حركة "حماس"


أظهرت "مسيرات العودة" في غزة أن حركة "حماس" تضع ثقلها، للمرة الأولى، في المقاومة الشعبية التي ترى فيها رديفًا، وربما بديلًا من العمل المسلح، في خطوة تضع الحركة على خطى حركة "فتح"، وفيما أكد أحد قادة "حماس" أن المسيرات بيّنت أهمية سلاح المقاومة الشعبية، كشف مسؤول في الحركة، أن القيادة السياسية والعسكرية اتخذت قرارًا بعد حرب عام 2014 بعدم خوض مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل.

وقال القيادي في "حماس" في غزة غازي حمد، إن "مسيرات العودة" الشعبية السلمية كانت ذات تأثير كبير، وحققت رزمة أهداف لقطاع غزة وللحركة دفعة واحدة، إذ "حققت تلاحمًا وطنيًا بين كل أهل القطاع وقواه السياسية، ووضعته على الطاولة مجددًا، ووجهت رسائل إلى من يحاصرون قطاع غزة بأن حساباتهم خاطئة، وأن القطاع لن يثور في وجه الحركة ولن يركع"، وأضاف "حماس لن تتخلى عن السلاح وعن خيار المقاومة، لكن هذه التجربة بيّنت أهمية سلاح المقاومة الشعبية وفاعليته".

وأكد مسؤولون في "حماس" أنهم سيمضون في المقاومة الشعبية إلى آخر مدى من دون اللجوء إلى السلاح. وقال أحدهم "المقاومة الشعبية هي معركة الشعب، كل الشعب، أما المواجهة المسلحة فهي معركة النخب العسكرية، ونحن نريد أن نخوض معركة الشعب".

وفي إشارة إلى انتقال هذا الخطاب إلى المنابر الدينية، خاطب إمام المصلين في معسكر العودة شرق مدينة غزة، في ختام صلاة الجمعة، قائلًا، قبل أن ينطلقوا إلى المسيرة الشعبية نحو الحدود "أوصيكم بالمحافظة على سلمية المسيرة. سلمية المسيرة والاحتجاج لا تعني التنازل عن المقاومة، لكن هذا ما تتطلبه هذه المرحلة، وهذا ما اتفقت عليه أطياف العمل السياسي الفلسطيني"، مضيفًا "لا تقتربوا من السياج الحدودي، أوصيكم بأن تحافظوا على أرواحكم، فالروح والجسد أمانة، وسيسألنا الله عنهما يوم القيامة".

ويشدد المسؤولون في "حماس" على أنهم لن ينجرّوا إلى مواجهة مسلحة تحاول إسرائيل استدراجهم إليها. وكانت الحركة وزعت صور أربعة جنود قناصة إسرائيليين وهم في مرمى نيرانها، وقال مسؤولوها إنه كان بإمكان قناصة "حماس" قتل هؤلاء الجنود، لكنها فضلت عدم القيام بذلك تجنبًا لحرب في غزة، وأضاف أحد المسؤولين "الهدف من المسيرات الشعبية هو إظهار حجم المآساة الناجمة عن الحصار، وثانيًا إظهار قوة الشعب في مواجهة الاحتلال، وثالثًا إسماع العالم صوت الشعب، بما فيه من أطفال ونساء وشيوخ وشباب. ففي حال وقوع مواجهة مسلحة، فإن الشعب يُحيَّد، والعالم لا يسمع صوته".

وكشف مسؤول في "حماس"، أن القيادة السياسية والعسكرية في الحركة اتخذت قرارًا بعد حرب عام 2014، بعدم الدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل، لأن الأخيرة تحظى بحصانة أميركية، وتاليًا دولية، وثانيًا لأنها دولة مارقة تمعن في استهداف المدنيين من دون قلق من المساءلة الدولية، وثالثًا لأن غزة لا تملك أسلحة مضادة للطائرات التي تتحرك بحرية كبيرة في سماء القطاع وتدمر ما شاءت من الأهداف"، وأضاف "طبعًا، لم نتوقف عن تطوير أسلحة الردع، لكننا لن نخوض حربًا مفتوحة قبل أن نمتلك هذا السلاح، إلا إذا أُجبرنا على ذلك". وتابع "صحيح أن لدينا صواريخ، وهي تزداد دقة كل يوم، لكنها لم تشكل رادعًا كافيًا حتى الآن".

ونجحت إسرائيل في الأعوام الأخيرة في تطوير استخدام "الروبوت" في المعركة. ووفق مسؤولين في "حماس"، فإن الحركة تدرك أن هذه "الروبوتات" ستستخدم في الحرب المقبلة بدلًا من الجنود في أرض المعركة، وكانت "حماس" أقرت العام الماضي برنامجًا سياسيًا "الوثيقة السياسية"، هو الأول منذ تأسيسها عام 1987، أشار إلى التوقف عن اعتبار السلاح الأسلوب الوحيد للتحرير، وفتح الباب أمام أساليب أخرى، خصوصًا المقاومة الشعبية السلمية.

وصرح مسؤول في الحركة "نصَ الميثاق القديم للحركة على أن تحرير فلسطين يجري بواسطة السلاح، لكن اليوم هناك إجماع بين القوى السياسية على تبني المقاومة الشعبية". وأضاف "يجب أن نبقي الطريق مفتوحة أمام الوسائل الأخرى، بما فيها المقاومة الشعبية، والمفاوضات، في حال كانت الظروف وموازين القوى ملائمة لتحقيق أهدافنا".