لندن كاتيا حداد
سيطر الجيش العراقي على مدينة نمرود، في إطار عملية تحرير الموصل، من قبضة تنظيم "داعش" المتطرف، الذي أخضع المدينة تحت حكمه منذ آب/أغسطس 2014. وتحولت نمرود إلى أنقاض وخراب، بعد أن كانت يومًا العاصمة، وعلامة فارقة في تاريخ العراق.
وكشفت العديد من الصور الأضرار الكبيرة، التي شهدتها المدينة على يد التنظيم المتطرف، والذي حول أثارها الرائعة إلى أنقاض، وتحطمت التماثيل، وتدمر القصر التاريخي في المدينة، بينما زقورا، والتي كانت أحد أعلى الهياكل الباقية من العالم القديم بارتفاع يصل إلى حوالي 50 مترًا، تحولت إلى حطام.
وتمكنت القوات العراقية من استعادة المدينة من جديد، الأحد الماضي، كجزء من عملية عسكرية شاملة تهدف إلى تحرير الموصل من قبضة "داعش"، ونشرت الميليشيات المتطرفة لقطات فيديو مصورة للمقاتلين أثناء قيامهم بعمليات تدمير للمعالم الأثرية في المدينة، والتي تأسست في القرن الـ 13، لتكون عاصمة للإمبراطورية الأشورية، وزرعوا المتفجرات في كل أنحاء المواقع الأثرية لتفجيرها.
وظهرت الميليشيات المتطرفة حاملين مطارق ثقيلة وأدوات كهربائية، لاستخدامها في تدمير المواقع الأثرية، وذلك قبل ملئها بالبراميل الكبيرة، والتي من المرجح أنها كانت تحمل موادًا متفجرة، لتفجير المناطق الأثرية. وأوضحت الميليشيات المتطرفة أنها هاجمت المواقع الأثرية في مدينة نمرود والحضر العراقيتين، وكذلك تدمر السورية، لتدمير الأثار التي ينظر لها التنظيم المتطرف باعتبارها أصنامًا، إلا أنه في الوقت نفسه كان الإتجار بالقطع الأثرية أحد أهم مصادر تمويل التنظيم المتطرف.
وأدانت منظمة "اليونيسكو" تدمير مدينة نمرود، واعتبرت أن الاعتداء على المواقع الأثرية الهامة في المدينة، يأتي في إطار جرائم الحرب. وأكد قائد أحد الميليشيات علي البياتي، أن الذين سبق لهم زيارة المدينة قبل سيطرة الميليشيات المتطرفة عليها، ربما يشعر بالفارق الكبير الذي شهدته تلك المدينة التاريخية الهامة، وأضاف "الآن أصبح لا يوجد بها شيئًا".
وتابع البياتي، والذي تقع قريته على بعد خمسمائة متر فقط من بلدة نمرود، "أن البلدة تدمرت بنسبة تصل إلى 100%، وخسارة نمرود بالنسبة لي أكثر إيلامًا من خسارة منزلي، والتنظيم المتطرف أراد أن يقدم صورة مختلفة للعراق، حيث أرادوا تدميرها، من أجل القضاء على العراق القديم بجانب العراق الجديد أيضًا، ومعظم القطع الأثرية، التي لا تقدر بثمن، انتقلت منذ فترة طويلة إلى متاحف أخرى سواء في الموصل أو باريس أو لندن، إلا أن التماثيل الأخرى العملاقة للثيران المجنحة ذات الرؤوس البشرية، تدمرت أجزاء كبيرة منها، حيث تحتاج إلى تقييم كامل من قبّل الخبراء، لمعرفة مدى الضرّر التي قد يلحق بها".
ومازال الموقع بحاجة إلى عدة تحقيقات لمعرفة مقدار الأخطار التي قد يكون تركها التنظيم وراءه، وأنه من المتوقع أن يكون التنظيم فخخ العديد من المناطق داخل المدينة، ومنها المناطق الأثرية، وهو الأمر الذي يسعى الجيش العراقي إلى تحقيقه في المرحلة الراهنة.