الرئيس عبدالقادر بن صالح

خرج آلاف الجزائريين إلى الشارع في الجمعة العشرين للمظاهرات المعارضة للسلطة القائمة، برغم الانتشار الكثيف للشرطة في هذا اليوم، الذي كان في غاية الأهمية بالنسبة إلى الطرفين لأنّه يأتي بعد يومين فقط من الاقتراح، الذي تقدّم به الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح لإخراج البلاد من أزمتها، ويتزامن أيضا مع ذكرى استقلال البلاد.

وقال صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية إنّ المتظاهرين أجبروا طوقاً من عناصر الشرطة على التراجع، بعدما كانوا يقفون على بعد أمتار من الساحة الرمزية للحركة الاحتجاجية أمام مبنى البريد المركزي في العاصمة الجزائر.

أقرأ ايضــــــــاً :

الرئيس الجزائري يُؤكِّد أنّ تهديدات خارجية غاية في التعقيد تتربَّص بالبلاد

وأشار شهود إلى توقيف نحو عشرة من المتظاهرين، الذين هتفوا بصوت واحد «ارحلوا، أفرجوا عن الجزائر»، رافعين أعلام البلاد، وهم ينشدون النشيد الوطني إحياءً لذكرى شهداء حرب الاستقلال، لمناسبة الذكرى الـ57 لاستقلال الجزائر.

كان عبدالقادر بن صالح دعا مساء الأربعاء إلى حوار «تقوده شخصيات وطنية مستقلة»، لا تشارك فيه السلطة أو الجيش، وذلك بهدف تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال.

لكن المتظاهرين رفضوا مجددا، أمس، خريطة الطريق الجديدة، مرددين شعارات «إما أنتم أو نحن... لن نتوقف»، و«لا انتخابات يا عصابة».

وفي هذا السياق علّقت المتظاهرة ليندا حمروش (28 عاماً) بالقول «إنهم يحاولون إعادة صياغة المقترحات نفسها. هدفهم الوحيد الحفاظ على نظامهم. وبالتالي لا حوار في هذه الظروف».
كانت الانتخابات الرئاسية مقررة مبدئياً في الرابع من يوليو (تموز) الجاري، لكنها ألغيت بسبب عدم وجود مرشحين. وبينما تنتهي مهلة التسعين يوماً، التي حددها الدستور للفترة الانتقالية خلال أيام، أكد بن صالح أنه سيبقى في منصبه حتى انتخاب رئيس جديد.

وقال الموقع الإلكتروني «كل شيء عن الجزائر» إنّ الدعوة الجديدة، التي أطلقها بن صالح، يمكن أن تواجه بالرفض «إذا لم تسارع السلطات إلى إعلان إجراءات ملموسة للتهدئة». وفي غضون ذلك تنتظر أحزاب المعارضة والمجتمع المدني والمراقبون كيف سيستقبل الشارع هذا الاقتراح، وكيف سيُجسد عملياً لأنه لم يطرح أي اسم للحوار حتى الآن.
يقول علي (47 عاما)، الذي يعمل في مصرف لوكالة الصحافة الفرنسية «سأخرج الجمعة كما أفعل منذ أربعة أشهر حتى انتخاب رئيس شرعي.

لقد حققنا هدفا كبيراً: بن صالح لن يقود الحوار... لقد خرج... وإن بقي في المنصب»، وفي ظل هذه الأجواء، شكّلت مظاهرات أمس اختباراً لحركة الاحتجاج أيضاً، وذلك بعد دعوتها إلى مظاهرات «حاشدة»، أطلقها المحامي الشهير والمدافع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، والدبلوماسي والوزير السابق عبد العزيز رحابي وشخصيات أخرى. وستعقد أحزاب سياسية وممثلون عن المجتمع المدني اليوم (السبت) اجتماعاً بعنوان «منتدى الحوار الوطني»، فيما قال رحابي لوكالة الأنباء الجزائرية إنه يهدف إلى «وضع آليات للخروج من الأزمة، والذهاب في مهل معقولة باتجاه تنظيم» انتخابات رئاسية ديمقراطية.

وبينما رحب الرئيس الانتقالي بالطابع السلمي للحركة الاحتجاجية، فإنّ عمليات توقيف المتظاهرين، والتحذيرات التي يطلقها رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح تضاعفت في الفترات الأخيرة، وهو ما يجعل المحتجين وبعض المراقبين يرون أنّ الرئيس المؤقت ليس هو صاحب السلطة الفعلي في البلاد، بل هي بيد الفريق قايد صالح الذي رفض مطالب الحركة الاحتجاجية.

ودعت أمس منظمة العفو الدولية السلطات إلى الإفراج «فوراً وبلا شروط» عن المتظاهرين المعتقلين، وإلى «احترام حقوق حرية التعبير والتجمهر والتجمع السلمي خلال التجمعات»، وفي إطار حملة محاربة الفساد التي يقوم بها قائد الجيش، وُضع مدير الشرطة السابق اللواء عبد الغني هامل، الذي أُقيل في يونيو (حزيران) 2018. الحبس الاحتياطي ليلة أول من أمس، بعد أن وجّهت إليه تُهمتا «نهب العقار والإثراء غير المشروع»، حسب ما أعلن التلفزيون الوطني.

وصدر أمر توقيف اللواء المتقاعد بعد أن استمع إليه قاضي التحقيق في محكمة سيدي محمد وسط العاصمة الجزائرية، بحسب المصدر نفسه.

كما أوقف أيضاً خلال الليل اثنان من أبنائه، وُجهت إليهما التهم نفسها، في حين وضعت زوجته المتورطة في القضايا نفسها، تحت إشراف القضاء.

وفي المجمل، يُفترض أن يستمع قاضي التحقيق إلى 19 شخصاً في إطار هذا الملف، بينهم محافظون سابقون وسماسرة عقاريون، وفق وكالة الأنباء الجزائرية.

وفاجأ الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الجميع عندما أقال مدير الشرطة، الذي كان يعتبره محللون ووسائل إعلام جزائرية خلفاً محتملاً للرئيس، بسبب قربه الكبير منه، وذلك على خلفية فضيحة متعلقة بتجارة كوكايين. وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، استمع قاضي التحقيق في محكمة تيبازة (70 كلم غرب العاصمة) إلى هامل وأحد أبنائه في إطار «استغلال نفوذ»، وغادر الرجلان المحكمة آنذاك حرّين.

ومنذ استقالة بوتفليقة فتح القضاء سلسلة تحقيقات في قضايا فساد وعمليات نقل أموال غير مشروعة، تستهدف رجال أعمال نافذين مقربين من الرئيس السابق ومسؤولين كبار في الدولة.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

الجيش الجزائري يُشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت

الجنرال نزار يكشف تفاصيل ما دار بينه وبين شقيق الرئيس السابق قبيل إطاحته