السلع الصينية

وجدت بعض الاقتصادات الأسرع نموا في العالم خلال الأشهر الستة الماضية، نفسها مستوية على الأرض وتلهث من أجل التنفس، وفي إحدى الحالات تطلب المساعدة من مركز الإنقاذ المالي العالمي المعروف باسم صندوق النقد الدولي، وتعد عملية إنقاذ الأرجنتين التي تبلغ تكلفتها 50 مليار دولار من جانب شركة الملاذ الأخير التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، الحدث الأكثر تطرفا حتى الآن، لكنها تقف إلى جانب الانهيار الدراماتيكي للليرة التركية، والركود في جنوب أفريقيا والتنبؤات الاقتصادية المريعة للفلبين وإندونيسيا والمكسيك.

وتستعدّ الولايات المتحدة لفرض رسوم تصل إلى 25٪ على ما يصل إلى 200 مليار دولار من السلع الصينية، وإذا مضت الولايات المتحدة قدما، تهدد بكين بالرد، الأمر الذي من شأنه فقط أن يبخر الرئيس دونالد ترامب، وقد ينتهي هذا التنافر فقط عندما يتم تطبيق التعريفات على كامل 500 مليار دولار من البضائع الصينية المستوردة من أميركا كل عام.

ويقول لوكمان أوتونجا، محلل الأبحاث في شركة FXTM لتداول العملات، إن الإحساس بالعذاب مستمر في الأسواق المالية، إذ إن وجود المخاوف من عدوى "ثقة السوق الناشئة الوحشية" في ثقة المستثمرين، ويضيف "يبدو أن المزيد من الألم سيكون في المستقبل بالنسبة إلى الأسواق الناشئة إذ إن تضافر التوترات التجارية العالمية، وآفاق ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، وعدم اليقين الكلي للسوق يطارد جذب المستثمرين".

وأظهر استطلاع ISM الذي تمت مراقبته عن كثب في قطاع التصنيع في الولايات المتحدة أن هذا القطاع كان على بعد بضع نقاط فقط من الوصول إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، والذي تم تسجيله في عام 1983، وهذا يضع إنتاج المصنع عند نقطة الانفجار، إذ تعمل شركات السيارات وصناعة الطيران على مدار الساعة لإرضاء الطلب في الداخل والخارج، وفي الربع الثاني من العام، كان معدل النمو السنوي للاقتصاد الأميركي يبلغ 4.1٪، وهو أعلى بكثير من معدل النمو في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو، حيث يتوسع بمعدل 1.5٪ مقارنة بالفترة نفسها.

ويقتنع المحللون بأن هذه الأرقام، مقترنة بانخفاض معدلات البطالة، وستقنع البنك المركزي الأميركي، الاحتياطي الفيدرالي بالاستمرار في رفع أسعار الفائدة هذا العام حتى عام 2019، إذ قال ذلك رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول الشهر الماضي في خطاب له أمام نظرائه الدوليين، في اجتماع البنوك المركزية السنوي لجاكسون هول في وايومنغ، ومما يثير الانزعاج، أنه أشاد بالألان جرينسبان، الذي أدار بنك الاحتياطي الفيدرالي في التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن الحالي، بسبب إنفاق الجزء الأخير من فترة رئاسته لمعدلات متزايدة، لقد كان تشبيها مؤسفا، بالنظر إلى أن غرينسبان أصبح معروفا الآن بإبقاء معدلات الفائدة منخفضة جدا مما سمح أولا بفقدان الدوت كوم، ثم ازدهار الإقراض المصرفي، الأمر الذي أدى إلى رفع معدلات الفائدة فقط في وقت متأخر جدا، لكن المستثمرين لم يحتاجوا إلى خطاب باول لقراءة الإشارات، فهم يدركون أن اتجاهين كارثيين محتملين للأسواق الناشئة يتحركان بفعل ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية.

أولا: تبدأ مليارات الدولارات المستثمرة في الأسهم والسندات في الأسواق الناشئة بالعودة إلى الولايات المتحدة، إذ يمكنها مرة أخرى أن تكسب عوائد جيدة في حسابات الودائع دون التعرض لأي مخاطر، لمنع بعض هذه الأموال التي تغادر شواطئها، يجب على اقتصادات الأسواق الناشئة أن تضع أسعار الفائدة الخاصة بها، هذا يحل مشكلة واحدة فقط لخلق مشكلة أخرى وهي أن الاقتراض بالعملة المحلية يصبح أكثر تكلفة بالنسبة إلى الشركات المحلية والأسر.

وثانيا: فإن تكلفة الاقتراض بالدولارات ترتفع، مما يلحق الضرر بكل تلك الشركات في الأسواق الناشئة والحكومات التي اقترضت من البنوك الأميركية بالدولار خلال العقد الماضي للمساعدة في تمويل توسعها.

ارتفع معدل الأموال الفيدرالية في الولايات المتحدة من 0.25٪ في عام 2014 إلى 2٪ اليوم، ومن المتوقع أن يكون معدل 3٪ في نهاية العام المقبل.

وتعدّ الشركات التركية من بين الشركات التي حصلت على قروض رخيصة قبل عام 2014 للاستثمار في المصانع الجديدة، وهذا يعني أن لديها قروضا هائلة بالدولار، والآن بعد أن يتعين عليهم إعادة تمويل هذه الديون، فإنهم يواجهون أسعار فائدة مروعة، وعلاوة على ذلك، لمنع إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تؤثر على الاقتصاد المحلي، عين رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، زوج شقيقته المسؤول عن وزارة المال ويسعى إلى السيطرة على البنك المركزي، مما يمنعه من رفع أسعار الفائدة ومع ذلك، فإن تدخلات أردوغان جعلت الوضع أسوأ فقط، بلغ التضخم نحو 18٪ وما زال يرتفع، إن التجميد الفعال لأسعار الفائدة يسلب حالة أداة رئيسية في تهدئة التضخم، كما يشجع المزيد من الأموال لمغادرة بنوك إسطنبول إلى نيويورك.