موسكو ـ ريتا مهنا
أطلقت موسكو، الخميس، مناورات صاروخية في منطقة شرق المتوسط بعد مرور أيام قليلة على حادث إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في هذه المنطقة. وكان على الرغم من أن وزارة الدفاع الروسية لم تربط بين الأمرين لكن معطيات العسكريين الروس أفادت بأن روسيا توجّه رسالة قوية بهذه المناورات إلى الأطراف الإقليمية وبينها إسرائيل.
وكان الجيش الروسي أنهى قبل أقل من أسبوعين مناورات واسعة في المنطقة ذاتها، ما لفت الأنظار إلى طبيعة التدريبات الحالية، بخاصة لجهة توقيتها مباشرة بعد إسقاط الطائرة الثلاثاء .
ولم توضح الوزارة تفاصيل عن طبيعة المناورات الجديدة وحجمها، لكن وسائل إعلام روسية أفادت بأن القوات الروسية "أغلقت مناطق بحرية واسعة في شرق البحر الأبيض المتوسط، للقيام بمناورات تدريبية يتخللها إطلاق صواريخ من سفن وقطع بحرية روسية تشارك في هذه المناورات".
وأوضحت أنه "تم إغلاق عدد من المناطق في المياه الدولية في شرق البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من سورية ولبنان وقبرص"، مشيرة أن التدريبات التي تقوم بها سفن البحرية الروسية تتضمن "اختبارات إطلاق صواريخ".
ووجهت البحرية الروسية بلاغًا وفقًا للقواعد الدولية المعمول بها، تضمن إشعارًا إلى حركة الطيران الدولية وكذلك حركة الملاحة البحرية وتحذيرًا لطواقم البحارة والطواقم الجوية، واشتمل على إحداثيات المناطق المغلقة التي يحظر عليهم دخولها أو الاقتراب منها.
وأوضح البلاغ العسكري الروسي أن المناطق المعلنة ستكون مغلقة أمام رحلات الطائرات المدنية ومرور السفن البحرية حتى 26 سبتمبر /أيلول الجاري، بسبب قيام سفن البحرية الروسية بمناورات وتدريبات في هذه المنطقة.
ورجّحت أوساط إعلامية روسية أن يكون الهدف المباشر للإغلاق تسهيل عمليات البحث الجارية عن حطام الطائرة "إيليوشين 20" وانتشال جثث 15 عسكريًا كانوا على متنها, لكن معلقين عسكريين لفتوا أن التطور يحمل رسالة روسية إلى الأطراف الإقليمية وبينها إسرائيل بأن موسكو تتعامل بجدية مع حوادث مشابهة لتلك التي أسفرت عن إسقاط طائرتها.
و تواصلت تعليقات المستوى الرسمي الروسي على مسألة "الخطأ الإسرائيلي" الذي أسفر عن إسقاط الطائرة الروسية، وإن كانت اللهجة الروسية مالت إلى الهدوء مع فتح قنوات الاتصال بين المؤسستين العسكريتين الروسية والإسرائيلية لتوضيح ملابسات الموقف.
ولفتت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في إيجاز صحافي أسبوعي أمس، إلى أن تصرف الطيارين الإسرائيليين خلال حادث إسقاط الطائرة الروسية "إيليوشين - 20" كان "غير مهني على الأقل"، مشيرة أن الواقعة تتطلب "توضيحات إضافية من إسرائيل".
وأوضحت الدبلوماسية الروسية أن موسكو ستعلن قريبًا عن تفاصيل إضافية تتعلق بهذا الحادث ,بخاصة تلقي الضوء على "دور الطيارين الإسرائيليين في تحطم الطائرة عند الساحل السوري"، موضحة أنه "من المتوقع أن تتوافر في المستقبل القريب معلومات جديدة سيتم نشرها وستعطي الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالمأساة ومدى تورط الطيارين العسكريين الإسرائيليين فيها".
تزامن ذلك مع إعلان موسكو , عن وصول قائد سلاح الجو اللواء الإسرائيلي عميكام نوركين إلى روسيا على رأس وفد من الجيش الإسرائيلي لبحث الموضوع مع القيادة العسكرية الروسية وتسليمها إحداثيات ومعطيات تحرك الطائرات الإسرائيلية التي كانت تشن هجمات على مواقع في اللاذقية عند إصابة الطائرة الروسية بصاروخ أطلقته الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ.
وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو , في مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس فلاديمير بوتين بإرسال قائد سلاح الجو إلى موسكو لتوضيح ملابسات الحادثة وإطلاع الروس على الأهداف التي قصفتها إسرائيل في سورية.
ونقلت وسائل إعلام روسية ,الخميس, عن مصادر إسرائيلية أن الوفد الإسرائيلي سينقل إلى موسكو أيضًا معطيات عن استمرار المحاولات الإيرانية لنقل أسلحة استراتيجية لـ"حزب الله"، وتموضعها العسكري في سوريا.
وأكّدت زاخاروفا توافر معطيات لدى موسكو ,أن "جبهة النصرة" نقلت أسلحة كيماوية بما فيها غاز السارين إلى تشكيلات مسلحة في سورية.
وردت وزارة الدفاع الروسية بقوة على انتقادات وجهتها وسائل إعلام بسبب ما وصف بأنه إهمال الوزارة تسليم الجانب السوري أنظمة تقنية خاصة لتمييز "الصديق والعدو" في حالات إطلاق نيران الدفاعات الأرضية على الطائرات المغيرة. وشدد بيان أصدره ناطق عسكري روسي على أن "كل التصريحات بشأن أن إسقاط طائرة إيليوشين – 20,كان نتيجة خطأ في عمل نظام صديق – عدو ,للتعرف على هوية الطائرات، ليست إلا (تخيلات هواة)".
وأوضح المتحدث باسم الوزارة، اللواء إيغور كوناشينكوف، أن "نظام صديق - عدو هو نظام خاص لكل دولة بمفردها، ونحن لا نجهز به أبدا نماذج الطائرات والمعدات العسكرية المصدّرة من روسيا في إطار التعاون العسكري الفني. وينطبق هذا تمامًا على أنظمة الدفاع الجوي الموردة إلى سورية". وأضاف: "إن نظام "صديق – عدو" المستخدم في روسيا يوحد الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي الروسية فقط, ولم يكن هناك أي سابقة لنقل مثل هذا النظام مع رموز التعرّف الروسية لدولة أخرى، وهذا غير ممكن فنيًا وعسكريًا".