والتعليم في المنظمة، وعبدالرحيم ملوح ممثل "الجبهة الشعبية" في المنظمة طيلة أكثر من ثلاثين عامًا، وعلي إسحق من مؤسسي "جبهة التحرير الفلسطينية"، وحنا عميرة ممثل حزب "الشعب"، وصالح رأفت ممثل حزب "فدا"... وغيرهم.
وقالت مصادر مقربة من الدكتورة حنان عشراوي، مسؤولة دائرة الثقافة والإعلام في "منظمة التحرير"، والناطقة باسم أول وفد تفاوضي فلسطيني عام 1991، أن الأخيرة أبلغت الرئيس عباس برغبتها في عدم الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية الجديدة. مضيفة أن عباس يضغط عليها للبقاء.
وأوضح مسؤولون في حركة "فتح" التي تقود منظمة التحرير، "أننا سنشهد للمرة الأولى منذ أعوام طويلة، لجنة تنفيذية كاملة الأعضاء"، مشيرين إلى أن عدد الحضور في اجتماعات اللجنة في الآونة الأخيرة كان نحو النصف، جراء وفاة عدد من الأعضاء وإصابة عدد آخر بأمراض الشيخوخة. ويبلغ متوسط أعمار أعضاء اللجنة الحالية أقل قليلًا من 70 عامًا.
وأبرز عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عباس زكي، أن "اجتماعات اللجنة التنفيذية كانت مهددة بفقدان النصاب في حال تغيّب عضو واحد عن الاجتماعات جراء السفر". وأضاف "وصلنا إلى نقطة كان علينا فيها أن نعقد المجلس الوطني، ونختار لجنة تنفيذية جديدة، وإلا فإن اجتماعات اللجنة ستفقد قانونيتها جراء عدم اكتمال النصاب القانوني".
لكن تغيير الوجوه القديمة بوجوه أكثر شبابًا لا يترافق مع تغيير جوهري في المواقف والسياسات، وذكرت مصادر في لجان الصياغة، إن المسودات الجارية صياغتها لبرنامج المنظمة ووثائقها، تشير إلى أنها ستحافظ على خطها السياسي القائم على السعي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 67، وعاصمتها القدس.
وتتجه المنظمة إلى إقرار حقها في الكفاح الوطني بكل أشكاله المقرة في القانون الدولي، مع تركيز خاص على المقاومة الشعبية السلمية والمفاوضات، في حال توفر الظروف الملائمة للتفاوض، ويرى المراقبون أن المجلس الوطني الذي يشكل برلمان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، سيعزز من شرعية النظام السياسي للسلطة الفلسطينية، في ظل غياب الانتخابات المتوقفة منذ العام 2006 جراء الانقسام. لكن تعزيز السلطة يتوقع أن يؤدي إلى أضعاف دور المنظمة.
وتبدو منظمة التحرير الجديدة أقل تنوعًا وتعددًا وأكثر مركزية في يد رئيس السلطة المنتخب محمود عباس، إذ غابت عن الدورة الجديدة "الجبهة الشعبية" التي تعد الفصيل الثاني في المنظمة، ومعها عدد من الفصائل والمجموعات السياسية، كما غابت حركة "حماس" التي يعد أعضاؤها في المجلس التشريعي، وعددهم 74، أعضاء طبيعيين.