المجاعة في اليمن

يتافقم الوضع الإنساني في اليمن مع كل يوم حرب تمر فيها، و بات الوضع فيها على شفا مجاعة، فبعد نحو ثلاثة أعوام، من المعارك أصبح نحو تسعة ملايين يمني، لايعرفون من أين ستأتيهم الوجبة التالية. 

و كان ناصر الجرادي يتقاضى ثلاثة آلاف دولار قبل أن يسرح من عمله في القطاع الثاني والثلاثين في الشركة النرويجية لإنتاج النفط في حقول المسيلة في محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن ، و 

نأت المحافظة الساحلية من الحرب بين مليشيا الحوثي ، والقوات الحكومية، لكنها لم تستطع الهروب من الواقع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. 

و توقف نشاط الشركة النرويجية التي كان يعمل بها ناصر بسبب الحرب، بعد توقف تصدير النفط الخام من اليمن و كان يعيش ناصر في ترف وغناء، ويعتبر من الأشخاص المحظوظين حيث أن راتبه أكثر من مليون ريال يمني أي ما يعادل ثلاثة آلاف دولار ، ويعتبر من أعلى الرواتب.  

و لم يجد ناصر ما يعيل أسرته بعد توقف الشركة ، وباع كل مايملك لإيجاد الطعام والشراب له ولولده وبناته ، كما لم يجد ناصر عمل في مجاله النفطي ، أو عمل أخر يتمكن من إعالة أسرته، فإتجه إلى بيع الفحم، ليوفر المتطلبات الأساسية له ولإسرته. 

ويقول ناصر الجرادي الذي يعيل أسرة مكونة من تسعة أفراد أنه بات مهدد بالطرد من المنزل ، من قبل صاحب العقار الذي يملكه. 

وأضاف ناصر "لقد تراكمت عليا الديون ولم أجد القوت الضروري، وأصبح الكل يطالبني بحقه، وحاولت البحث عن عمل لكنني اعود خائبًا ". 

وتابع الجرادي" لا أجني أكثر من مائة دولار شهريًا، من بيع الفحم، لكنني أوفر الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للأسرة. 

و سرحت الشركة النرويجية للنفط  قرابة أربعمائة عامل يمني بعد أن توقف نشاطها في اليمن بسبب الحرب، التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة أعوام ولم يستلم الموظفين مستحقاتهم منذ أن توقف نشاط الشركة النرويجية حتى الوقت الحالي. 

و أكّدت منسقة الأمم المتحدة، للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز جراندي، أن ملايين اليمنيين، يعتمدون على وجبة واحدة من الأكل، كل يومين ، وأوضحت في بيان لها أن "8.4 ملايين من اليمنيين، لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم القادمة، وأن غالبيتهم يأكلون مرة واحدة كل يومين".

وأضافت أنه "لا يتوفر أيضًا إلى كثير من الأسر اليمنية سوى وجبتين كل أسبوع".

وحذرت المنسقة الأممية، من أثار القصف الجوي على أنظمة المياه والصرف الصحي في محافظة الحُديدة غرب اليمن ، مشيرة إلى وجود إصابات بمرض الكوليرا في المحافظة.

وأردفت «لدينا شركاء شجعان على الخطوط الأمامية يفعلون كل ما يمكن لمنع تفشي الكوليرا والاستعداد والاستجابة إلى الوباء إذا حدث».

ومضت بالقول، إن «الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأكبر في العالم، والعملية الإنسانية هناك هي الأكبر في العالم أيضًا».

وأشارت أن «75 % من كل المدنيين في اليمن، يعتمدون على شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، وهي نسبة لا توجد بأي دولة أخرى في العالم».

وشدّدت على أنه قد حان الوقت لأن توقف الأطراف المتصارعة، الأعمال القتالية، وتجد سبيلًا للتحرك قدمًا، وحلًا سياسيًا».

و أجبرت الحرب مواطنًا يمنيًا، على عرض قطعة من جسده لإعالة أسرته بعد أن ضاقت به السبل، ولم يجد ما يطعم أهله وأسرته. 

وعرض المواطن اليمني، كليته إلى البيع، من أجل توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الضرورية. 

  و ينتمي المواطن اليمني، غازي مرعي إلى محافظة حضرموت ، و قال في منشور على صفحته بالفيسبوك إنه أقدم على هذه الخطوة لشراء احتياجات أسرته من السلع الغذائية نظرًا لارتفاع أسعار المواد الأساسية.

ولاقت تلك الحادثة استهجانًا وغضبًا في الأوساط المجتمعية في حضرموت معربين عن تحمل حكومة الشرعية مسؤولية التدهور الحاصل في الخدمات والارتفاع الجنوني للأسعار في ظل انهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.

وارتفعت أسعار السلع الأساسية في اليمن بنسة 100%خلال الأيام الأخيرة، توازيًا مع ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني. 

وتشهد العملة المحلية تدهورًا حادًا مقابل العملات الأجنبية حيث وصل سعر الدولار الأميركي الواحد 540 ريالًا، فيما تشهد أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا جنونيًا، وسط استياء شعبي، وخوفًا من القادم المجهول. 

 و حمل السفير السعودي لدى اليمن والمدير التنفيذي لـ"مركز إسناد للعمليات الإنسانية الشاملة" ، محمد بن سعيد آل جابر ، الحوثيين مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في اليمن.

وأكد آل جابر أن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن أوضح إلى الأمم المتحدة أن رفض الحوثيين للحل السياسي يطيل أمد الأزمة الإنسانية التي نتجت عن انقلابهم على الدولة وقرارات مجلس الأمن وما اتفق عليه اليمنيون في عام 2014.

وتشهد اليمن حربًا عنيفة، منذ ثلاثة أعوام بين القوات الحكومية، ومسلحي جماعة الحوثيين، وسط أزمة إنسانية، واقتصادية لم تشهدها البلاد من قبل. 

وتستمر الحرب في البلاد منذ ثلاثة أعوام، وسط سقوط قتلى وجرحى بالعشرات، وركودًا كبيرًا في العملية السياسية.