الرياض _ عبد العزيز الدوسري
انتقلت الأزمة اللبنانية إلى المحافل الدولية بقوة، الثلاثاء، واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، البطريرك الماروني بشارة الراعي، في مكتبه في قصر اليمامة في الرياض، وذكرت "وكالة الأنباء السعودية" أنه "تم استعراض العلاقات الأخوية بين المملكة ولبنان، وتأكيد أهمية دور مختلف الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والسلام لشعوب المنطقة والعالم".
كما التقى البطريرك الراعي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ثم زاره في مقر إقامته رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، الذي غرد على "تويتر" مطمئنًا أنصاره: "أنا بألف خير وإن شاء الله راجع خلال يومين"، وقال الراعي من الرياض، التي أقام أميرها فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، مأدبة غداء على شرفه إنه سمع من الملك ومن ولي العهد "محبة لبنان بكيانه وشعبه وأرضه ولبنان التعددية والتلاقي، والمنفتح على كل الشعوب، ولبنان الحيادي".
وأضاف الراعي: "الملك لم يتوقف عن الحديث عن لبنان... وعن رغبته الكبيرة في دعمه الدائم للبنان. وتقديره الجالية اللبنانية التي تعمل في المملكة"، وأوضح ردًا على سؤال أنه "ولو مرت ظروف معينة، هي لم تؤثر في الصداقة الموجودة، وهذا ما سمعناه، سواء من الملك أو من ولي العهد وأمير الرياض"، واصفًا لقاءه مع الحريري بأنه "حلو كتير"، وقال إنه مقتنع بأسباب استقالته، ناقلًا عنه أنه سيعود إلى لبنان "بأسرع وقت وربما ونحن هنا يكون مشي".
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون تلقى دعمًا لجهوده من أجل معالجة الأزمة التي نجمت عن استقالة الحريري، من كل من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في رسالة نقلها إليه السفير الكويتي في بيروت عبدالعال القناعي، ومن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي معه، معتبرًا أن عودة الحريري "ستفسح المجال أمام مناقشة الأسباب والظروف التي رافقت إعلان الاستقالة ليبنى على الشيء مقتضاه".
وكان وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، الذي أوفده عون إلى أوروبا لإجراء لقاءات تتعلق بالأزمة، قد التقى في بروكسيل الممثّلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني التي نقل عنها المكتب الإعلامي لباسيل تأكيدها "ضرورة تأمين عودة الرئيس الحريري وعائلته إلى لبنان في الأيام المقبلة ما يساهم في تدعيم الاستقرار الداخلي".
ثم التقى باسيل في باريس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال في مؤتمر صحافي في السفارة اللبنانية إثر اللقاء، إنه شكر للرئيس الفرنسي المبادرة التي قام بها تجاه لبنان حيال الوضع غير الطبيعي والاستثنائي، متابعًا: "الرئيس الفرنسي أظهر أنه قائد سياسي مميز، بإمكانه أن يأخذ مبادرات تتعلق بالحقوق السياسية في مصير الشعوب والحريات العامة والمبادئ التي ترعى العلاقات بين الدول، وفرنسا تعود إلى أخذ الدور الطليعي".
وتابع باسيل: "أكدنا أن لبنان يريد أن يكون قراره حرًا فهو يصنع سياسته الداخلية والخارجية بإرادة شعبه وحكامه المنتخبين من الشعب. وعلى هذا الأساس يريد العيش في سلام مع جواره ومنطقته وجيرانه الأوروبيين، ولبنان يصدّر السلام والثقافة لا الإرهاب، ولا يرسل مشاكل إلى الدول الأخرى ولكنه يسعى فقط إلى العيش بسلام مع محيطه ولا يحب أن يتدخل أحد في شوؤنه، كما أنه لا يريد الاعتداء على أحد، وفرنسا أكدت حرصها على استقلال لبنان وسيادته ومنع ما يمس هذا الاستقرار لأنه يعني المنطقة كلًا وأوروبا".
وقال باسيل: "نحن وفرنسا بانتظار عودة الرئيس الحريري إلى بلده كما وعدَنا حتى نخرج من هذا الوضع غير الطبيعي الاستثنائي ونعود إلى وضع طبيعي، فرئيس حكومة لبنان يمثل كل اللبنانيين، وكل اللبنانيين يُبدون تمسكهم بعودته إلى بلده بحسب الأصول الدستورية على أن يقوم بكل ما يريده بحرية، وبعد ذلك نفتح مرحلة جديدة للبحث عن الحلول لأي مشكلة تعترضنا إن كان بهواجس اللبنانيين أو بحلول لها أو المسار الدستوري الذي ينبغي اعتماده بعيدًا من الفراغ والفوضى، على أن تنتظم الحياة السياسية وتتم الانتخابات في أيار/ مايو، وأبدت فرنسا لنا كل الدعم لذلك، واتفقنا على أن نتابع ذلك بكل الأطر"، مضيفًا: "لبنان لا يزال مصرًا على الإطار الثنائي للعلاقات الطيبة بين لبنان والسعودية والتي تسمح لنا بأن نجد حلًا لهذه المشكلة، ويترجَم ذلك بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان".
ورفض تهام لبنان بشن حرب على السعودية بسبب الصاروخ الذي أطلق من اليمن على مطار الرياض، وقال: "لبنان يريد أن يعيش بسلام، وإذا كانت هناك من مشكلة مع إيران فلتُحل بين السعودية وإيران"، وأكد أن "لبنان لا يريد أي أذى للملكة العربية السعودية أو أي تدخل في شؤونها، لكننا نريد أن نحفظ لبنان وسيادته وحريته، ولا مبرر لأن نكون في هذا الوضع الاستثنائي معها ونريد أن نحل المشكلة وما زال الوقت متاحًا لتُحل من باب الأخوة".
وغرد القائم بالأعمال السعودي في بيروت الوزير المفوض وليد بخاري ببيت شعر قائلًا: "لبنان أرض الحجى (العقل) هل للحجى أجل... قد حان في جدل أم جاءنا الأجل".