القدس المحتلة_ ناصر الأسعد
صعَّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من جاهزيته القتالية على حدود قطاع غزة، بعد تقديرات مشتركة لقادة الجيش وقادة جهاز "الشاباك"، بأن تصعيدا قريبا سيحدث في القطاع. وأفادت معلومات أمنية بأن جيش الاحتلال عزز مستوى جاهزيته بشكل ملموس، وقام بتدريبات مفاجئة في فترات متقاربة، استعدادا لحرب محتملة يمكن أن تسعى لها حركة "حماس" ، حسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنه خلال النقاشات الداخلية التي يجريها الجيش الإسرائيلي و"الشاباك"، تتشكل قناعة بإمكانية حدوث تصعيد في القطاع. ويدعم هذه القناعات كثير من التقارير الاستخباراتية التي تستند إلى واقع الوضع الإنساني المتردي في القطاع، الذي يرافقه واقع اقتصادي أصعب. ويترافق هذا كله مع مشكلات عميقة في البنى التحتية تمس بأهم احتياجات السكان، مثل الماء والكهرباء، ناهيك بالضغط السياسي والمالي الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على حماس، ويعتقد أنه يزيد من تأزم الوضع. يضاف إلى ذلك، الأزمة التي تعيشها دولة قطر، البلد المضيف لقيادات حماس والداعم لها، ويواجه مقاطعة عربية وضغوطا دولية؛ أحد أهم أسبابها دعم كيانات مثل حماس.
ونتيجة لذلك، يسود الاعتقاد بأن حماس ستعمل على شن حرب جديدة في القطاع، من أجل التخلص من جميع الضغوط واستعادة التعاطف والدعم السياسي والمالي.
وتريد حماس تعزيز مكانتها من جديد في العالم العربي، بعد أن بدأ العديد من الدول يشير إليها على أنها كيان "إرهابي". وتعتقد الحركة، بحسب مسؤولين في "الشاباك"، أن الصور التي ستخرج من غزة ستساعدها على تعزيز مكانتها مرة ثانية، وقد تعيدها إلى قلب الإجماع العربي، بعدما تعود إلى صدارة العناوين في وسائل الإعلام. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حماس قد تستغل المشروع الإسرائيلي العائق الذي ستبدأ تل أبيب في إقامته على حدود غزة خلال أسابيع قليلة، ويتضمن إنشاء جدار عميق في جوف الأرض، من شأنه أن يقضي على مشروع الأنفاق التي حفرها الجناح العسكري للحركة، فتحاول التشويش على بناء الجدار وصولا إلى تصعيد شامل.
وتقول "يديعوت أحرونوت" إن محفزات التصعيد عالية جدا، ويمكن التكهن بأنه في الفرصة الأولى ستسمح حماس للتنظيمات بإطلاق الصواريخ من غزة، على مشروع الجدار بهدف تشويش العمل فيه. وقال مسؤول أمني إسرائيلي: "حماس لن تتخلى عن أي وسيلة من أجل الحفاظ على منجزاتها". وحسب مصادر أخرى، فقد حذرت إسرائيل سلفا، وأرسلت رسائل لحماس، مفادها بأنها لن تسمح بوقف المشروع حتى لو كان الثمن تصعيدا جديدا.
ويرى معظم المحلّلين السياسيين والعسكريين في إسرائيل، أن الحرب مقبلة، خصوصا أن من يدير القطاع اليوم هو يحيى السنوار، وهو معروف في إسرائيل على أنه متشدد وصاحب آراء متطرفة وعنيفة، ويسعى إلى ترك بصمة واضحة. لكن وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أكد من جانبه، أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد، ومع ذلك، قال محذرا: "أي حرب جديدة ستعني تدمير كل البنية العسكرية لحماس". وأضاف: "الجيش الإسرائيلي لا يخطط لاجتياح قطاع غزة في حال اندلاع حرب أخرى مع حركة حماس، لكن إذا اضطرت إسرائيل لدخول حرب أخرى مع المنظمة الفلسطينية الإسلامية المسيطرة على غزة، فستكون هذه حرب حماس الأخيرة". وقال أيضا: "سندخل وندمر بناهم التحتية الإرهابية ثم سنخرج». ويأمل ليبرمان في عدم خوض حرب جديدة، مفاخرا بعام من السكون والهدوء فيما يتعلق بالأمن. كان الأكثر هدوءا منذ 1967".
وفي غزة، لا تكشف حماس عن خططها الجديدة. ويقول مراقبون إن الحركة لا تفضل الذهاب إلى مواجهة في ظل الوضع المتردي للسكان هناك، لكنها قد تضطر إلى ذلك إذا زادت الضغوط عليها عربيا وإسرائيليا وفلسطينيا أيضا. ولذلك يوصي قادة الأمن الإسرائيلي بالمقابل، بتخفيف الضغط عن "طنجرة الضغط" في إشارة إلى القطاع.