كورونا

أكّد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، أن السلطة الفلسطينية تحتاج إلى 137 مليون دولار، لمواجهة وباء كورونا، ويشمل ذلك توفير الأدوية والمعدات وتجهيز القطاع الصحي لمواجهة الوباء في الضفة وغزة والقدس.

وأضاف، في لقاء مع سفراء وقناصل وممثلي مختلف دول العالم لدى فلسطين، أن حكومته أقرّت موازنة طوارئ تقوم على خفض نفقاتها إلى أقصى حد، مع الحفاظ على مساعدة الأسر المحتاجة، ودعم القطاع الصحي وتوفير الرواتب واحتياجات الأمن.

واضطرت الحكومة الفلسطينية إلى تغيير أولوياتها في الصرف المالي هذه الفترة؛ حيث كان توفير الرواتب هو الأهم، قبل أن يصبح في ذيل القائمة. وجاء ذلك ضمن موازنة الطوارئ التي أمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمباشرة العمل بها، وفق أحكام قانونها الصادر نهاية الشهر الماضي. وتستبق السلطة كما يبدو أزمة مالية حادة مرتقبة قد لا تمكنها من الوفاء بالتزاماتها المالية. ويعاني الاقتصاد الفلسطيني قبل جائحة كورونا، وهو ما يجعله يئن الآن تحت وطأة هذه الجائحة.

ودعا أشتية المانحين إلى دعم خطة الاستجابة الفلسطينية لمواجهة فيروس كورونا، والعمل على إعادة تخصيص أموال التنمية والتطوير لدعم الميزانية وتغطية نفقات الاحتياجات الصحية الطارئة ودعم الموازنة.

ورحّب رئيس الوزراء ببيان صدر مؤخرًا عن وزيرة الخارجية النرويجية، إيني إريكسون، التي تترأس لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة (AHLC)، والداعي إلى دعم ميزانية الحكومة الفلسطينية، والعمل على تلبية الأولويات الجديدة والناشئة بفعل الأزمة، وتوجيه الدعم أيضًا إلى "الأونروا" ومستشفيات القدس، وكذلك تكثيف دعمهم للقطاع الخاص وقطاع الأعمال.

وأظهرت تقارير سلطة النقد في العامين الماضيين، استمرار التباطؤ في الاقتصاد الفلسطيني؛ حيث وصلت نسبة النمو إلى 0.7 في المائة، بالقياس إلى 3.1 في المائة في العام 2017. وذلك على خلفية استمرار انكماش الاقتصاد في قطاع غزة، وتراجع زخم النمو في الضفة الغربية.

وفي الشهر الماضي فقط، أظهرت نتائج "مؤشر سلطة النقد الفلسطينية لدورة الأعمال" لشهر مارس (آذار) 2020، تراجعًا واضحًا في المؤشر الكلي إلى أدنى مستوى له، مسجّلًا نحو - 16.5 نقطة، أدنى بكثير من مستواه في الشهر المناظر من العام 2019. والبالغ نحو 2.9 نقطة.

وفي محاولة لتجاوز الأزمة بأقل تكلفة، حصلت الحكومة على دعم خارجي، وطلبت قرضًا قيمته "1.4" مليار شيكل، لمواجهة التراجع في الإيرادات العامة بسبب وباء "كورونا".

وبلغت حصيلة المساعدات ما لا يتجاوز 15 مليونًا، بما فيها 5.8 مليون دولار من البنك الدولي، لإسناد جهود الحكومة الفلسطينية في مواجهة تفشي فيروس "كورونا". لكن هذه المساعدات بدت متواضعة أمام الأزمة.

وقال الخبير الاقتصادي محمد خبيصة لـ"الشرق الأوسط"، إنها أرقام متواضعة للغاية، قياسًا بالحاجة. وأضاف: "الحكومة تحتاج ما لا يقل عن 120 مليون دولار شهريًا، من أجل سدّ الفجوة بين الإيرادات والنفقات".

وتابع: "مصادر الحكومة في السنوات الماضية كانت 85 في المائة ضرائب بأنواعها، إضافة إلى منح ومساعدات وإيرادات أخرى، لكن الآن الإيرادات غير واضحة، مع تعطل عجلة الإنتاج وتراجع حاد بالقوى الشرائية، ما ينعكس على الإيرادات الضريبية". وتوقع خبيصة ألا يدخل الحكومة أكثر من نصف نفقاتها.

وتنفق الحكومة شهريًا نحو مليار شيكل (الدولار يساوي 3.60) فيما يدخلها النصف فقط، وهو سيناريو مرشح لأن يسوء. ولم ينفِ رئيس الوزراء الفلسطيني وجود سيناريوهات أسوأ على المدى البعيد. وقال أشتية: "إنه يتوقع أن يرتفع عجز الموازنة إلى 1.4 مليار دولار، وفق التوقعات بفعل انخفاض الإيرادات لأكثر من 50 في المائة". وأضاف: "إن التقديرات الحكومية لقيمة الخسائر الإجمالية للاقتصاد الفلسطيني تبلغ 3.8 مليار دولار".

ويعود كل ذلك إلى فقدان السلطة نسبة كبيرة من أكبر دخل تعتمد عليه، وهي إيرادات المقاصة وفقدان نسبة كبيرة من الدعم الخارجي. وعلى الرغم من ذلك تبدو خيارات السلطة صعبة وشحيحة.

وقال خبيصة إن دول العالم تواجه الأزمة بطرق مختلفة، لكن أبرزها السحب من احتياطات النقد. وأضاف: "في الحالة الفلسطينية لا يوجد احتياط نقد، ولا توجد موارد للسيولة المالية، وهذا يجعل نسبة تضرر الاقتصاد أعلى من (دول الطوق)". وتوقع الخبير الاقتصادي أن تلجأ السلطة للاقتراض من الداخل والخارج حتى مع كلفة عالية، وقال إن أحد الحلول هو خفض أكبر للنفقات، بما يشمل التقشف وفتح باب التقاعد الاختياري لتخفيض فاتورة الرواتب.

وتشكل فاتورة الراتب العبء الأكبر على السلطة. ولمّح أشتية إلى أن السلطة قد لا تستطيع توفير كامل رواتب الموظفين في الشهور المقبلة، بعدما تم توفيرها كاملة هذا الشهر. وتقدر فاتورة رواتب الموظفين العموميين في السلطة الفلسطينية بنحو 550 مليون شيكل.

ووضع خبيصة خيارًا آخر ممكنًا، هو "إصدار سندات تباع محليًا فقط".

قد يهمك ايضاً :

إسرائيل تتوغّل في التجسس الإلكتروني بذريعة محاصرة "كورونا"

حرمان الهواتف الذكية من أي "إيموجيز" جديدة حتى 2022 بأوامر "كورونا"