"اليوم العالمي للقدس"

يستعد الفلسطينيون لإحياء "اليوم العالمي للقدس" اليوم، من خلال توجه عشرات الآلاف إلى مخيمات العودة المنصوبة عند نقاط التجمع الخمس قرب خط الهدنة لعام 1949 والسياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، وسط خشية من أن ترتكب قوات الاحتلال مذبحة جديدة شبيهة بالتي ارتكبتها منتصف الشهر الماضي. في المقابل، تترقب الدولة العبرية التظاهرة الحاشدة عبر مضاعفة قواتها عند الحدود والطلب من مصر التدخل لدى حركة "حماس"، التي تسيطر على القطاع، لعدم السماح بتدهور الأوضاع.

ويشارك الفلسطينيون اليوم، في "مليونية القدس"، التي دعت إليها "الهيئة العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار"، في ثالث أكبر تجمع خلال الأسابيع العشرة الأخيرة. وأتى التجمع الأول، الذي شارك فيه عشرات الآلاف، في 30 آذار (مارس) الماضي لمناسبة إحياء "يوم الأرض"، ليشكل نقطة البداية لانطلاق مسيرات العودة. أما التجمع الضخم الثاني، فكان في 14 أيار (مايو) الماضي تزامناً مع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإحياءً للذكرى السبعين لنكبة فلسطين العام 1948 وتهجير حوالى 700 ألف فلسطيني على يد العصابات الصهيونية.

ومع أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت أكثر من 120 متظاهراً نصفهم في ذكرى النكبة، وجرحت حوالي ثلاثة آلاف، إلا أن ذلك لم يمنع الفلسطينيين من التوجه يومياً، خصوصاً أيام الجمعة، إلى النقاط الخمس.ومثلما جرت العادة خلال الأسابيع الماضية، سيطلق الشبان الثائرون الذين يعبّرون بطريقة سلمية عن رفضهم الاحتلال والحصار، عشرات، بل ربما مئات الطائرات الورقية المشتعلة. وكما اكتشف الشبان الفلسطينيون خلال الانتفاضة الشعبية الكبرى الأولى (1987- 1993) أهمية الحجر كأداة بدائية كفاحية مؤثرة، وجدوا في مسيرات العودة "ضالتهم" المنشودة في الطائرات الورقية المحمّلة ذيولها بشعلات من نار.

وأحرقت هذه الطائرات آلاف الدونمات الزراعية الحقلية والحرجية في مستوطنات "غلاف غزة"، وكبّدت إسرائيل خسائر تُقدّر بعشرات ملايين الشواقل، لتعتبرها الدولة العبرية "عملاً إرهابياً" ويطالب مسؤولون بقتل مطلقيها من دون رحمة.ويخشى الفلسطينيون أن ترتكب قوات الاحتلال مذبحة جديدة اليوم، مماثلة لتلك التي ارتكبتها في الـ14 من الشهر الماضي، وراح ضحيتها 63 مدنياً فلسطينياً. ويتوقع أن تشن إسرائيل غارات جوية على القطاع ليلة السبت- الأحد ردًا على مسيرات اليوم.

وكانت حركتا "حماس" و "الجهاد الإسلامي" تعهدتا بالرد بإطلاق الصواريخ على المستوطنات في حال شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على القطاع، ما قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية واشتعال حرب في المنطقة، أكدت الفصائل وإسرائيل مرارًا وتكراراً أنها لا ترغب فيها.

وتتزامن "مليونية القدس" مع الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، ومع فعاليات يوم القدس العالمي التي تُنظم في عدد من دول المنطقة والعالم، في سياق آخر، أفادت مصادر عسكرية إسرائيلية بأن "التقديرات الاستخباراتية" تشير إلى أن اليوم سيشهد حشوداً جماهيرية ضخمة على الحدود، حيث قرر الجيش مضاعفة عدد قواته.ونسبت صحيفة "معاريف" اليمينية العبرية إلى تلك المصادر قولها إن منظمي المسيرات "يخططون لاستخدام العنف". وكشفت أن تل أبيب طلبت من مصر "التدخل لدى حركة حماس لاحتواء الموقف وعدم السماح بتدهور الأوضاع إلى حد انفجار مواجهة شاملة".

وأوضحت أن "التقديرات التي أعدّها الجيش واطلعت عليها الحكومة الإسرائيلية تفيد بأنه في حال تمت مهاجمة مطلقي الطائرات (الورقية) من الجو، فإن حركة حماس سترد بشكل فوري، ما يزيد من فرص اندلاع مواجهة شاملة". وأشارت إلى أنه "على رغم التهديدات التي يطلقها الوزراء الإسرائيليون، فإن الخوف من تبعات ردة فعل حماس أقنعت الحكومة بعدم تغيير أنماط الرد الحالي على هذا الخطر".

ولفتت إلى أن "إسرائيل ترى أن اندلاع مواجهة مع حركة حماس حاليًا لا يخدم مصالحها الاستراتيجية في ظل تعاظم المخاطر التي تشكلها الجبهة الشمالية" في إشارة إلى سورية ولبنان.وأفادت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية أمس، بأن الجيش "أدخل إلى الخدمة قبل أسبوع طائرات مسيّرة صغيرة تحمل سكاكين في أجنحتها، مهمتها قطع خيوط هذه الطائرات لإسقاطها" قبل أن تصل إلى المستوطنات المحاذية للقطاع.

وناقش الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف أمس، الأوضاع في غزة. وأكد أبو الغيط أهمية وجود تحرك دولي فعال لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة في حق الفلسطينيين وتحسين الوضع الإنساني في القطاع.وعرض ملادينوف خلال اللقاء، تقييمه لمجمل التطورات والاتصالات التي أجراها مع الأطراف المعنية، خصوصًا ما يتعلق بالمجزرة الإسرائيلية الأخيرة في غزة، معتبرًا أن هذه التطورات أوجدت مناخًا سلبيًا لا يخدم على الإطلاق هدف إحياء التسوية السياسية.